أفضل انتصارات الحياة هي الانسحاب من كل شيء مُؤذٍ، الانسحاب من كل شخص غير جدير بالعطاء والثقة، الرحيل بكل أدب وهدوء وتركهم للذكريات، فهي لوحدها كافية أن تجعلهم يعلمون ماذا خسروا مع معاشر الناس، هم سيجدون من يشبههم وأنت ستجد من يشبهك.. * تتساءل حقاً كيف يبرمجنا الزمن بمتغيراته صغاراً وكباراً، ويضعنا في سلال ضيقة الأفق.. تتعجب كيف تغير صغارنا في عقولهم وطرائق أفكارهم، وتبدلت همتهم.. وتندهش كيف تقل حيلتهم على عجل يريدون التبديل والتبدل، والغيرة والتغير. عذرا لم يتبق إلا خيوط الشوق والحنين، ولم يمكث إلا أطياف الذكرى والأنين.. هكذا تلونت المتعة بشوائب التكلف، وأحمال الترف.. * عذرا إلى حد الدهشة حين تغزو متعة الفراغ أمزجتنا فتعطل أحاسيسنا باللذة فيما بين أيدينا.. وتتشابه الأيام فلا نغدو كما كنا وكانوا.. لنعود لوعينا لعلنا نتخلى فلا نتخلى. * بقعة شجن تغرقني في غياهب التذكر.. فأسمع حسيس الذكريات، وأتعطر برحيقها.. وأدرك أن ما بقي إلا الدعاء. * في مساحة الذات، ولغة العقل عندما تضع نفسك ستجدها بالقدر الذي وضعته، وبالمستوى الذي ارتأيته كن مستقلاً ولا تعود نفسك على قياس قيمتك الذاتية بناء على نظرة الآخرين فمن مظاهر اهتزاز الثقة ألا تطمئن لذوقك واختيارك حتى يمدحه الآخرون.. يجب تعلم أن الذي اعتاد ليكون بابك موارباً له، لن يعرف قيمتك إلا حين تغلقه. * الواقع أنك قد تكون مسؤولًا عن أفكارك، واختياراتك لكنك لست مسؤولًا عن أقدارك مهما نواجه من أمور فقدراتنا ضئيلة في التعاطي معها وتوجيه دفتها وتفاصيلها. * بعضهم تارك مشاعر لم تصل لذاك الآخر، وأيادٍ لم تحضن، وأصوات لم تسمع، ونظرة لم تفهم، وحاولوا أن يستقروا بمكان بعيد عن ضجيج قلوبهم. * لماذا لا نحاول أن نخبر الآخر بانزعاجنا من تصرف منه في وقته ولا ننتظر، فحين نصدق سيفتح لنا طرقًا لتوضيح السبب، ويغلق مجال الشك لدينا، ويجعلنا نشعر بقيمتنا عنده بالفعل لنكن شفافين مبادرين.. فليس لأعمارنا أوقات مؤجلة للتوضيح. * حين تعترك الناس فستجد أن ألوانهم مبددة بالمعنى والقيمة، فستجد أحدهم مثل الكُتب منهم من يخدعنا بالغلاف، ومنهم من يُدهشنا بالمحتوى. * مرهق ذلك الذهن الذي ينشط باستمرار يحلل كل شيء، في العلاقات، وفي أوقات الراحة، وعند النوم، في الواقع يجب أن ندرك أنه ليس لدينا القدرة على معرفة كل شيء، وليس بالضرورة أن نعرف إجابة كل شيء، اسأل نفسك وماذا لو لم تعلم ما المشكلة؟ إن اشتراطنا معرفة الإجابة لكل سؤال ولكل مجهول يتراءى لنا يعطل علينا استرخاءنا، إذ إن العقل له حدود. الذهن النشط يعني أنك قد تشعر بالتهديد، فلا يهدأ إلا إذا عرفت الحلول، أو زال المجهول واذهب في سياق استمتع بيومك بدل أن تشترط معرفة غدك. وساير حياتك دون بحث عن التفاصيل المرهقة. * عندما يسقط صمود أحدهم أمامك فيقول لك "أنا تعبت" لا تقل "تعبت أكثر منك" فلست في حالة منافسة؛ هو يحتاج بعد الله أن ترفع معنوياته.. وحين يشكي لك أحد عن مأساته لا تسخر منه وتحدثه عن مأساتك.. حين يفضفض لك عن مشكلته لا تستهن بها، لا تستخف بمشكلته وتحكي له عن تجاربك ومشاكلك العتيقة.. تأكد أن المزايدة أسوأ ما يمر به المرء في علاقته بالناس.. نعم من الممكن أن تكون مشكلته بسيطة وتعثراته هينة والضغط الذي يمر به لا يقارن بالضغط الذي تمر به.. لكن في النهاية هذه حياته هو بكل ما فيها من تعثرات وأزمات وتفاصيل في النهاية هي تؤلمه وتوقف عالمه البسيط. * ما نشعر به الآن من تراكمات وأحمال وخبرات من الماضي، يتوجب أن نصنع منه مشاعر جميلة في حاضرنا، فمستقبلنا، فالحياة تركض حولنا والزمن يتدفق بانسيابية لا نحس بها إلا عندما نحكي عن التواريخ والتوقيت فنترقب ونجد أن الفوارق والطوارئ قد حلت بيننا. * عجيب أمر ذاك الآخر الذي يراقب ويلاحق تفاصيل غيره ليصنع تفاصيله منها، ويقلد ما يقوم به دون وعي فيخسر قيمته وحاجاته ويجعل الآخر يحددها له.. متابعة أولئك هي تذويب لقيمة الذات وخياراتها الخاصة فكل يعيش لما يُسّر له وبما كتب له.. مستحيل أن نكون نسخا من غيرنا أو يكون غيرنا نسخا منا. * بالفعل علينا أن ننتبه ألا تنصهر حياتنا، وتنصرم أيامنا ونحن نقضيها في أسئلة متى ينقضي هذا الأمر، وتنتهي تلك الفترة، ويذهب هذا الأمر، وتتغير الظروف ونكثر من الواوات فستكتشف أن عمرك ذاب بين دقائق الانتظار العصي. * حقيقة أن أفضل انتصارات الحياة هي الانسحاب من كل شيء مُؤذٍ، الانسحاب من كل شخص غير جدير بالعطاء والثّقة، الرّحيل بكل أدب وهدوء وتركهم للذكريات، فهي لوحدها كافية أن تجعلهم يعلمون ماذا خسروا مع معاشر الناس، هم سيجدون من يشبههم وأنت ستجد من يشبهك، وذلك أفضل ما قد تحصل عليه في يوم من الأيام، وتذكر أن العلاقات المتأزمة غالبًا ما تدفعك إلى تغيير سلوكك إلى الأفضل بعون الله. * غالبًا ما يكون الأشخاص الذين مروا بكثير من المواقف هم الأكثر حكمة وسعة بال يمكن أن تحتوي صودايف الأمور القادم فالتوصل إلى التصالح الحقيقي مع كل شيء يمر بك هو غاية مهمة قد تحميك من هزيمة ذاتك، نعم كثرة الخسارات وفقدان الأشياء قد تشعرك وكأنك ضحية وعليك دفع ثمن كل شيء جيد بالحياة. هنا لابد أن نعدّل كل مائل في تفكيرنا، ونصحح نظرتنا للأشياء بيننا. * من النبل والجمال أن تكون مدينا بالحب لكل من رأى حزنك ولم يتجاوزه أو حاول معرفته ولم يتركك بمفردك، ومدينا بالامتنان لكل من وضعك في أولوياته برغم تقصيرك معه، ولكل من تقبَّلك كما أنت، ولم يكف عن الدفاع عنك برغم مساؤك الكثيرة، ولكل من دخل حياتك ولم يفسدها كغيره، ولكل من كان ليِّنا بحديثه أو بفعله معك ولم يحطمك بسوء كلماته، ولكل من بحث عنك في أيام العزلة النفسية ولم يتركك للآلام وقسوتها وحدك، ولكل من استطعت الوثوق به ولم يخذلك يومًا ما.