في زيارة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لسماحة المفتي للسلام عليه وعنده استشعار سموه أن الشيخ قد همّ بالقيام لاستقباله احتراماً لمقامه الكريم بادره بالقول: استرح يا شيخ.. استجاب الشيخ الوقور لطلب الأمير وعَدَلَ عن القيام تقديراً لطلبه . وعند اقتراب الأمير من سماحة المفتي بادره الأمير بتقبيل هامته قبل أن يصافحه بيده.. هذا الاهتمام بالتفاصيل الدقيقة التي تمتاز بها شخصية الأمير محمد بن سلمان في لقائه بالأمراء والعلماء وعموم أفراد الشعب السعودي؛ تُنبِئ عن شخصية في غاية النُبل واللباقة والتهذيب، وتنمُّ عن شخصية فذة لا تغيرها ولا تغريها اعتبارات المنصب الرفيع ولا مهامِهِ الجِسام. وهذا الأمر لا يستغرب مِمَن جُبِلَ على السّمت الحَسَن والذوق الرفيع ونشأ في عائلة مالكة كريمة تستمد منهج حكمها من التعاليم الإسلامية والتقاليد الملكية العريقة التي تحث على حفظ مكانة الكبار من أهل العلم والفضل. هذا الموقف التلقائي المليء باللفتات النبيلة من ولي العهد يعيد الذاكرة إلى مواقف لا تُحصى في لقاءات ملوكنا الكرام مع أهل العلم وأهل الجاه والفضل. مما يدل على أن احترام العلماء هو نهج الدولة الثابت الذي لا يتغير، وأن تكريم كبار السنّ مبدأ شديد الرسوخ بدأه الملك عبدالعزيز الذي كان يُقدّم العلماء في مجلسه وانتهجه الملوك من بعده، وجدده ولي العهد الذي طلب من سماحة المفتي العدول عن القيام، ثم بدأ بتقبيل رأس سماحته قبل أن يصافحه بيده.