نشهد اليوم تحولاً كبيراً مدفوعا بالذكاء الاصطناعي التوليدي، هذا التحول الذي تميز بدمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في مختلف جوانب الإنتاج. أحد أبرز الأمثلة على تأثير الذكاء الاصطناعي التوليدي في إنتاج المحتوى هو منصة تشات جي بي تي حيث أنتج هذا النموذج من الذكاء الاصطناعي أكثر من 4.5 مليارات كلمة يوميًا في العام 2021، حيث قدم تنوعا كبيرا في كتابة النصوص، فقدرتها على تطوير المحتوى عالي الجودة بسرعة تساهم في إعادة تشكيل كيفية تعامل وسائل الإعلام مع التقارير الإخبارية والكتابة الإبداعية والعمل التحريري. وتكتسب الصحافة الآلية زخمًا كبيراً، حيث تقود رويترز الطريق في استخدام الذكاء الاصطناعي لزيادة إنتاجها من التقارير الإخبارية المالية، ولا يعني هذا التحول زيادة في حجم المحتوى فحسب، بل أيضا تطوير في دور الصحفيين، الذين سيطلب منهم مستقبلاً المزج بين المهارات التحريرية مع إدارة تطبيقات الذكاء الاصطناعي والإشراف عليه. في قطاع التصميم الجرافيكي تعمل منصات الذكاء الاصطناعي المتخصصة في توليد الصور من أوصاف وصفية على إحداث تطوير ضخم في العملية الإبداعية، حيث قدرت عدد الصور المنتجة بالتقنية في العام الماضي بأكثر من 15 مليار صورة. تعمل هذه الأدوات على تبسيط مسار عمل المصممين، مما يمكّن منتجو المحتوى من إنتاج محتوى مرئي عال الجودة بكفاءة وإبداع وسرعة أكبر. ومما يؤكد نمو الذكاء الاصطناعي في وسائل الإعلام، تشير بعض التقديرات أنه من المتوقع أن يرتفع سوق الذكاء الاصطناعي في قطاع الإعلام والترفيه إلى حوالي 99 مليار دولار بحلول عام 2030 ما يعكس الدور المتزايد للذكاء الاصطناعي في تطوير المحتوى وتوزيعه وتخصيصه حسب اهتمامات الأفراد. ومع ذلك يشهد مشهد التوظيف في قطاع الإعلام تحولا كبيراً مع الحاجة المتزايدة للمهنيين الذين يمكنهم إدارة تقنيات الذكاء الاصطناعي وتوجيهها أخلاقيا، حيث تتطور الأدوار التقليدية في الإعلام، مما يستلزم مهارات جديدة تركز على مجال الذكاء الاصطناعي والرقابة الأخلاقية. وتعد الآثار الأخلاقية للمحتوى الذي يتم تطويره بواسطة الذكاء الاصطناعي تحدياً كبيراً في صناعة المحتوى مع التحديات المحيطة بصحة ومصداقية الأخبار والمعلومات مما يتطلب تقنيات متطورة لتوجيهها أخلاقياً للتأكد من صحة المحتوى الإعلامي. ختاماً الذكاء الاصطناعي التوليدي لا يغير المشهد الإعلامي فحسب، بل يمهد الطريق لعصر جديد من إنتاج المحتوى بشكل أكبر وأكثر ملاءمة لتطلعات الجمهور المستهدف. وبينما تتنقل الصناعة في هذا التحول تدريجيا والذي تديره تطبيقات الذكاء الاصطناعي، فإن الموازنة بين الابتكار التقني مع الاعتبارات الأخلاقية والإبداع البشري ستكون جوهرية، حيث يحمل مستقبل المشهد الإعلامي آفاقا واعدة بفرص الابتكار والنمو.