لا شك أن ما يشهده سوق العمل السعودي من تنامٍ ملحوظ في أعداد المواطنين العاملين في القطاع الخاص، يرجع إلى ما يتمتع به الاقتصاد السعودي من معدلات نمو إيجابية، تسهم في زيادة حجم سوق العمل الإجمالي، وتضع المملكة في مصاف الدول الأقل تغيراً في معدل البطالة على مستوى مجموعة العشرين للربع الثالث من العام 2023م. إلا أن القارئ لإحصاءات نشرة سوق العمل الأخيرة، سوف يجد أيضاً أن انخفاض معدلات البطالة للسعوديين والسعوديات إلى 8.6 %، في الربع الثالث من العام الحالي 2023م، بعد أن كان 9.9 % في نفس الفترة من العام الماضي، يعني أن المبادرات العديدة التي أطلقتها وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، وعلى رأسها مبادرة «تحسين العلاقة التعاقدية»، قد بدأت تؤتي ثمارها بصورة ملحوظة، خاصة إذا عرفنا أن معدل بطالة السعوديات وحده قد انخفض إلى مستوى قياسي، وهو 16.3 %، بعد أن كان 20.5 % في نفس الفترة من العام الماضي، وهو ما يعني أن بيئة العمل أصبحت أكثر جاذبية وأكثر مرونة. والحقيقة أنه منذ أن طبقت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية نظام العمل المرن، وكذلك برنامج «نطاقات»، والذي اهتمت الوزارة من خلاله بالجانب النوعي والكمي معا في عمليات التوظيف، وبما يتوافق مع أهداف رؤية المملكة 2030، وأيضا تطبيق برامج وقرارات التوطين ومبادرات منظومة الموارد البشرية لدعم منشآت القطاع الخاص، بدأ سوق العمل السعودي منذ ذلك في تسجيل مشاركات أعلى للسعوديين والسعوديات، حيث وصل عدد العاملين السعوديين في القطاع الخاص في الربع الثالث من هذا العام 2023م لرقم قياسي غير مسبوق بلغ 2,283,771 سعودياً وسعوديةً. كما استفاد من برامج ومبادرات الدعم والتمكين والإرشاد التي يقدمها صندوق تنمية الموارد البشرية نحو 1.84 مليون سعودي وسعودية منذ بداية عام 2023م وحتى نهاية نوفمبر الماضي، بينما ساهم الصندوق في الفترة ذاتها في دعم توظيف 330 ألف مواطن ومواطنة؛ للعمل في منشآت القطاع الخاص واستفادت 109 آلاف منشأة من دعم الصندوق في مختلف مناطق المملكة؛ منها نحو 89 % من المنشآت المتوسطة والصغيرة والمتناهية الصغر، وتجاوزت مصروفات الدعم المقدمة لتمكين السعوديين 8.5 مليارات ريال. ووفقاً لإحصاءات سوق العمل الأخيرة، والتي أصدرتها الهيئة العامة للإحصاء، بلغ معدل البطالة الإجمالي لسكان المملكة 5.1 %، مسجلاً انخفاضاً عن الفترات السابقة، في مقابل ارتفاع معدل المشاركة في القوى العاملة لإجمالي السكان في الربع الثالث من عام 2023م؛ وقد بلغ 60.9 % مقارنة بالربع الثاني من نفس العام، وهو ما يؤكد حرص الأيدي العاملة السعودية على المشاركة في تنمية الوطن، خاصة بعد أن أصبح سوق العمل السعودي بيئة مناسبة لجذب الشباب والفتيات ليبذلوا جهدهم معا في بناء مستقبل أكثر تطورًا ونماءً.