اتجهت المملكة العربية السعودية في السنوات الأخيرة للاستثمار في الفنون والثقافة، ويشهد قطاع المسرح نموّاً استثنائيّاً منذ انطلاق رؤية المملكة 2030 حيث شهد المشهد الثقافي اهتماماً بالغاً وتطوراً ملحوظاً في أداء العاملين والمهتمين به خلال السنوات الأخيرة، من حيث تغيير ملامح الحركة المسرحية عن طريق إنشاء المسرح الوطني وإطلاقِ الفعاليات والمبادرات بالتوازي مع الدعم والاهتمام الحكومي بقطاع الثقافة والترفيه كمجالات اقتصادية واعدة وجاذبة للسياح ومؤثرة بشكل إيجابي على جودة الحياة للأفراد. قامت هيئة المسرح والفنون الأدائية بالتعاون مع "الهيئة العامة للثقافة" بالنهوض بالقطاع المسرحي عن طريق إقامة مهرجان الرياض للمسرح برعاية الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان وزير الثقافة السعودي ممثلة في هيئة المسرح والفنون الأدائية، وذلك في إطار التطور الثقافي والفني الذي تعيشه المملكة العربية السعودية بتوجيهات سديدة من سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. يهدف المهرجان إلى استقطاب واكتشاف المواهب الشابة في المملكة ودعمها من خلال توفير فرص التعلم والتمرين المكثف لتنمية قدراتهم في المجال المسرحي، كما أنه من أهم العوامل التي ساعدت على نمو القطاع المسرحي التطور في التنظيم وإتاحة رخصة للممارسين عبر منصة إبداع لوزارة الثقافة وظهور أكاديميات متخصصة لتأهيل المواهب وإطلاق مبادرات لدعم الإنتاج المسرحي وزيادة عدد المهرجانات والمواسم الثقافية، حيث تتيح المهرجانات للشباب السعودي فرصة الوصول إلى مستويات فنية عالية وبناء مسيرة ناجحة في هذا المجال وفضلاً عن دعم المواهب الشابة يعمل المهرجان على تعزيز الوعي الثقافي للمجتمع السعودي عن طريق تقديم المسرحيات ذات الجودة العالية والتي تحمل القيم والمعاني الأصيلة حيث تزخر عروض المهرجان بتجارب فنية متنوعة تعبر عن الهوية السعودية وتروي قصصًا معاصرة وتراثية. بهذا الشكل سينجح المهرجان في تسليط الضوء على الهوية الثقافية والفنية للسعودية، ويساهم بشكل فعّال في غرس الوعي وتعزيز الحوار الثقافي في المجتمع المحلي والعالمي وتعزيز الحراك المسرحي وتطويره في المملكة ويعمل المهرجان على تشجيع المواهب السعودية وتوفير الفرصة للمسرحيين السعوديين لإثبات قدراتهم وابتكاراتهم. يتميز مهرجان الرياض للمسرح بتقديم مجموعة متنوعة من العروض المسرحية التي تُعرض على خشبة المسرح كما يستعرض المهرجان أعمالاً تعكس التعبير الفني والتجريبي والابتكار، وتجسد قصصًا ومواضيع تلامس الواقعية الاجتماعية والثقافية والفنية وتساهم في تطوير الثقافة والتعبير الفني في المجتمع السعودي. يعمل المهرجان على تعزيز التفاعل والحوار الفني بين الفنانين والجمهور عبر الانفتاح على ثقافات وأساليب فنية مختلفة، كما يوفر فرصًا للممثلين والمخرجين المحليين للتعلم والتواصل مع فنانين عالميين والمشاركة في ورش عمل وفعاليات فنية مما يساهم في تطور مهاراتهم وربطهم بشبكة عالمية من الفنانين والمبدعين. يُعد مهرجان الرياض للمسرح بوابة لتحقيق تقدم ملحوظ في المسرح السعودي، حيث يعمل على تعزيز الاهتمام بالفنون المسرحية وتنمية المواهب المحلية كما أن استمرار ونجاح هذا المهرجان يشير إلى استعداد السعودية لاستقبال رؤى وتجارب جديدة، وتعزيز التبادل الثقافي والفني ويشكل ركيزة أساسية في تطوير الأعمال المسرحية في السعودية. إن مهرجان الرياض للمسرح يمثل استثمارًا ناجحًا في تعزيز ثقافة وهوية المملكة السعودية وهو فرصة للمسرحيين والمشاهدين السعوديين لتبادل الخبرات والتعلم من بعضهم بعض، وتعزيز الاندماج الثقافي والفني في المجتمع من خلال تفعيل المشهد المسرحي، ودعم المواهب الشابة، وتقديم الأعمال الفنية ذات القيمة كما يساهم في فتح آفاق جديدة للإبداع والابتكار.