لقد عاش أنبياء الله على أرض فلسطين، داست أقدامهم رمالها، شربوا من مياه آبارها، ومروا على سيناء رمالا وجبالا، لقد تشرفت هذه الأرض منذ القدم بأنبياء الله عز وجل ورسله عليهم السلام، فعلى أرض فلسطين عاش إبراهيم وإسحاق ويعقوب ويوسف والأسباط ولوط وداود وسليمان وصالح وزكريا ويحيى وعيسى عليهم السلام جميعا. عاش خليل الله إبراهيم عليه السلام مع زوجته سارة في هذه القطعة من الأرض، ثم هاجرا معاً إلى مصر ثم عادا مرة أخرى إلى فلسطين، ثم أنجب يعقوب الذي استوطن مع أسرته فلسطين، ثم جاؤوا إلى مصر بعد أن سبقهم إليها يوسف بن يعقوب الكريم ابن الكريم ابن الكريم. عاش كليم الله موسى عليه السلام في هذه القطعة من الأرض كما عاش سليمان ابن نبي الله داود عليهما السلام، وولد المسيح عليه السلام بآية من الله في بيت لحم في هذه الأرض المباركة بمعجزة عظيمة من غير أب، فوهبه الله أن يكلم الناس في المهد صبياً، وأن يُبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى بإذن الله. وفي هذه القطعة من الأرض، المسجد الأقصى وهو ثاني مسجد على ظهر الأرض، وفيها كنيسة القيامة أقدم كنيسة على ظهر الأرض. هذا هو المسجد الأقصى الذي بارك الله حوله، وفي هذا المسجد الأقصى صلى نبينا محمد عليه أتم الصلوات والتسليمات ليلة الإسراء والمعراج. ومن أهم الأنبياء العظام الذين حكموا فلسطين هو نبي الله داود الذي أعطاه الله الحكم والنبوة، وكان كثير الذكر والتسبيح، وكان صاحب صوت جميل رائع، وكانت الجبال والطير تُردّد مع تلاوته لجمال صوته «وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ مِنَّا فَضْلاً يَا جِبَالُ أَوِّبِى مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ» وورث ملكه ابنه الملك والنبي العظيم سليمان الذي سخّر الله له الجن والطير والإنس، والذى دله الهدهد على مملكة سبأ وملكتها بلقيس التي كانت تعبد غير الله، فأسلمت على يد سليمان. فلسطين هى أرض الأنبياء، فمعظمهم عليهم السلام عاشوا وماتوا عليها، واستُشهدوا فيها، فقد هاجر إليها إبراهيم الخليل من «أور» العراق إلى فلسطين، ويُسمّى مع قومه بالعبرانيين، أي الذين عبروا من العراق إلى فلسطين. هذه القطعة من الأرض الأكثر تعرّضاً للغزوات فى تاريخ البشرية كلها، وقد وُلدت دولة فلسطين قبل أن يوجد بها الإسرائيليون، والفلسطينيون أول من اكتشف التمر والبرتقال والليمون والشمام، وأول سور وُجد فى العالم هو سور أريحا، التي هي أول مدينة فى العالم. منذ شهر ونصف، لقد مارس الاحتلال الإسرائيلي أبشع الجرائم الإنسانية في هذه القطعة من الأرض التي تلفظها كل الأديان السماوية، تجري الإبادة الجماعية التي لم يشهدها التاريخ في عصوره السابقة، تحت الركام صراخات الأطفال، إذاً لا شرعية للقاتل ولا وطن للغاصب، وقد هربت الرحمة من قلوب جنود الاحتلال، ومن لا يعرف جنود الاحتلال، فهم سكان الجدد لدولة أنبياء الله عمرهم فيها لم يتخط 75 عاما، يودون طمس وإبادة حضارة شعب عمره في أرض الأنبياء تخطى خمس آلاف عام.