استخدام العطور يعود إلى آلاف السنين؛ حيث تم توثيق استخدام العطور في الحضارات القديمة مثل مصر والهند والصين وبلاد ما بين النهرين، فهناك أدلة على استخدام العطور في مصر القديمة منذ حوالي 4000 سنة قبل الميلاد، حيث كانت العطور تستخدم في الطقوس الدينية والتجميل والعلاج، ففي حضارة بابل والأراضي المجاورة، تم استخدام العطور أيضًا في الطقوس الدينية والاحتفالات، وفي الهند القديمة تم استخدام العطور في الطب التقليدي المعروف باسم الآيورفيدا، كما كانت العطور تستخدم في الحضارة الصينية القديمة، وخاصة في الطب التقليدي الصيني وفنون الاسترخاء والتأمل. في أوروبا انتشر استخدام العطور في العصور الوسطى، حيث كانت تستخدم في الطقوس الدينية والمجتمعية، وفي القرون الوسطى المتأخرة وعصر النهضة أصبحت العطور أكثر شعبية في أوساط النبلاء والطبقة الغنية في أوروبا، وتم استخدامها كوسيلة لإخفاء الروائح الكريهة وتعزيز الجاذبية الشخصية، ومنذ ذلك الحين تطورت صناعة العطور وازدادت شعبيتها حول العالم، وتطوير تقنيات استخراج الزيوت العطرية وتركيب الروائح وتصميم العطور المختلفة، واليوم تعتبر صناعة العطور صناعة عالمية تشمل العديد من الدور والمصممين المشهورين. العطور لها تأثير كبير على صحة الإنسان النفسية؛ حيث يمكن أن تثير المشاعر والذكريات وتؤثر على الحالة النفسية، وتقدم العديد من الدراسات العلمية أدلة قوية على هذا التأثير، حيث تشير الدراسات إلى أن العطور يمكن أن تعزز المزاج وتحسن العواطف، فرائحة اللافندر تعتبر مهدئة وقد أظهرت الدراسات أنها تساعد في تخفيف القلق وتحسين النوم، وفي دراسة أخرى أجريت في عام 2014 أظهرت أن رائحة البرغموت تعزز المزاج وتخفف الاكتئاب. يمكن أن تؤثر العطور على الذكريات والتذكر؛ حيث تبين دراسة أجريت في عام 2013 أن استنشاق رائحة معينة يمكن أن يعزز التذكر ويساعد في استرجاع الذكريات، ويمكن أن تكون العطور رابطًا قويًا بين الذكريات والروابط العاطفية المرتبطة بها. ويعتقد العلماء أن العطور يمكن أن تؤثر على المشاعر والسلوك، حيث وجدت دراسة أجريت في عام 2015 أن استخدام العطور الجذابة يمكن أن يزيد من الثقة والجاذبية الشخصية، وتشير بعض الدراسات الأخرى إلى أن استخدام العطور النفسي يمكن أن يساهم في تحسين التركيز والأداء العقلي. العطور تؤثر على الاستجابة الفسيولوجية للجسم؛ حيث وجدت دراسة أجريت في عام 2008 أن استنشاق العطور يمكن أن يساعد في تخفيف الضغط وتحسين الاسترخاء، وقد تبينت أيضًا دراسة أخرى أن بعض العطور يمكن أن تحفز إفراز المواد الكيميائية في الدماغ المسؤولة عن الشعور بالسعادة والراحة. هناك أيضًا دراسات تشير إلى فوائد صحية لبعض الروائح؛ حيث يعتبر زيت النعناع مفيدًا لتخفيف الصداع والغثيان، في حين أن زيت اللافندر يمكن أن يساعد في تخفيف الأرق والتوتر، ويستخدم العطور في مجالات أخرى مثل العلاج النفسي والعلاج البديل. يُعتَقد أن بعض العطور تحفز السياق الذهني وتعزز الاسترخاء والتأمل، ويستخدم العلاج بالعطور (العطري) في تقنيات مثل الزيوت العطرية والتدليك العطري للمساعدة في تحسين الصحة العقلية والعاطفية. العطر هو طريقة للتعبير عن الجانب الخفي والروح الداخلية للإنسان، وهو الأمان الدافئ الذي يصعب تصور الحياة بدونه، والعطور هي الذكريات المتجسدة، وهي الشعور الخامس الذي يثير الذكريات ويحفز العواطف، وهي لغة الأرض التي يفهمها الجميع، وهي الموسيقى التي يمكن أن تشمها، وتجعل الحياة أجمل، وتضفي لمسة من السحر والفخامة وتعزز الثقة الذاتية، وتخلق حالة من السعادة والراحة والجمال في حياتنا اليومية.. تقول (نينا ريتشي ): العطور هي الشعور الخفي الذي يدخل إلى الروح ويحملك في رحلة من الذكريات والمشاعر.