بدأت بوادر تحقيق هذا الحلم مع بداية التجربة التشغيلية لحافلات الرياض بمشروع الملك عبدالعزيز للنقل العام، وذلك في العام 2022م، بغرض معرفة مساراتها المخصصة وأرقام ورموز محطاتها، وتهيئتها للركاب، ثم بعد ذلك تقرر إطلاق المرحلة الأولى للركاب في مارس من هذا العام، ثم تتابعت بعد ذلك مراحل الإطلاق الأخرى، ولا زلنا بصدد اكتمال بقية مراحل المشروع، وفي الوقت نفسه أطلقت الهيئة الملكية لتطوير مدينة الرياض برنامجًا تعريفيًا بالحافلات وخدماتها وأسعار رحلاتها وأوقات عملها، ليتسنى للركاب المستخدمين معرفة كل ذلك. وعلى ذلك فإن استخدام الحافلات يعوّل عليه في الحد من استخدام السيارات الخاصة والتقليل من الازدحام المروري الذي تشهده مدينة الرياض، ويساعد في تسهيل حركة النقل الآمنة داخل المدينة، ويساعد كذلك على تخفيض نسبة انبعاثات الكربون الصادر من عوادم المركبات، ويحسن من المشهد الحضري للمدينة، ويدعم برنامج جودة الحياة، ويسهم بشكل مباشر في تحقيق استراتيجية مدينة الرياض 2030. نخوض مرحلة تحدّ كبير وصراع مرير لتعزيز ثقافة استخدام النقل العام والإيمان به كوسيلة نقل أساسية داخل المدينة، تعتبر أكثر أمنًا، وأجمل مشهدًا حضريًا، وكما لا يمكن إنكار أنه أقل بكثير من ناحية التكلفة الاقتصادية مقارنة بالسيارة الخاصة، آخذين بعين الاعتبار مع هذا كله أنه الصديق الأمثل لبيئة صحية مناسبة. فأصبح لزامًا علينا تثقيف السكان باستخدام وسائل النقل العامة والمستدامة في المدينة، ويمكننا تعزيز هذه الثقافة عن طريق زيادة الوعي بفوائد استخدام وسائل النقل العامة وتوفير مزيد من الخيارات المريحة والموثوقة للمسافرين، ولا ريب أن الحافلات هي وسيلة نقل رائعة في الحضر، إذ يمكنها نقل العديد من الأشخاص في نفس الوقت وتوفير رحلات منتظمة ومريحة داخل المدينة. ويمكننا تشجيع أصحاب السيارات الخاصة على استخدام وسائل النقل الحضري عن طريق توفير مرافق ومواقف مجانية وآمنة للسيارات في محطات النقل العام، فالتثقيف حول فوائد وسائل النقل الحضري وتوفير المعلومات حول الخطوط والمواعيد وتكلفة الركوب يمكن أن يشجع الناس على استخدامها بشكل أكبر، كما يمكننا تعزيز الوعي بوسائل النقل الحضري أيضًا من خلال حملات توعية، وإعلانات دورية، وتوفير معلومات سهلة الوصول للجميع، لاكتمال الخدمات المساندة لوسائل النقل العام. فهذا الزائر الجديد الذي يجوب شوارعنا لا بد لنا من بذل الجهود التكاملية بين الجهات في القطاعين العام والخاص في سبيل نجاحه، وتهيئة الظروف الملائمة له والتحفيز والحث على استخدامه والمحافظة عليه وفق الضوابط التي وضعت له، فما هو إلا باكورة من بواكير هذا التنمية التي تشهدها بلادنا، ومؤشرًا من مؤشرات الرقي والحضارة التي توائم أهداف التنمية المستدامة ورؤية المملكة 2030.