برع الشاعر الراحل علي بن بلال اليامي في تسطير رائعة شعرية؛ كان من نصيبها الخلود في صفحات الأدب بسبب جزالتها وجمالها الأسلوبي، وأكثر ما تفردت به نَفَسُها الطويل، وموضوعها الشيق الذي حلّاهُ أسلوبُها الجذاب، حتى باتت من عيون الشعر الشعبي، ومن القصائد الرائعة والمحفوفة بالكمال والجمال. وقد اختار الراحل «ملحمة الإبل» عنواناً لقصيدته، حيث كانت سفينة الصحراء موضوعاً لقصيدته الشعبية الملحمية التي لم تتوقف عن إذهال الوسط الأدبي حتى الساعة، كما يُعدّ هذا الموضوع متجذراً في الثقافة السعودية، ومرتبطاً بعادات وماضي المجتمع، الذين تشاركوا مع الإبل كافة جوانب حياتهم، لتطلق وزارة الثقافة على عام 2024م مسمى «عام الإبل» تكريماً لهذا العنصر الثقافي ودوره التاريخي. كما أن هذه الرائعة الشعرية تفردت بالوصف الدقيق والتشبيهات المثالية، علاوةً على الإلمام والاستقصاء والتقاط الجوانب التاريخية للإبل، والمنافع المنعكسة منها، مُعرِّجةً على أعمارها، وصفاتها، وحركاتها؛ حتى كانت مرجعاً لعشاق الإبل على وجه الخصوص، ووثيقةً أدبية لمتذوقي الأدب على وجه العموم. وأوضح الشاعر في «ملحمة الإبل» أهميتها ودورها المفصلي منذ فجر الإنسانية، قائلاً: هذي حلايب الأنبياء والمرسلين وهي الركايب للأشدّة والضعين وهي الجلايب عند فرغات اليدين وهي الوقار ليا أقبلوا ضيفانها ويرى أن ثنائية الشعر والإبل لا يمكن أن تنضب، وذلك في قوله: والشعر مع سفن الصحاري له مدار أحل وأفضل ما مشى فوق الديار ولأنها مهور النساء، وأنفس الهدايا، جاء على ذكر ثمنها المعنوي العالي في نفوس العرب، إلى جانب أنها تضفي مهابةً لمالكها. وهي الهدايا التي تسكت كل فم وهي الكبارة للزعيم ليا زعم ولم ينس إدرارها اللبن الذي هو الغذاء الأساسي لأبناء البادية. واحلب وحين وانتبه لحوارها لولا لبنها من يعيش صغره وفي هذا البيت يتطرق إلى نبرة «أخ» التي يصدرها من صوته كي تمتثل الإبل للبروك، إذ إن بينها وبين مالكها أصواتٌ يوصل من خلالها ما يريده؛ وبالنسبة إليها تدرك ما يرغب به. لو من بعيد (أخ) أبركي تبرك شمام مثل الرهينة في طلب رهَّانها أما هنا فيُشبّه بروكها بجلوس الأسد، مستعيراً تمر الخلاص الذي يُشبّهه بعينيها، ثم يتناول نهوضها الذي تبدو على إثره وكأنها لُسعت بشرارة كهربائية. خلود أسد وعيونها مثل الخلاص وكنها ليا قامت على كهرب وماص ولذلك تُعتبر هذه اللوحة الشعرية من روائع الأدب وإحدى ثماره اليانعة، يُقرأ فيها ما هو بليغ الوصف، وساحر الفكرة، حتى صارت نبراساً في مجالها، بعد أن صعد شاعرُها معارج الإبداع، وأخرج قصيدة تزينت بوحدة الموضوع وتعدّدية الزوايا، حيث كانت الإبل مغزى القصيدة، وبطلة مضمونها وزُخرف معانيها ودهشة سامعيها. هي الركايب للأشدّة والضعين واحلب وحين وانتبه لحوارها الشعر مع سفن الصحاري له مدار