وضعت الجثامين الصغيرة على أرض المشرحة في خان يونس وهي تعود لثمانية أطفال من عائلة واحدة فقدت عشرة من أفرادها في ضربة إسرائيلية على قطاع غزة. ينتمي الضحايا إلى عائلة البكري، بحسب مسعفين وشهود. في المستشفى الأوروبي، لفت سبعة جثامين صغيرة بالأكفان، فيما وجوه الأطفال الضحايا ملطخة بالدماء وقد أحاط بها أفراد من عائلتهم، على ما أفاد أحد مصوري وكالة فرانس برس. ويدفع المدنيون ضريبة عالية في الحرب التي اندلعت في السابع من تشرين الأول / أكتوبر إثر هجوم غير مسبوق شنته حركة حماس الفلسطينية داخل الأراضي الإسرائيلية بعد اختراق السياج الفاصل بين قطاع غزة والدولة العبرية. وقتل أكثر من 1400 شخص في إسرائيل في هجوم حركة حماس، وفق مسؤولين إسرائيليين، وهناك 203 رهائن في أيدي حماس، وفق الجيش الإسرائيلي. واستشهد 3785 شخصاً على الأقل معظمهم من المدنيين، في القصف الإسرائيلي على قطاع غزة، وفق وزارة الصحة، وفرّ أكثر من مليون شخص من منازلهم إلى مناطق أخرى، لا سيما إلى جنوب القطاع، هربا من القصف، أو بسبب الإنذار الإسرائيلي بإخلاء مدينة غزة. وأعلن الجيش الإسرائيلي الخميس أنه شنّ في غضون 24 ساعة مئات الضربات الجوية، زاعما أنها تستهدف منشآت لحركة حماس، وغطت سحب الدخان مناطق متفرقة من شمال قطاع غزة، وبعد إحدى هذه الغارات، شاهد مصور لوكالة فرانس برس في أحد شوارع غزة دمارا وركاما وزجاج نوافذ محطمة وأبنية منهارة. إلى الجنوب من هذا الموقع، روى أبو محمد وافي البكري (67 عاما) أن ديالا (سنتان) وأيمن (ثلاث سنوات) وحمادة (خمس سنوات) وزاهر (سنتان) البكري فضلا عن عدي وجمال أبو النجل وهم في الثانية والخامسة من العمر «كانوا ينامون عندما دُمّر المنزل الذي انهار على رؤوسهم». وأفاد شهود أنهم كانوا جميعا في الطابق الأرضي من المنزل العائلي المؤلف من ثلاثة طوابق والواقع بين خان يونس ورفح وقد انتشلت جثثهم بعد ساعة من الغارة. وكان جهاد البكري، والد أيمن وحماده وديال خرج من المنزل «قبل عشر دقائق من القصف لجلب المياه»، على ما قال الجد، مضيفا «لا أحد من أولادي مرتبط بالفصائل الفلسطينية، لم يكن هناك أي رجل في المنزل عند وقوع القصف». في رفح، قتلت في غارة إسرائيلية أخرى أريج مروان البنا وابنتاها سارة سمية وهما دون سن العاشرة، على ما أفادت مصادر طبية فلسطينية، وكانت فرّت من منزلها في مدينة غزة بعد إنذار إسرائيلي بوجوب مغادرة مدينة غزة، قبل عملية برية محتملة، ولجأت إلى منزل ذويها في رفح جنوبا. كانت أريج البنا حاملا في شهرها السابع، وقال مصدر طبي إن الأطباء في مستشفى رفح أخرجوا الجنين من بطنها بعد وفاتها، لكنه لم يكن على قيد الحياة. وتؤكد الطواقم الطبية في غزة أنها باتت عاجزة عن معالجة المصابين بسبب نقض في الأدوية والمياه والوقود الضروري لتشغيل مولدات الكهرباء. وأكدت وزارة الصحة في حكومة حماس في غزة الخميس أن مستشفى دير البلح بات يفتقر إلى المعدات الطبية. وحشدت إسرائيل قواتها في محيط قطاع غزة البالغ عدد سكانه 2,4 مليون نسمة، استعدادا لهجوم بري وقطعت الكهرباء والوقود والمياه عن جزء منه. داخل مدينة غزة، روى أحمد الملا بينما يحمل أوعية بلاستيكية أن والدته أرسلته إلى نقطة توزيع مياه، موضحا «أحيانا ننتظر ساعتين لكن عندما يأتي دورنا تكون المياه قد نفدت، المياه هي الحياة ولا يمكن لأي إنسان أن يعيش من دونها»، وقالت أم محمد: «الوضع صعب للغاية، لا مياه ولا كهرباء ولا طعام»، وقالت إن المياه المستخدمة في تحضير زجاجات الحليب للأطفال غالبا ما تكون مالحة وقد تصيب الأطفال الصغار بإعياء.