في خضم التنامي الاقتصادي العالمي وتوسّع دائرة التعاون الدولي، تبرز مكانة المملكة العربية السعودية كلاعب رئيس في ساحة التجارة العالمية، وترتقي بمكانتها الاقتصادية إلى آفاقٍ أوسع؛ وفي هذا السياق المتجدد، تُشكّل السوق الإفريقية التي تتوجه الأنظار نحوها، محطةً مهمةً على خريطة الصادرات السعودية غير النفطية، حيث تتجلّى فيه الفرص الاقتصادية وتتنامى به الروابط التجارية الواعدة. العلاقات الإستراتيجية والتجارية والاقتصادية بين المملكة وإفريقيا علاقات متأصلة ومتينة، فالمملكة تعد أكبر اقتصادٍ في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وهي أسرع اقتصادات مجموعة العشرين نموًا في 2022م، أما القارة السمراء فهي تتمتع بإمكاناتٍ ضخمة، إستراتيجيًا واقتصاديًا وبشريًا، كونها ثاني قارات العالم من حيث المساحة والسكان وحجم اقتصادٍ يقارب 3 تريليونات دولار، لذا تسعى حكومة المملكة ودول الاتحاد الإفريقي إلى تعزيز هذه العلاقات وتنميتها بما يكفل للجميع التقدّم والازدهار. ولأجل ذلك اتخذت هيئة تنمية "الصادرات السعودية" مسارًا جادًّا نحو القارة الإفريقية متجاوبةً فيه مع احتياجات أسواقها المتنوعة وتطلعاتها المستقبلية، حيث تُلقي الهيئة اهتمامًا كبيرًا لجميع النواحي سعيًا لترسيخ جسور التعاون الاقتصادي وتعزيز الصادرات السعودية غير النفطية وإيصال المنتجات والخدمات السعودية للسوق الأفريقي الواعد. ومن أبرز المنجزات المحققة، تسجيل الصادرات السعودية غير النفطية للقارة الإفريقية خلال الأعوام الخمسة الماضية (2019 - حتى نوفمبر 2023م) أكثر من 128 مليار ريال سعودي تصدّر قائمة القطاعات غير النفطية قطاع الكيماويات والبوليمرات بصادرات تجاوزت 83 مليار ريال سعودي، يليه قطاع مواد البناء بصادرات تجاوزت 10 مليارات ريال سعودي، ثم قطاع التعبئة والتغليف بصادرات تجاوزت 9 مليارات ريال سعودي، وكانت أعلى المنتجات تصديرًا البولي بروبيلين والبولي ايثيلين والأسمدة كما تصدّرت قائمة الدول الإفريقية المستوردة للمنتجات السعودية مصر والجزائر وجنوب إفريقيا والمغرب والسودان وكينيا ونيجيريا، وتجاوز عدد الدول الإفريقية التي تم التصدير لها 55 دولة. يشار إلى أن "الصادرات السعودية" توظف جهودها وتسخّر إمكاناتها كافة لإيصال المنتجات والخدمات الوطنية للأسواق الإفريقية وزيادة حجم الصادرات غير النفطية للقارة الإفريقية، ومن ذلك تنظيمها لعددٍ من البعثات التجارية إلى مجموعة من الدول الإفريقية منها جنوب إفريقيا وكينيا ومصر والمغرب وليبيا بمشاركة مجموعة من الشركات السعودية من مختلف القطاعات بهدف تنسيق اجتماعات مطابقة الأعمال بينهم وبين المشترين المحتملين في تلك الأسواق لعقد الصفقات التجارية. إلى جانب المشاركة في العديد من المعارض الدولية المتخصصة في القارة الإفريقية في مصر والمغرب وكينيا والسنغال ونيجيريا لمساعدة المصدرين السعوديين على عرض منتجاتهم وخدماتهم أمام المهتمين والزوار وعقد الصفقات التجارية التي توسع من نطاق صادراتهم. ومن المعارض التي تعتزم "الصادرات السعودية" المشاركة بها هذا العام معرض الأغذية الإفريقي 2024 ومعرض باك بروسس الشرق الأوسط وإفريقيا 2024 في مصر، ومعرض البناء الإفريقي 2024 في كينيا، ومعرض جايتكس إفريقيا 2024 في المغرب، علمًا أن التسجيل بهذه المعارض متاح للشركات الراغبة عبر البوابة الإلكترونية للهيئة. كما تسعى "الصادرات السعودية" لرفع جاهزية المصدرين وتزويدهم بالمعلومات والدراسات اللازمة وبحث فرص التصدير عبر تقديم دراسات وتقارير متخصصة عن الدول والسلع مما يساعدهم على فتح أسواق جديدة وإيجاد فرص تصديرية مناسبة بالقارة الإفريقية إلى جانب اهتمام الهيئة بتطوير قدرات المصدرين عبر تنظيم ورش عمل ودورات تدريبية متنوعة مثل ورشة عمل " تمكين الصادرات في باكستانوجنوب إفريقيا وإثيوبيا وكينيا ونيجيريا" وورشة عمل "تمكين الصادرات في دول شمال إفريقيا مصر والمغرب والجزائر وتونس" اللتين تم عقدهم افتراضيًا هذا العام. وتحرص "الصادرات السعودية" كل الحرص على تمكين المصدرين وحلّ جميع التحديات التي تواجههم في رحلتهم إلى السوق الإفريقي، حيث عملت بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة، على معالجة أكثر من 270 تحديا واجه المصدرين لإفريقيا وأبرزها القيود الجمركية وغير الجمركية، والتحديات المالية واللوجستية. وتعد جهود "الصادرات السعودية" استكمالاً لجهود المملكة في تعزيز العلاقات السعودية الإفريقية، حيث عقدت القمة السعودية الإفريقية بتاريخ 26 / 4 / 1445ه الموافق 10 / 11 / 2023م بناءً على دعوة كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - بمدينة الرياض، بهدف تطوير العلاقات بين الجانبين في مختلف المجالات، وتعزيزاً لأواصر التعاون المشترك، والارتقاء بعلاقات الشراكة الإستراتيجية بين الجانبين، وتثمينًا للروابط التاريخية بينهما ونتج عن هذه القمة إطلاق خريطة طريق للتعاون بين المملكة والدول الإفريقية، أطّرت للشراكة الإستراتيجية التي ترتكز على علاقات تاريخية عميقة بينهم، واحتفت بالتبادل التجاري بين المملكة وإفريقيا الذي نما بشكل ملحوظ خلال السنوات الخمس الماضية، لا سيما في التجارة غير النفطية، ولم تقتصر القمة على الإشادة بالماضي، بل قدمت أيضًا رؤية مستقبلية للتعاون بين الطرفين، حيث أعلن سمو ولي العهد - حفظه الله - عن حزمة من الاستثمارات، بما في ذلك تخصيص 25 مليار دولار للاستثمار في مختلف القطاعات في القارة الإفريقية، وتمويل وتأمين صادرات بقيمة 10 مليارات دولار، بالإضافة إلى تقديم 5 مليارات دولار كتمويل تنموي على مدى السنوات الست القادمة. وشهدت القمة توقيع أكثر من 50 اتفاقية ومذكرة تفاهم بقيمة تجاوزت 500 مليون دولار.