لا تعيش شركة بوينغ الأمريكية أفضل أوقاتها في ظل الأزمات المتلاحقة التي تطاردها، فمنذ عام 2017 بدأت الشركة تعاني بشكل سنوي تقريبا من حوادث واستجوابات وتحذيرات مقلقة، ففي عام 2017 تحطمت إحدى طائراتها في إندونيسيا مخلفة أكثر من 189 قتيلا، وتوالت الأزمات بعد ذلك على بوينغ ما بين تحطم طائرة أخرى في إثيوبيا، ووقف تسليم طائرات لها بسبب مشاكل في الكهرباء، وسلسلة من الدعاوى القضائية، انتهاء بباب طائرة خطوط ألاسكا الذي انخلع خلال تحليق طائرة 737 والهبوط الاضطراري لطائرة بوينغ 747 "أطلس أير" بسبب خلل في إحدى محركاتها. هذه الأزمات المتلاحقة أثرت بشكل حاد على سمعة أحد عمالقة صناعة الطيران في العالم، والتي يقال إن أحد أسبابها، حسب تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال إلى الإفراط في الاستعانة بالمصادر الخارجية، وتشير الصحيفة إلى تقرير "ورقة بيضاء" قدمها مهندس الطيران جون هارت سميث قبل أكثر من 20 عاما، حذر فيها من مخاطر الإفراط في الاستعانة بمصادر خارجية، مؤكدا على أهمية الجودة في الموقع والدعم الفني من الشركة المصنعة الرئيسية. إلا أن الورقة والمخاوف التي طرحتها لم تلق الاهتمام الكامل بحسب الصحيفة. أزمة السمعة والثقة التي أصبحت تعاني منها شركة بوينغ غاية التعقيد؛ فهي تسيطر على حصة ضخمة من حركة الطيران في العالم، ومنتجاتها ليست رخيصة ليتم استبدالها بغيرها في وقت قصير، كما أنها ليست شركة أغذية أو أدوية أو معدات زراعية مثلا، حتى يتحول المستهلك منها إلى خيارات أخرى، ناهيك عن ارتباطها بشكل كبير بالاقتصاد العالمي، وتأثير أزماتها سينعكس بشكل كبير عليه. المشكلة أن تعامل الشركة مع الأزمة إعلاميا كان مرتبكا، وكنت أتابع موقعها على الإنترنت منذ بدء الأزمة الأخيرة، حيث كانت تقوم بنشر بيانات مقتضبة جدا بشكل شبه يومي تتناول فيه مستجدات طائرة ألاسكا، إلا أنها مؤخرا دفعت بالرئيس التنفيذي للواجهة حيث أعلن مسؤولية الشركة عن الخلل الذي حدث، ووعد بإصلاح أخطاء الماضي ومن المفترض أن تبدأ الشركة في عدة إجراءات تصحيحية تعيد الثقة لمنتجاتها أمام شركات الطيران والهيئات الحكومية المعنية به وأمام المستفيد الأخير وهم الركاب. ورغم أن هذه الإجراءات قد تأخذ وقتا طويلا نظرا لحجم أساطيل الطيران وحصة طائرات بوينغ منها إلا أنها بداية مهمة لإنقاذ قطاع الطيران في العالم.