كان الاهتمام بالثقافة والإبداع يجد الدعم والتشجيع منذ بدايات انتشار التعليم النظامي، وكانت وزارة التعليم -وزارة المعارف- عند تأسيسها تعمل على دعم المثقفين وتدعو إلى نشر الثقافة بين منسوبيها، خاصةً من طلبتها، لذلك ساهمت ومنذ البدايات في عمل مسابقات ثقافية بين المدارس في البلدة الواحدة يشارك بها الطلاب وخصوصاً الثانوية، ثم باتت تجرى مسابقات بين المدارس على مستوى إدارات التعليم في كافة مناطق المملكة، ثم زاد الاهتمام بإجراء مسابقات أشمل في كافة التخصصات العلمية وكذلك الأعمال المسرحية والرياضية والأدبية، ورصدت لذلك الجوائز بشقيها المادية والعينية، وزاد التنافس بين الطلبة، مما أظهر الكثير من المواهب التي صقلتها تلك المسابقات ودعمتها في استمرار نموها ووصول الموهوبين إلى مراكز متقدمة في حياتهم العملية مستفيدين من تلك التجربة الجميلة والدعم الذي أوصلهم إلى تحقيق أمنياتهم وتطلعاتهم في الحياة، حيث لا يخفى على أحد أهمية دور المسابقات العلمية في تحفيز الطلبة على التعلم والبحث والدراسة، مما يُؤدي إلى زيادة التحصيل العلمي، ذلك أن المسابقات العلمية تُشعل فتيل المنافسة، ليس بين صفوف الطلبة أو بين المعلمين، بل وبين المجتمعات المدرسية ككل، فالإدارات المدرسية وأولياء الأمور والمعلمون يتكاتفون لتحفيز الطلبة وتقديم العون لهم لخوض المسابقة وبذل أقصى ما لديهم لنيل شهادات وجوائز التفوق، كما أن للمسابقات العلمية أثراً إيجابياً في المنظومة التعليمية، فهي تؤدي إلى تحفيز الطلبة على التعلم والإبداع والابتكار. وتكتسب المسابقات في مجال النشاط المدرسي أهمية خاصة؛ ذلك لأن المسابقات عبارة عن شحذ للهمم واستنهاض لها ولون من ألوان تنمية القدرات وبناء الثقة بالنفس، إذ تعطي للمشارك الفرصة لاختيار ما يوافق قدراته ويشبع ميوله ويواكب مداركه واستعداده الشخصي، فتبرز مواهبه ومهاراته العقلية والعلمية، وبعد فترة من الزمن بات الاهتمام بالثقافة مسؤولية مشتركة بين عدد من الجهات الحكومية مثل الرئاسة العامة لرعاية الشباب -وزارة الرياضة حالياً- ووزارة الإعلام -وزارة الثقافة حالياً-. تنمية قدرات ولاتزال المسابقات هي الطريق الأمثل لتنمية القدرات وإشعال المنافسة بين المتسابقين من أجل التميز والإبداع والابتكار؛ لأن المدرسة هي أول خطوات النشء للتعلم واكتساب المهارات، وقد كانت المسابقات المدرسية منذ البدايات هي أول تجربة يمر بها أي شخص يبحث عن التميز والإبداع بل والابتكار، وحتى في التقدم إلى الوظائف كانت تجرى مسابقات وظيفية فيما مضى بين المتقدمين من أجل الحصول على الوظيفة وأن يكون الاختيار مبنياً على المهارات التي يمتلكها المتقدم والتي ستعينه على أداء عمله على الوجه المطلوب، ومع تقدم الزمن باتت المسابقات تجريها العديد من الجهات الحكومية وذلك من أجل صقل المواهب واكتشاف الموهوبين، وكذلك الترفيه، وقد أدت تلك المسابقات في حينها وعلى الرغم من تواضعها دورها في ذلك الوقت، وقد ظلت تلك المسابقات عالقة في ذاكرة جيل الأمس القريب مثل مسابقات فوازير شهر رمضان للصغار والكبار مسابقات (لمن الكأس)، و(بنك المعلومات) وغيرها من المسابقات التلفزيونية التي كانت تشد انتباه المشاهدين وتجعلهم يتسمرون أمام الشاشة الفضية بما تبثه من حماس مشوق. مبادرة ثقافية واستمراراً في دعم المسابقات ورصد الجوائز للفائزين بها فقد ظهرت مبادرة الجوائز الثقافية الوطنية، وهي مبادرة ثقافية أطلقتها وزارة الثقافة عام 2020م ضمن برنامج جودة الحياة، وهو أحد برامج تحقيق رؤية المملكة 2030، وانطلقت المبادرة بعدد 14 جائزة ثقافية تقدمها الوزارة لتكريم المبدعين في المجال الثقافي، وتمنح سنوياً لأهم الإنجازات الثقافية التي يحققها الأفراد السعوديون أو المؤسسات الثقافية الناشطة في السعودية، وتهدف المبادرة إلى تشجيع المحتوى والإنتاج الثقافي لخدمة القطاعات الثقافية الستة عشر في وزارة الثقافة، وفي ليلة تكريم الفائزين في الدورة الثانية 2022 أعلن وزير الثقافة الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان آل سعود عن استحداث "جائزة التميز الثقافي الدولي" ابتداءً من الدورة الثالثة مع بدء أعمال الدورة الثالثة من الجوائز الثقافية الوطنية، حيث استحدثت جائزة سيدات ورجال الأعمال بداية عام 2023، لتكريم المساهمات الثقافية لسيدات ورجال الأعمال. تشجيع المحتوى وتهدف المبادرة إلى تشجيع المحتوى والإنتاج الثقافي لخدمة القطاعات الثقافية الستة عشر في وزارة الثقافة، والاحتفاء والتكريم لأهم الإنجازات الثقافية الوطنية التي تتحقق كل عام، وتشجيع وتحفيز الإنتاج الثقافي بالدعم والتمكين المادي وغير المادي، وتسليط الضوء على المواهب الثقافية الوطنية وإبراز إنتاجها الثقافي محلياً ودولياً، إضافةً إلى تشجيع المشاركة المجتمعية بالتفاعل مع الساحة الثقافية من خلال متابعة مراحل الجوائز الثقافية، وتكريم رواد القطاع الثقافي وتقدير جهودهم المبذولة في خدمة قطاع الثقافة عبر مختلف الأجيال، وكذلك تحفيز القطاع الخاص والمؤسسات غير الربحية لتبني وتطوير المواهب الثقافية من خلال برامج خاصة، إلى جانب تحفيز التنافس في الساحة الأدبية وتسليط الضوء على أهم نتاجاتها بما يخدم المشهد الثقافي المحلي، وينقله إلى المستوى العالمي، واكتشاف المواهب الأدبية المميزة ودعمها وتشجيعها على الاستمرار في التطور، وتمكين النتاج الأدبي ذي القيمة العالية والجودة الفنية سعياً لرفع الذائقة الأدبية العامة. تكريم المبدعين وتتعدد الجوائز الثقافية الوطنية والتي تأتي ضمن المبادرة الثقافية التي أطلقتها وزارة الثقافة بعدد 14 جائزة ثقافية تقدمها الوزارة لتكريم المبدعين في المجال الثقافي وهي: "جائزة الأدب" وتهدف إلى تكريم أصحاب الإنتاجات الأدبية المميزة في الشعر، والرواية، والقصة القصيرة، والدراسات النقدية، و"جائزة النشر" وتهدف الجائزة لتكريم والاحتفاء بدور النشر المحلية وأصحاب الابتكارات في مجال النشر، وتقديم الدعم المادي والمعنوي لدور النشر المميزة وأصحاب الابتكارات الرائدة في الساحة الثقافية السعودية، و"جائزة الترجمة" وتهدف إلى تشجيع الترجمة وتكريم المترجمين، والاحتفاء بالأعمال الأكثر تميزاً في هذا القطاع، لما للترجمة من أثر استثنائي في التبادل المعرفي ومد جسور التواصل بين مختلف الثقافات، وكذلك جائزة "الأزياء" وتهدف إلى تكريم مصممي ومصممات الأزياء الذين قدموا أكبر الإسهامات في قطاع الأزياء والترويج للثقافة السعودية محلياً أو عالمياً، و"جائزة الأفلام" وتهدف إلى تكريم المبدعين الذين شكّلوا حراكاً وأثراً إيجابياً في مجال صناعة الأفلام السعودية، خلال العامين المنصرمين لتسليط الضوء على المبدعين في المجال وإيصالهم لجمهورٍ أوسع، من أجل إثراء المحتوى السينمائي المحلي، إضافةً إلى جائزة "التراث الوطني" وتهدف إلى التعريف بالثقافة السعودية وجعلها ثقافة عابرة للقارات من خلال الاحتفاء بكل من أبرز الهوية السعودية بشكل لائق، كما تهدف إلى تكريم الأفراد والمنشآت التي ساهمت في حماية التراث، والحفاظ عليه. تكريس الجهود ومن الجوائز الثقافية الوطنية جائزة "الموسيقى" وتهدف إلى تكريم رواد القطاع الموسيقى والمشتغلين فيه خلال العامين المنصرمين، من معلمين، وعازفين، ومغنين، ومؤلفين، وملحنين، تكريساً لجهودهم وإبداعاتهم، وتعزيزاً لمكانتهم المحلية، ودعماً لخطواتهم المقبلة في طريقهم إلى العالمية، وجائزة "الفنون البصرية" وتهدف إلى تكريم الفنانين السعوديين الذين قدموا أعمالاً مميزة في قطاع الفنون البصرية على مدار الأعوام الخمسة المنصرمة، وتسليط الضوء على أعمالهم، ودعمهم مادياً ومعنوياً، وجائزة "المؤسسات الثقافية" وتهدف إلى تكريم المؤسسات الثقافية في القطاعين الخاص وغير الربحي، وتسليط الضوء على دورها الفاعل في خدمة الثقافة في المملكة، ودعمها مادياً ومعنوياً لتعزيز ما تنتجه من أنشطة ومبادرات نوعية، وأداء مميز، وتفعيل دورها وإسهاماتها في تحقيق الأهداف المرتبطة بالثقافة في رؤية المملكة 2030، وكذلك جائزة "المسرح والفنون الأدائي" وتهدف إلى تكريم الأفراد والفرق المسرحية المحلية، أو مؤسسات الإنتاج المشتغلة في قطاع المسرح والفنون الأدائية على جهودهم وإسهاماتهم في هذا القطاع خلال الخمسة الأعوام المنصرمة، وجائزة "فنون الطهي" وتهدف إلى تقديم التقدير والاستحقاق للأسماء التي ساهمت في إثراء هذا المجال وصنع التأثير الملموس، من خلال تكريم الطهاة أو المطاعم التي قامت على مدى العامين المنصرمين بتقديم مساهمة مميزة في مختلف مجالات فنون الطهي. حراك ملموس ومن الجوائز الثقافية الوطنية جائزة "فنون العمارة والتصميم"وتهدف إلى تسليط الضوء على أفضل المشاريع المعمارية وفنون التصميم خلال الأعوام الخمسة المنصرمة، والتي ساهمت في ترك أثر بنّاء طويل الأمد، ونتج عنها بيئة إيجابية ومحفّزة لرواد هذا القطاع، وجائزة "شخصية العام الثقافية" وتمنحها وزارة الثقافة بناءً على إسهامات الشخصية في إثراء وتطوير أحد القطاعات الثقافية، ودورها في زيادة الوعي الثقافي، وقدرتها على صناعة حراك ثقافي ملموس، إلى جانب جائزة "الثقافة للشباب"، وجائزة "التميز الثقافي الدولي"، وجائزة "سيدات ورجال الأعمال"، وهي جائزة تُعنى بتكريم وتقدير مساهمات سيدات ورجال الأعمال الداعمين للنشاط الثقافي في جميع القطاعات الثقافية الفرعية في عموم مناطق المملكة، وتكون آلية المشاركة والترشيح في هذه المجالات عن طريق الترشيح من خلال المنصة الإلكترونية بشكل مباشر من قبل المشارك، أو أن يتم الترشيح من قبل الآخرين، أو أن يتم الترشيح من قبل لجان مختصة من وزارة الثقافة. المدارس منذ البدايات شجعت على مسابقات التميز والتفوق مسابقات لإثراء المعرفة لدى أفراد المجتمع تعزيز القدرات الإبداعية ومن ثم تكريمها