كثيرًا ما يتردد على مسامعنا إعلانات عن ورش عمل ودورات تُبيّن آليّات الكتابة الناجحة والفعّالة في المجتمعات، وأفهمُ جيّدًا فضول الكُتّاب الناشئين لمعرفة الإجابة بشغف، لذلك أردتُ إيجازها؛ وذلك من خلال قراءاتي المتنوعة على مدار أعوام عديدة، وملاحظتي لأبرز مقوّمات الكتابة الناجحة، لنْ أنصح باتباع خطوات معينة لتطبيقها أثناء الكتابة، بلْ أريدُ منكم أنْ تجرّبوا معي طريقة أخرى وهي تقييم المنتج المبدئي لأيّ نص، اكتبوا النص بأسلوبكم الفريد، وبالطريقة التي تفضلونها، ثم قيّموا جودة الكتابة من خلال النقاط الموضحة أدناه: النقطة الأولى: الكتابة النّاجحة هيَ التي تُغيِّر ملامح القارِئ! لا يُمكنني أنْ أتخيَّل جُمُود ملامح القارئ في حَضْرة مقال، أو كتاب يُثير الدّهشة، ويُحرِّكه من الداخل، هي مُصَمَّمة خصّيصًا؛ كيْ تصِل لأعمق نقطة من الشعور، ثمّ تتجلى على الملامح بأثرٍ بائِن. النقطة الثانية: علاوة على أنّها تُغيِّر المَلامِح، بإمكانك أنْ تسمع لها صوتًا، ستشعُر بأنَّ أحدهم يتكّلم، لديه ما يقوله، ولا يودُّ أنْ ينهي حديثه أبدًا. ستشعر بتسلسل الأحداث وترابطها، ستفهم الكاتِب جيّدًا، وقدْ تلتفت لا إراديًا باحثًا عنه لتحاوره، ثم تُدرك أنّه -مجرّد نص- وليسَ هُنالِكَ أحدًا! النقطة الثالثة: يُمكنك أنْ تتخيّلها، وتتصوّرها كيفما شِئت، وبالطريقة التي تُحب! مثلَ رَسمةٍ رصاصية رُسمت بعناية فائقة، وتُرِكتْ عمدًا بلا ألوان؛ لتكون لكَ فُرصة تلوينها بألوانكَ الخاصة، فتشعر بعدئذٍ أنّها تُشبِهك، وأنّ جُزءًا من تفاصيلها باتَ ينتمي لعَالمِك. النقطة الرابعة: يُمكِنها منحكَ قيمة فعلية، إما معلومة تُدرِكها فتُدركك، أو عبارَة مختصرة فتختصِرك، لتجد نفسك تقولها بعفويّة في المواقف التي تتطلّب تفاوضًا وإقناعًا، فتعِي أنّها شَرَحتْ ما عجزتَ عن شرحِه، وأوجزَتْ ما كِدْتَ تُسهِب بقولِه، وكأنّها جِسر العبور إلى غالبية ما تسعى لأجلِه. النقطة الخامسة: لنْ تُشعِركَ بأنّكَ تقرأ، ستنسى ذلك تمامًا، وتشعُر بأنّكَ في رحلةٍ مع ذاتك؛ لاكتشافِ أمرٍ ما، وتحسين وضعك سواء على المستوى النفسي أو المادي، لنْ تشعُر أبدًا بالرغبة بقلب الصفحة، أو إغلاق الكتاب، أو الخروج من الموقع الإلكتروني، لأنّها وُجِدت؛ لتتماشى معكَ بخفةٍ، حتى تودي بكَ إلى بر الأمان وتُهديكَ ما تحتاجه ثمّ ترحل بهدوء؛ ولا أعتقد أنّ هناك مَن يرفض هديّة يحتاجها! النقطة السادسة: يُمكِنها تطوير تجربتك الفرديّة، وتنمية شعُورك بالأشياءِ من حولك، فتُعزِّز حدسك؛ ليصبح بمثابة كشّاف تحمله بين يديْك، يُضيء لكَ المسارات أينما مَضيْت. النقطة السابعة: الكتابة النّاجحة تُغيّر أفكار القارئ ثمّ أفعاله، بعد أنْ تولَّت مُهمّة تغيير ملامِحه عند النقطة الأولى!