في تحول اقتصادي ملفت للأنظار، حققت المملكة العربية السعودية إنجازًا تاريخيًا خلال العام 2023، إذ باتت الأنشطة الاقتصادية غير النفطية تشكل نصف الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للمملكة، مسجلةً أعلى مستوياتها على الإطلاق. هذا الإنجاز يعد شاهدًا على بزوغ فجر جديد في اقتصاد المملكة، يعتمد على التنويع والاستدامة بعيدًا عن الاعتماد الكلي على النفط. من خلال تحفيز قطاعات حيوية مثل التقنية، السياحة، الترفيه، والتصنيع، تؤكد المملكة على رؤيتها الاستراتيجية لتحقيق اقتصاد متعدد الأوجه يلبي تطلعاتها الطموحة ضمن خطة رؤية السعودية 2030. تتضمن هذه الرؤية برامج تهدف إلى تعزيز مساهمة القطاعات غير النفطية في الناتج الاقتصادي، بما يضمن مستقبلًا مزدهرًا ومستدامًا للمملكة ومواطنيها. البيانات المعلنة تعكس النجاح الكبير الذي تحقق في هذا المجال، حيث بلغ حجم الاقتصاد غير النفطي 1.7 تريليون ريال بالأسعار الثابتة في العام 2023، مدعومًا بالاستثمار والاستهلاك المتزايد، فضلًا عن نمو ملحوظ في الصادرات. الثقة في الاقتصاد السعودي تتجلى أيضًا في النمو غير المسبوق للاستثمار غير الحكومي، الذي شهد زيادة بنسبة 57 % على مدار العامين الماضيين، ليبلغ ذروته بمقدار 959 مليار ريال في العام 2023. الفنون والترفيه، بالإضافة إلى الخدمات الاجتماعية كالصحة والتعليم، تميزت بنمو استثنائي، مع تسجيل الصادرات الخدمية، بما في ذلك إنفاق السياح الوافدين، نموًا تاريخيًا بنسبة 319 % خلال العامين الأخيرين. هذه الأرقام لا تعكس فقط تحول المملكة إلى وجهة عالمية للسياحة والترفيه، بل تؤكد أيضًا على التزامها بمسار التنويع الاقتصادي. يسهم هذا التحول الكبير في الاقتصاد السعودي في خلق فرص عمل جديدة، جذب الاستثمارات الأجنبية، وتعزيز الابتكار عبر مختلف القطاعات. هذا لا يؤكد فحسب على الدور الريادي الذي تقوم به المملكة في سعيها نحو تحقيق تنمية شاملة ومستدامة، بل يضمن أيضًا الاستفادة القصوى للوطن والمواطن من هذا التحول الاقتصادي. بالتزامن مع هذه التطورات، تُظهر المملكة اهتمامًا بالغًا بتحسين بيئة الأعمال وجذب الاستثمارات الخارجية، من خلال تسهيل الإجراءات وتقديم حوافز للمستثمرين. هذه السياسات تسهم في تعزيز مكانة السعودية كمركز اقتصادي محوري على الصعيد العالمي. إلى جانب ذلك، تعمل المملكة على تحسين مستوى معيشة مواطنيها من خلال الاستثمار في البنية التحتية والخدمات العامة، مثل التعليم والصحة، إلى جانب تطوير مشاريع كبرى تسهم في تعزيز السياحة والترفيه داخل البلاد. هذه المشاريع لا تسهم فقط في تنويع الاقتصاد، بل تعمل أيضًا على تعزيز الهوية الثقافية والتاريخية للمملكة. في ضوء هذه الإنجازات الكبيرة، يظهر جليًا أن المملكة العربية السعودية تسير بخطى ثابتة نحو تحقيق رؤيتها الطموحة لعام 2030. من خلال التركيز على التنويع الاقتصادي والابتكار، تضع المملكة نفسها كنموذج يحتذى به في التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة، مؤكدة على أهمية الاستعداد للمستقبل وضمان الازدهار لأجيالها القادمة.