في اليوم السادس عشر من شهر ربيع الأول في العام 1438ه. صدر أمرٌ سامٍ كريم يقضي بالموافقة على مشروع تحول جميع الجهات الحكومية من تطبيق الأساس النقدي إلى أساس الاستحقاق المحاسبي. ويأتي مشروع التحول هذا انسجاماً مع المعايير المتبعة دولياً في إدارة القطاع العام وتعزيز المركز المالي للحكومة، وفي هذا تحقيقٌ لأهم أهداف المملكة في رؤيتها المباركة 2030 القاضية بضرورة تعزيز الشفافية المالية والإدارة الحصيفة لاقتصاد المملكة. وأول خطوة في رحلة التحول إلى (أساس الاستحقاق المحاسبي) هي القيام بحصر ما تملكه الدولة من الأصول كافة، وتقييمها بشكل كامل ودقيق حسب منهجية منضبطة قامت بتحديد معالمها لجنةٌ مالية بالديوان الملكي، وذلك يعني أن المشروع يخضع للمتابعة الدقيقة من القيادة الكريمة ومتابعة مُباشرة من سمو ولي العهد الأمين. إن التحول إلى أساس الاستحقاق المحاسبي وما يقتضيه من حصر لأصول الدولة كافة سوف يضمن توفير بيانات حقيقية ودقيقة عن حجم المركز المالي للدولة، وعن مستوى التدفقات النقدية للجهات الحكومية، وفي هذا تعزيزٌ للرقابة على إيراداتها ومصروفاتها، وإضاءةٌ لطريق المسؤول ليتمكن من اتخاذ قرارته المالية حسب معطيات شديدة الوضوح. وإن من فوائد الإحاطة بأصول الدولة كافة ومعرفة قيمتها بشكل دقيق، أنها تُمَكِّنُ المنظمات الدولية من قياس التصنيف الائتماني للمملكة بشكلٍ واضحٍ وشفّاف مما ينعكس على موثوقية المملكة الائتمانية في تعاملاتها المالية مع الكيانات الاقتصادية في العالم كله. ومن الفوائد البالغة الأثر لمشروع التحول هذا؛ أنه سوف يمنح القائمين على برامج التخصيص أرقاماً دقيقة عن قيمة أصول المُنشآت والمرافق الحكومية المُراد تخصيصها مما يعزز العدالة والنزاهة في عمليات التخصيص. وإن النتيجة المأمولة، والفائدة المُنتظرة لهذا المشروع هي المزيد من الكفاءة في الإنفاق العام للدولة، وزيادة مستوى الضبط في ميزانياتها، وقوة في الأداء المالي والإداري للحكومة. وهذا ما تستحق المملكة العربية السعودية أن تصل إليه باعتبارها دولة ذات مكانة اقتصادية كُبرى، زاخرة بالثروات المتنوعة، ومكانة دينية عظيمة تتمثل في احتضانها للمقدسات ورعاية الحجاج وزوار الأماكن المقدسة، هذا فضلاً عن مكانتها السياسية الرفيعة ورأيها الذي يحترمه العالم في القضايا الإقليمية والدولية كافة. ولا يغيب عن الأفهام أن الإدارة المالية الحكيمة وحسن التصرف في أملاك الدولة من السمات البارزة في شخصية ولي العهد الأمين.. وذلك إيماناً منه بأنه مؤتمنٌ على وطنٍ عظيم مكانُهُ الصدارة بين الأمم في السياسة والاقتصاد، وفي كل شيء.