في أحد أشرس الانتخابات النصفية في التاريخ الأمريكي، أظهرت النتائج الأولية للانتخابات، سيطرة الجمهوريين على مجلس النواب، بحسب ما ذكرته قناة اي بي سي، بأغلبية 220 مقعداً مقابل 178 مقعدا للديمقراطيين، فيما ما زالت المنافسة محتدمة في مجلس الشيوخ الأمريكي حيث حصد الجمهوريون 49 مقعدا مقابل 48 مقعدا للديمقراطيين، والسيطرة على مجلس الشيوخ قد تنحصر في سباقات محتدمة في بنسلفانيا ونيفادا وجورجيا وأريزونا، مما يؤشر لحالة استقطاب وانقسام شديد وتقليص سلطة الرئيس جو بايدن في واشنطن. وأكدت قناة (سي ان ان) أن تقدم الجمهوريون على الديمقراطيين في الانتخابات النصفية لمجلس النواب مع تفوق هش لهم في انتخابات مجلس الشيوخ، بعد أن أظهرت استطلاعات تراجع شعبية الرئيس جو بايدن وحزبه الديمقراطي. ومع إغلاق صناديق الاقتراع في عدة ولايات أظهرت النتائج فوز الجمهوري رون ديسانتيس الطامح إلى خوض الانتخابات الرئاسية عام 2024 والمنافس للرئيس ترمب على منافسه الديمقراطي تشارلي كريست ليستمر في منصبه حاكماً لفلوريدا لولاية ثانية. وسطع نجم ديسانتيس في أوساط اليمين السياسي المحافظ في الآونة الأخيرة حتى بات ينظر إليه كمنافس جدي محتمل للرئيس السابق دونالد ترمب لنيل ترشيح الحزب الجمهوري في الانتخابات الرئاسية عام 2024. ولفت ديسانتيس الاهتمام على الصعيد الوطني لمعارضته التدابير الصارمة التي تهدف إلى كبح انتشار كوفيد-19، كما تقدم الصفوف في انتقاد تزايد التسامح مع حقوق المثليين. كما انتخب الجمهوري جي دي فانس الذي يدعمه الرئيس السابق دونالد ترمب عضواً في مجلس الشيوخ عن ولاية أوهايو، فيما فاز العسكري السابق الذي ألّف كتاباً لقي نجاحاً كبيراً عن الطبقة الوسطى البيضاء، على الديمقراطي تيم راين، بمقعد كان يشغله جمهوري وتُرك شاغراً. وفي ظهوره الأول عقب غلق مراكز الاقتراع، تحدث الرئيس السابق دونالد ترمب حصريا إلى شبكة "ذا نشين قائلا "حسنا، أعتقد أنه إذا فازوا، يجب أن أحصل على كل الفضل، وإذا خسروا، فلا ينبغي إلقاء اللوم عليّ على الإطلاق". وأرجع ترمب الكثير من الفضل لنفسه لدفعه بعض الأشخاص للترشح ودعم حملاتهم الانتخابية، وتوقع ترمب أنه "عندما يفوز الجمهوريون من المحتمل أن يُعطى القليل جدا من الفضل لي، وإذا كان أداؤهم سيئا، فسوف يلومونني على كل شيء، وتابع "دعونا نحتفل". كما أظهرت النتائج الأولية فوز الشاب ماكسويل فروست البالغ 25 عاماً ليصبح أول عضو في الكونغرس الأمريكي ينتمي إلى الجيل "Z" مع فوزه بمقعد في مجلس النواب عن الحزب الديموقراطي. وأعلنت الشبكات الإخبارية الأمريكية فوز فروست على الجمهوري كالفين ويمبيش بعد فترة وجيزة من إغلاق صناديق الاقتراع. وغرّد فروست على تويتر "لقد فزنا"، مضيفاً "صنعنا التاريخ لسكان فلوريدا وللجيل زد ولكل شخص يؤمن بأننا نستحق مستقبلاً أفضل". كما أظهرت النتائج أيضاً فوز الناشطة والمحامية الديموقراطية كاثي هوشول لتصبح أول امرأة تنتخب حاكمة لولاية نيويورك. وفازت هوشول بالمنصب الذي تولته عام 2021 عقب استقالة الحاكم السابق، أندرو كومو. وهزمت هوشول عضو الكونغرس الجمهوري، لي زيلدن، حليف دونالد ترمب، الذي أدار حملة انتخابية ركزت على الخوف من الجرائم العنيفة. من جهة أخرى انتزع الديموقراطي جون فيترمان من الجمهوريين أهم مقعد متنازع عليه في هذا الاقتراع، وهو مقعد مجلس الشيوخ عن ولاية بنسلفانيا في مواجهة مرشح يدعمه الملياردير الجمهوري، حسب تقديرات وسائل إعلام أميركية. وأثار هذا الانتصار الأول لمعسكر جو بايدن في أمسية سادها توتر شديد خلال عملية شاقة لفرز الأصوات، أملاً لدى الديموقراطيين في الاحتفاظ بالسيطرة على مجلس الشيوخ حيث يتمتع الجمهوريون حتى الآن بتقدم طفيف في استطلاعات الرأي. وأكّد النائب الجمهوري كيفين مكارثي أن الجمهوريين سيستعيدون السيطرة على مجلس النواب، فيما بدت موجة مد المحافظين في انتخابات منتصف الولاية في الولاياتالمتحدة محدودة أكثر مما كان متوقعاً. وقال مكارثي في خطاب ألقاه منتصف ليلة انتخابات متوترة كان فرز الأصوات مستمرا فيها "من الواضح أننا سنستعيد مجلس النواب". وأضاف "عندما تستيقظون سنكون في الأغلبية، وستكون نانسي بيلوسي من الأقلية" في إشارة إلى الرئيسة الحالية لمجلس النواب البالغة 82 عاماً. في حين قالت بيلوسي: "من الواضح أن مرشحي مجلس النواب من الديمقراطيين يفوقون التوقعات بقوة في جميع الأنحاء".. وقالت مصادر "الرياض" إن بيلوسي حزمت حقائبها لمغادرة مجلس النواب. وفازت الأمريكية من أصل صومالي إلهان عمر للمرة الثالثة بمقعد للحزب الديمقراطي في مجلس النواب عن ولاية مينيسوتا. كما فازت الأمريكية من أصل فلسطيني رشيدة طليب للمرة الثالثة أيضاً بمقعد للحزب الديمقراطي في مجلس النواب عن ولاية ميشغيان. وأشارت النتائج المبكرة إلى أن الديمقراطيين سيتجنبون هزيمة منكرة كان يخشاها البعض في الحزب، بالنظر إلى تراجع شعبية بايدن وإحباط الناخبين بسبب التضخم. لكن حتى الأغلبية البسيطة للجمهوريين في مجلس النواب ستكون قادرة على عرقلة أولويات بايدن ريثما يشرعون في تحقيقات بشأن إدارته وعائلته، والتي قد تكون لها تأثيرات سياسية مدمرة. وصوّت أكثر من 46 مليون أمريكي قبل يوم الانتخابات، إما حضورياً أو عن طريق البريد، وفقاً لبيانات مشروع الانتخابات الأمريكية. وأظهرت استطلاعات رأي أن التضخم المرتفع وحقوق الإجهاض كانت أهم مخاوف الناخبين. وأفاد مسؤولون محليون بوجود مشاكل منعزلة في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك نقص أوراق الاقتراع في مقاطعة في بنسلفانيا. وفي مقاطعة ماريكوبا بولاية أريزونا، وهي ساحة معركة انتخابية رئيسية، رفض أحد القضاة طلباً جمهورياً بتمديد ساعات الاقتراع بعد تعطل بعض آلات الفرز. من شأن هذه النتيجة في مجلس النواب، أن تقلص سلطة الرئيس الأمريكي جو بايدن في واشنطن، وتُعطل جدول أعماله التشريعي في البلاد. يذكر أن الانتخابات تجري على 35 مقعداً في مجلس الشيوخ وجميع مقاعد مجلس النواب، البالغ عددها 435، والجمهوريون الأوفر حظاً إلى حد بعيد في الفوز بالمقاعد الخمسة التي يحتاجونها للسيطرة على مجلس النواب. كما تجدر الإشارة إلى أن الأغلبية البسيطة للجمهوريين في مجلس النواب ستكون قادرة على عرقلة أولويات بايدن، ريثما يشرعون في تحقيقات بشأن إدارته وعائلته، والتي قد تكون لها تأثيرات سياسية مدمرة. وبالإضافة إلى التنافس على جميع مقاعد مجلس النواب، هناك 35 مقعداً في مجلس الشيوخ و36 سباقاً لحكام الولايات، وهزم حاكم فلوريدا رون ديسانتيس، المنافس المحتمل على ترشيح الحزب الجمهوري للرئاسة في عام 2024، عضو مجلس النواب الديمقراطي تشارلي كريست، حسب توقعات إديسون. ودائماً ما يخسر الحزب الذي يحتل البيت الأبيض مقاعد في انتخابات التجديد النصفي، لكن التضخم السنوي المرتفع بشدة، والذي يبلغ 8.2% عند أعلى معدل منذ 40 عاماً، أثّر على فرصهم طوال الحملة، إذ قالت الخبيرة بيثاني هادلمان، "وضع الاقتصاد مروع، أُلقي باللوم على الإدارة الحالية في ذلك". وبعد سيطرة الجمهوريون على مجلس النواب فسيتمكنون من إحباط الأولويات الديمقراطية، مثل حقوق الإجهاض وتغير المناخ، في حين أن هيمنتهم على مجلس الشيوخ ستؤثر على ترشيحات بايدن القضائية، بما في ذلك أي منصب شاغر في المحكمة العليا. ويمكن للجمهوريين أيضاً الشروع في مواجهة بشأن سقف الدين الاتحادي، ما قد يهز الأسواق المالية، وسيكون للجمهوريين سلطة منع المساعدات لأوكرانيا إذا استعادوا السيطرة على الكونغرس، لكن المحللين يقولون إنهم من المرجح أن يُبطئوا أو يحدوا فقط من تدفق المساعدات الدفاعية والاقتصادية. وربما تكون هذه الانتخابات النصفية هي الأهم في التاريخ الأميركي الحديث، نظرا لانعكاساتها المحتملة على مختلف الأصعدة، لكن النتائج النهائية لهذه المنافسة المحتدمة قد لا تتضح إلا بعد بضعة أيام. وتحدد هذه الانتخابات ما إذا كان الديمقراطيون سيفقدون السيطرة على الكونغرس، كما ترسم ملامح العامين الباقيين لولاية الرئيس جو بايدن. وحسب النتائج الأولية غير الرسمية، أعيد انتخاب السيناتور الجمهوري راند بول في ولاية كنتاكي، وكذلك السيناتور الجمهوري تيم سكوت في ولاية كارولينا الجنوبية، والسيناتور تود يانغ في ولاية إنديانا. وفي المعسكر الجمهوري أيضا، أعيد انتخاب السيناتور البارز ماركو روبيو في ولاية فلوريدا، وزميله جون بوزمان في ولاية أركنساس، والسيناتور جيمس لانكفورد بولاية أوكلاهوما، والسيناتور جون هوفن بولاية نورث داكوتا، وفقا للنتائج الأولية. أما في الجانب الديمقراطي، فقد أفادت النتائج بفوز المرشح بيتر ولش بمقعد مجلس الشيوخ عن ولاية فيرمونت، والسيناتور تشاك شومر في ولاية نيويورك، كما فاز السيناتور ريتشارد بلومنثال بفترة ثالثة في المجلس عن ولاية كونتيكيت. وتتجه الأنظار الآن إلى الولايات المتأرجحة، بنسلفانيا وجورجيا وأريزونا ونيفادا وويسكونسن، وإذا حصل الجمهوريون على 3 منها فيرجح فوزهم بالأغلبية في مجلس الشيوخ. وحسب تقارير مؤسسة "إديسون للأبحاث" (Edison Research)، فقد انتزع المرشحون الجمهوريون ما لا يقل عن 4 مقاعد من الديمقراطيين. محصلة ليلة الانتخابات تتمحور في سيطرة اليمين الامريكي على مجلس "النواب".. بيلوسي السياسية الديمقراطية المخضرمة تحزم حقائبها.. وكسر عظم في مجلس "الشيوخ". المرشح الديمقراطي لولاية أريزونا أدريان فونتس يتحدث لمؤيديه (أ ف ب)