لا يمكن بحالٍ من الأحوال أن ننتظر من روبرتو مانشيني المدرب الجديد للمنتخب السعودي الأول أن يضرب بعصاه السحرية التي أحضرها معه من إيطاليا فيخرج لنا منتخبًا يسر الناظرين، أو يكتشف لنا مهاجمًا حقيقيًا وهدافًا نعرف جميعًا أننا لا نملكه حاليًا في جميع أنديتنا، ولا يمكن أن نلقي بكل مشاكلنا المستعصية القديمة على ظهر مانشيني، ونقول له: "دبرنا"!. مانشيني بحاجة لبعض الوقت للتعرف على إمكانات المنتخب السعودي ومشاكله، وسيقع في هذا الوقت بعدد من الأخطاء وهو يجرب ويستكشف ويسعى لعمل تشخيص كامل لحالة الأخضر، وما يمكن أن يناسبه من عناصر وطريقة لعب؛ وهو ما حدث أمام المنتخب النيجيري في أولى مباريات معسكر المنتخب السعودي في البرتغال استعدادًا لنهائيات كأس آسيا المقبلة، وقبلها افتتاحية الدور الثاني من التصفيات المؤهلة لكأس العالم التي يستهلها الأخضر بعد شهر تقريبًا. هل هذا الأخضر السعودي الذي ظهر أمام الأخضر النيجيري هو أخضر مانشيني؟! بالطبع لا.. والأكيد أن مانشيني كان يشاهد مثلنا ويحاول أن يتعرف على صحة اختياراته واختيارات مساعديه بقيادة الدولي السابق محمد أمين حيدر، وستحمل الفترة المقبلة بلا شك تغييرات عديدة ستكون نتيجتها إبعاد لاعبين وضم آخرين أقدر على ترجمة أفكار المدرب الإيطالي الذي لم يكن ليلام على نتيجة المباراة أمام نيجيريا لو تواصلت سلسلة الخسائر الممتدة منذ 11 شهرًا، ولا أن ينسب له الفوز لو حدث، ولا التعادل الذي تحقق بهدف قاتل من كرة ثابتة تغير اتجاهها بعد ارتطامها بحائط الصد النيجيري!. كان يمكن أن يفوز الأخضر السعودي مساء الجمعة لو أن حكم اللقاء ومعه حكم الفيديو احتسبا له ضربتي جزاء واضحتين وفاضحتين في الشوط الثاني، وكان يمكن أن يفوز بدونهما لو سلم من الأخطاء الفردية التي ارتكبها بعض لاعبيه، كما حدث في الهدف الأول الذي سجله خطأ في مرماه المدافع عبدالإله العمري الذي يعيش أسوأ حالاته الفنية في هذه الأيام حتى مع ناديه؛ لكنه يجد نفسه في التشكيل الأساسي للمنتخب، وهذه إشكالية أعتقد أن مانشيني بريء منها، ويتحملها الفريق المساعد الذي قام بترشيح الجزء الأكبر من القائمة الحالية؛ وكذلك عبدالله الحمدان الذي صنع الهدف الثاني بطريقة لم يكن ليحلم بها المهاجم النيجيري البديل كيليتشي، وكان يمكن أن نخسر بنتيجة ثقيلة لو أنَّ لاعبي نيجيريا أحسنوا استثمار الفرص المحققة التي تحققت لهم في الشوط الأول الذي غاب فيه منتخبنا تمامًا!. لذلك أقول: إن النتيجة في مثل هذه المباريات قد تكون خادعة، فالتعادل مع منتخب بقوة المنتخب النيجيري بل والفوز الذي كان يمكن أن يتحقق أمامه لا يعني أنَّ هذا هو أخضر مانشيني الذي نطمح أن نحقق به الكأس الآسيوية الغائبة منذ أكثر من ربع قرن، ولا أن نقارع به اليابان وأستراليا وكوريا الجنوبية وإيران، فالأخضر السعودي لا يزال يعاني من مشاكل عديدة في خطوطه، وضعفًا في بعض عناصره، وفقرًا في حلول خط وسطه، وهشاشة في هجومه، فهل يمكن لمانشيني أن يجد لكل هذه المشاكل حلولًا سريعة وناجحة، وأن يعيد صياغة الأخضر بشكل جديد وجميل يمزج فيه بين الخبرة والشباب، وأن يقوده بأمان في هذه المرحلة الانتقالية الحرجة؟!.