أعلن السيناتور الديمقراطي جو مانشين من ولاية فرجينيا الغربية وممثلها في مجلس الشيوخ في نوفمبر الماضي: "لقد اتخذت أحد أصعب القرارات في حياتي، وقررت أنني لن أترشح لإعادة انتخابي لعضوية مجلس الشيوخ في انتخابات 2024". فبعد مسيرة حافلة بدأت في عام 2010 داخل مجلس الشيوخ الأميركي قرر السيناتور الديمقراطي المعتدل الترجل عن مقعده كعضو في مجلس الشيوخ الأميركي. تعد مسيرة جو مانشين قصيرة مقارنة ببعض أقرانه داخل المجلس، الذين تصل خدمتهم إلى ثلاثة عقود أو أربعة، وهذا يعود في تقدير بعض المراقبين إلى مواقف السيناتور مانشين السياسية والاقتصادية المعتدلة. خروج السيناتور جو مانشين من مجلس الشيوخ يفتح الباب على مصراعيه لعدد من القراءات المحتملة داخل واشنطن، وفي مقدمتها فقدان الأغلبية داخل مجلس الشيوخ من قبل الحزب الديمقراطي. وفي هذا السياق قال ديفيد بيرجستين المتحدث باسم لجنة حملة مجلس الشيوخ الديمقراطي، في بيان بعد إعلان مانشين عدم التجديد: "الديمقراطيون لديهم مسارات متعددة لحماية أغلبيتنا وتعزيزها في مجلس الشيوخ، وهم في وضع قوي لتحقيق هذا الهدف". بالرغم من هذا التصريح يعتقد العديد من المراقبين بأن الحفاظ على الأغلبية لصالح الحزب الديمقراطي سيكون شبه مستحيل خلال انتخابات 2024 خصوصاً بعد خروج سيناتور بارز ومؤثر مثل جو مانشين. مقعد ولاية فرجينيا الغربية داخل مجلس الشيوخ متأرجح، وقد كان الإجماع على أن مانشين هو الديمقراطي الوحيد الذي يمكنه الفوز في وست فرجينيا العام المقبل، بعد أن تحولت هذه الولاية بشكل كبير إلى كفة الجمهوريين خلال العقد الماضي، والشاهد على ذلك فوز المرشح الجمهوري السابق دونالد ترامب بولاية فرجينيا الغربية بما يقرب من 40 نقطة في انتخابات 2020. الحزب الديموقراطي يسيطر على مجلس الشيوخ الأميركي بأغلبية ضئيلة 51 مقابل 49 فقط، والجمهوريون يتطلعون إلى فرصة مواتية لاستعادة مجلس الشيوخ في عام 2024، حيث يدافع الديمقراطيون عن 23 مقعدًا من أصل 34 مقعدًا. ثلاثة من هذه المقاعد موجودة في الولايات الحمراء -الجمهورية- التي فاز بها ترامب في عام 2020 وهي فرجينيا الغربية، ومونتانا، وأوهايو. كما يأمل الجمهوريون أن انسحاب جو مانشين مؤشر إيجابي يسهم في تحقيق نجاح في الولايات المتأرجحة الرئيسية التي فاز بها الرئيس بايدن بفارق ضئيل في عام 2020، وهي أريزونا، وميشيغان، ونيفادا، وبنسلفانيا، وويسكونسن. وعلى صعيد آخر، يمكن قراءة انسحاب جو مانشين على أنه شاهد ودليل آخر على التراجع الحاد للتيار الوسطي داخل الحزب الديموقراطي خصوصًا والمجتمع السياسي في واشنطن عموماً، وفي هذا السياق كتبت صحيفة نيويورك تايمز تقريرًا تؤرخ فيه الانهيار التدريجي للتيار الوسطي، وذكرت فيه: "أعرب العديد من مراقبي العملية السياسية الأميركية عن استيائهم من الكونجرس الذي أصبح حزبيًا على نحو متزايد، حيث يتشبث ممثلون من كلا الحزبين بالخط الحزبي ويرفضون التوصل إلى تسوية مع الجانب الآخر. إذا كنت تأمل أن تساعد الانتخابات في حل هذه المشكلة، فإليك بعض الأخبار السيئة: "الأمور تزداد سوءًا، والمعتدلون في الكونجرس على وشك الانقراض". وفي إطار التيار المعتدل، جو مانشين عضو في لجنة العمل السياسي للديمقراطيين المعتدلين والتي تم تأسيسها في عام 2007 للمساعدة في دعم أعضاء مجلس الشيوخ المعتدلين والمرشحين لمجلس الشيوخ الأميركي. أعضاء اللجنة يؤمنون بالعمل عبر الممرات المعتدلة، وحل المشكلات من خلال استخدام الحلول العملية المنطقية لدفع البلاد إلى الأمام. من أبرز أعضاء اللجنة السيناتور توم كاربر، ومارتن هاينريش، وغاري بيترز، وجاكي روزين، ومارك وارنر. السيناتور الأميركي جو مانشين كان صوتًا قويًا ومؤثرًا في المشهد السياسي داخل واشنطن، وخروجه من الكونغرس الأميركي سيكون له أثر سلبي على صناعة القرار المعتدل على صعيد الشؤون الداخلية والخارجية في مرحلة من تاريخ البشرية تتطلب بشكل كبير تواجد الأصوات المعتدلة والحكمة الحاظرة داخل مطبخ صناعة القرار.