خلال الأيام الماضية قبض الأمن على عدد من المتحرشين من الجنسين بعد انتشار "فيديوهات" لهم ظهرت في وسائل التواصل الاجتماعي توثق واقعات التحرش، ونشر حساب "سناب الداخلية" -التابع لوزارة الداخلية- ذلك وتمت إحالة المتحرشين للجهات المعنية لتطبيق النظام بحقهم. وتجرم المملكة العربية السعودية التحرش بجميع أنواعه وأشكاله؛ كونه انتهاكاً جسيماً لحقوق ضحاياه، وممارسة منحرفة تجرمها الشريعة الإسلامية وكافة الأديان، وينص نظام مكافحة التحرش بالمملكة على تطبيق أقصى العقوبات على مرتكبيه من سجن وغرامة مالية، تصل إلى خمس سنوات وعقوبات مالية تبلغ 300 ألف ريال. كما يعد التحرش من الجرائم الشنيعة التي تحاربها جميع الدول، وتسن لها الأنظمة الصارمة لمواجهتها ومعاقبة مرتكبيها، لخطورتها وآثارها النفسية المدمرة التي تعيش مع الفرد لسنوات طويلة، ولذلك يتم تشديد القوانين والأنظمة الهادفة إلى مكافحتها على أساس أنها جريمة خطيرة يحاسب مرتكبوها بالغرامات والسجن. وجاءت موافقة مجلس الوزراء، على التشهير بالمتحرشين، من خلال إضافة فقرة إلى المادة "السادسة" من النظام بالمملكة لمكافحة جريمة التحرش، بتضمين الحكم الصادر بالعقوبات نشر ملخص الحكم على نفقة المحكوم عليه في صحيفة أو أكثر من الصحف المحلية، أو في أي وسيلة أخرى مناسبة، بحسب جسامة الجريمة، وتأثيرها على المجتمع، على أن يكون النشر بعد اكتساب الحكم الصفة القطعية. "التحرش عالمي" بحسب تقرير صادر عن منظمة العمل الدولية التابعة للأمم المتحدة ومؤسسة "لويدز ريجستر" و"غالوب". فقد قالت المنظمات الثلاث، في التقرير المؤلف من 56 صفحة: عن "العنف والتحرش في أماكن العمل" أنه يعد ظاهرة منتشرة وضارة، ولها أضرار عميقة ومكلفة. وأن الظاهرة تتسبب في عواقب صحية جسدية وعقلية شديدة، بالإضافة لفقدان الدخل، وتدمير الحياة المهنية، والتسبب في خسائر اقتصادية في أماكن العمل". ووفقًا للنتائج، فإن ثلث الذين تعرضوا للعنف أو التحرش في أماكن العمل قد واجهوا أكثر من شكل واحد من العنف، وبين التقرير أن 6.3 % عانوا من الأشكال الثلاثة: العنف الجسدي، والنفسي، والتحرش الجنسي أثناء عملهم. وكان العنف النفسي والتحرش هما الأكثر شيوعًا، حيث تحدث عنه رجال ونساء، وعانى منه 17.9% من الموظفين في مرحلة ما أثناء عملهم، بحسب التقرير. وفي مفاجأة صادمة، ذكر نحو 8.5 % من الذين شملهم الاستطلاع أنهم تعرضوا لعنف جسدي وتحرش في العمل، مع احتمال تعرض الرجال للعنف والتحرش الجنسي أكثر من النساء، كما تعرض حوالي 6.3 بالمائة للعنف والتحرش الجنسي، 8.2 بالمائة منهم من النساء و5 بالمائة من الرجال. وأفاد التقرير بأن أكثر من 60% من ضحايا العنف والتحرش في العمل قالوا إن ذلك حدث لهم مرات عدة مرات. "عنف وتحرش" وقالت المنظمات الثلاث: "الإحصائيات المتعلقة بالعنف والتحرش في أماكن العمل متفرقة ونادرة، لذا تعاونت منظمة العمل الدولية مع لويدز ريجستر وغالوب لتنفيذ أول مسح استكشافي عالمي لقياس تجارب الأفراد". واستخدم المسح بيانات من استطلاع للمخاطر العالمية أجرته مؤسسة لويدز ريجستر لعام 2021، والذي كان جزءًا من استطلاع أجرته "غالوب"، وفيما يتعلق بالعنف والتحرش الجنسيين، فقد كانت الشابات أكثر عرضة من الشباب بمقدار الضعفين، وكذلك بالنسبة للمهاجرات بالمقارنة مع أقرانهن من غير المهاجرات. وقال أكثر من ثلاثة من كل خمسة ضحايا إنهم تعرضوا للعنف والمضايقات مرات عدة، وقد وقع الحادث الأخير خلال السنوات الخمس الماضية بالنسبة لغالبيتهم. وقالت مانويلا تومي، مساعدة المدير العام لمنظمة العمل الدولية لشؤون الحوكمة والحقوق والحوار: "من المؤلم معرفة أن الناس يواجهون العنف والمضايقة ليس مرة واحدة فقط، بل عدة مرات في حياتهم المهنية". وأضافت تومي: "يخبرنا التقرير عن فداحة المهمة التي تنتظرنا لإنهاء العنف والتحرش في عالم العمل. وآمل في أن يسرع العمل على أرض الواقع ونحو التصديق على اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 190 وتنفيذها". وتمثل اتفاقية منظمة العمل الدولية الخاصة بالعنف والتحرش، 2019 (أو 190) والتوصية رقم 206، معايير العمل الدولية الأولى التي توفر إطارًا مشتركًا لمنع العنف والتحرش في عالم العمل ومعالجته والقضاء عليه، بما في ذلك العنف والتحرش القائمين على النوع الاجتماعي. ولأول مرة في القانون الدولي، تتضمن الاتفاقية الاعتراف المحدد بحق كل فرد في عالم عمل خالٍ من العنف والتحرش، وتحدد التزامات الموقعين لتحقيق هذه الغاية. "حماية الجميع" ويسعى نظام التحرش الذي أٌقرته المملكة العربية السعودية إلى إيجاد بيئة عمل صحية وآمنة وجاذبة للباحثين والباحثات عن عمل، خاصة مع التوسع في توظيف المرأة، ودخولها بشكل كبير سوق العمل. وتحرص بلادنا أيضاً من خلال سن هذا النظام على توفير بيئة عمل صحية في جميع القطاعات الحكومية والخاصة، ليحظى فيها الجميع بالتقدير والاحترام والمساواة، وهي حريصة على حماية الجميع، ومنهم المرأة والطفل من ظاهرة التحرش، وسبق أن اتخذت العديد من التدابير والأنظمة المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية والالتزامات الدولية الهادفة إلى مكافحة التحرش، وحماية الأطفال، والحماية من الإيذاء، ومكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص، والجرائم المعلوماتية، وسهلت عملية الإبلاغ عن حالات التحرش، واستحدثت لذلك أدوات وتطبيقات جديدة تسهل على الضحايا الإبلاغ عن جرائم التحرش، وتقديم الدعم لهم ليتجاوزوا آثار الجريمة التي تعرضوا لها. "مكافحة التحرش" تواجه المملكة العربية السعودية قضية التحرش واتخاذ الإجراءات الصارمة ضد هذه الجريمة، حيث يشمل ذلك تطبيق قانون مكافحة جريمة التحرش. وقد أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود – حفظه الله-، مرسومًا ملكيًا في 1439ه، يهدف إلى مكافحة جريمة التحرش. ويقضي النظام بأن جريمة التحرش تشمل أي فعل أو قول أو إشارة للتجاوز على حرمة الشخص الآخر بطريقة تؤذي عرضه أو جسده أو تتنافى مع الحياء المتجسد في الشريعة الإسلامية. وتحدد العقوبات التي تفرضها السلطات على المتحرشين، وهي عقوبات صارمة تشمل السجن والغرامات. وتظهر هذه الخطوات الحازمة التي اتخذتها المملكة لمكافحة جريمة التحرش تعزيزًا لقيمة الأمن والحفاظ على الكرامة والحقوق الشخصية للأفراد . ووضعت قوانين صارمة تخص مكافحة جريمة التحرش في المملكة، حيث يعتبر التحرش جريمة قابلة للمساءلة القانونية. وتحمل هذه الجريمة عواقب جدية، حيث إنها تنتهك حقوق الإنسان وتسبب الأذى النفسي والجسدي للضحيّة. ومن خلال نظام مكافحة جريمة التحرش الذي أقره مجلس الشورى والموافقة عليه من قبل ولاة الأمر في المملكة، تم تحديد ما يشكل جريمة التحرش وتحديد العقوبات التي تواجهها الأفراد الذين يرتكبونها، سواء كان الاعتداء فعلًا أو كلاميًا أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وبموجب هذا النظام، فإن العقوبة قد تصل إلى السجن لمدة تصل إلى خمس سنوات ودفع الغرامة التي لا تقل عن مائة ألف ريال. "مخاطر الظاهرة" وللمصلحة العامة، يتم فرض ما يزيد عن العقوبات الجسدية والمالية، بما في ذلك تدريب وبرامج إصلاحية وندوات توعية لمواجهة هذه الجريمة الشنيعة، ولقد قررت المملكة تطبيق النظام بحزم وصرامة من أجل تجنب حدوث جرائم جديدة تتعلق بهذا الموضوع، ولضمان سلامة المجتمع ورفع الوعي بمخاطر جريمة التحرش. وتحذر النيابة العامة كل من يمارس الأفعال التي تؤدي إلى التورط في جريمة التحرش وتتخذ ضده العقوبات المقررة. وتوضح أنه يعاقب كل من حرض غيره، أو اتفق معه، أو ساعده بأي صورة كانت، على ارتكاب جريمة تحرش؛ بالعقوبة المقررة للجريمة، كما يعاقب كل من شرع في ارتكاب هذه الجريمة. وتحذر النيابة العامة دوما بعدم إنتاج ما من شأنه المساس بالآداب العامة ونشره عبر وسائل التواصل حيث يُعد ذلك من الجرائم الكبيرة الموجبة للتوقيف وتصل عقوبته إلى السجن 5 سنوات وغرامة 3 ملايين ريال ، طبقاً للمادة السادسة من نظام مكافحة جرائم المعلوماتية، ويعتبر من الظروف المشددة للعقوبة طبقاً لنظامي مكافحة التحرش وحماية الطفل. ويحظر نظام مكافحة جريمة التحرش البلاغات الكيدية والادعاءات الكاذبة، وقرر العقوبات النظامية لكل من يرتكب ذلك بأي صورة كانت. وترى النيابة العامة أن كل من قدّم بلاغاً كيدياً عن جريمة تحرش، أو ادعى كيداً بتعرضه لها، يعاقب وفق نظام -مكافحة جريمة التحرش- بالسجن مدة تصل إلى سنتين، وبغرامة مالية تصل إلى مائة ألف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين. "سلوكيات التحرش" ويقول المحامي والمستشار القانوي سفران الشمراني: تشدد الدولة حفظها الله في التصدي لأي سلوكيات أو أعمال قد تؤدي إلى عواقب كارثية، ومن بين أخطر هذه السلوكيات التحرش، وتهدد هذه الظاهرة المجتمع، ولذلك وضعت المملكة نظامًا لمكافحة جريمة التحرش، لما لهذه الجريمة من آثار سلبية عديدة على الضحية، وخاصة الغيرة النفسية. ويهتم هذا النظام بالحد من هذه الجريمة الخطيرة ومعاقبة مرتكبيها، وحماية ضحاياها، وتحظى الفردية والكرامة والحرية الشخصية، التي تكفلها الأنظمة الإسلامية والتشريعية، بالحماية المناسبة، وبعد شرح مفهوم جريمة التحرش في السعودية، سنعرض عقوبات هذا النظام الهام. ويمكن وصف جريمة التحرش في السعودية على أنها مجموعة من الأفعال الجنسية غير المرغوب فيها أو مجموعة من الأقوال التي تنتهك خصوصية أو جسد أو مشاعر الشخص المعتدى عليه. "لوائح وأنظمة" ونشرت الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان لوائح وأنظمة نظام مكافحة جريمة التحرش. المادة الأولى: يقصد بجريمة التحرش، لغرض تطبيق أحكام هذا النظام، كل قول أو فعل أو إشارة ذات مدلول جنسي، تصدر من شخص تجاه أي شخص آخر، تمس جسده أو عرضه، أو تخدش حياءه، بأي وسيلة كانت، بما في ذلك وسائل التقنية الحديثة. المادة الثانية: يهدف هذا النظام إلى مكافحة جريمة التحرش، والحيلولة دون وقوعها، وتطبيق العقوبة على مرتكبيها، وحماية المجني عليه؛ وذلك صيانة لخصوصية الفرد وكرامته وحريته الشخصية، التي كفلتها أحكام الشريعة الإسلامية والأنظمة. المادة الثالثة: لا يحول تنازل المجني عليه أو عدم تقديم شكوى دون حق الجهات المختصة - نظاماً في اتخاذ ما تراه محققاً للمصلحة العامة، وذلك وفقاً لأحكام نظام الإجراءات الجزائية، والأنظمة الأخرى ذات الصلة. لكل من اطلع على حالة تحرش إبلاغ الجهات المختصة، لاتخاذ ما تراه وفقاً للفقرة رقم (1) من هذه المادة. المادة الرابعة: يلتزم كل من يطلع - بحكم عمله على معلومات عن أي من حالات التحرش بالمحافظة على سرية هذه المعلومات. لا يجوز الإفصاح عن هوية المجني عليه ، إلا في الحالات التي تستلزمها إجراءات الاستدلال أو التحقيق أو المحاكمة. المادة الخامسة: يجب على الجهات المعنية في القطاع الحكومي، والقطاع الأهلي، وضع التدابير اللازمة للوقاية من التحرش ومكافحته في إطار بيئة العمل في كل منها، على أن يشمل ذلك: آلية تلقي الشكاوى داخل الجهة.، الإجراءات اللازمة للتأكد من صحة الشكاوى وجديتها وبما يحافظ على سريتها. نشر تلك التدابير، وتعريف منسوبيها بها. يجب على الجهات المعنية في القطاع الحكومي والقطاع الأهلي مساءلة أي من منسوبيها تأديبياً- في حالة مخالفته أياً من الأحكام المنصوص عليها في هذا النظام، وذلك وفقاً للإجراءات المتبعة لا تخل المساءلة التأديبية التي تتم وفقاً لهذه المادة بحق المجني عليه في التقدم بشكوى أمام الجهات المختصة نظاماً. "السجن والغرامة" وتنص المادة السادسة: مع مراعاة ما تقضي به الفقرة رقم (2) من هذه المادة ، ودون إخلال بأي عقوبة أخرى تقررها أحكام الشريعة الإسلامية أو أي عقوبة أشد ينص عليها أي نظام آخر يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على سنتين ، وبغرامة مالية لا تزيد على مائة ألف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من ارتكب جريمة تحرش. وتكون عقوبة جريمة التحرش السجن لمدة لا تزيد على خمس سنوات، وبغرامة مالية لا تزيد على ثلاثمائة ألف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين، في حالة العود أو في حالة اقتران الجريمة بأي مما يأتي: إن كان المجني عليه طفلاً، إن كان المجني عليه من ذوي الاحتياجات الخاصة.، إن كان الجاني له سلطة مباشرة أو غير مباشرة على المجني عليه.، إن وقعت الجريمة في مكان عمل أو دراسة أو إيواء أو رعاية.، إن كان الجاني والمجني عليه من جنس واحد.، إن كان المجني عليه نائماً، أو فاقداً للوعي، أو في حكم ذلك.، إن وقعت الجريمة في أي من حالات الأزمات أو الكوارث أو الحوادث. ونصت المادة السابعة على مايلي: يعاقب كل من حرض غيره، أو اتفق معه، أو ساعده بأي صورة كانت على ارتكاب جريمة تحرش بالعقوبة المقررة للجريمة. يعاقب كل من شرع في جريمة تحرش بما لا يتجاوز نصف الحد الأعلى للعقوبة المقررة لها. يعاقب كل من قدم بلاغاً كيدياً عن جريمة تحرش، أو ادعى كيداً بتعرضه لها، بالعقوبة المقررة للجريمة. وتضمنت المادة الثامنة: أن يعمل بهذا النظام من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية.