يعرف كثير من أهالي محافظة الأسياح قصة المزرعة التي بيعت في عقد التسعينات بعلبة سجائر فاستلمها المشتري -رحمه الله- كأرض خام بعد دفع ثمنها واستمر يعمل فيها ومن بعده أبناؤه حتى تحولت اليوم إلى مزرعة واستراحة متكاملة مثل كل المزارع المجاورة. كان الثمن -كما ذكرنا- علبة دخان لم يتبقَ بها وقت المفاصلة أكثر من خمس سجائر وهو ثمن بخس لا يكاد يذكر في حساب الأرقام لكنه كان صعبا وصعبا جداً في مفهوم المدخنين بالذات عند ما يكون طرف الرهان مثل مبارك -رحمه الله- الذي شربه وداوم شربه لأكثر من أربعين عام حتى صار جزءا من متعته اليومية، كان البائع أو طرف الرهان الأول صالح -متعه الله بالصحة- جاداً في عرضه وكان أكثر حرصا على صديقه ومؤنسه مبارك الذي كثيرا ما نصحه صالح بترك الدخان حفاظا على ما تبقى من صحته فلم تفلح كل نصائحه ولا محاولاته، ولأنه يحبه قدم له عرضا مغريا بحضور عدد من الأصدقاء وهو اقتطاع جزء من مزرعته مقابل تركه نهائيا للدخان بدءا من نفس اللحظة شريطة أن لا يعود إليه، ولأن العرض مغرٍ بالفعل ومن باب التقدير والاحترام لصديقه صاحب العرض رمى مبارك بعلبة السجائر في النار المشتعلة وقال: اللهم إني قبلت اللهم فاشهد، وعلى الفور قام كاتب بكتابة تنازل صاحب الأرض وحدود وأطوال ومساحة الجزء موضوع الرهان وبحضور عدد من الشهود مع شرط صاحب الملك عودة الأرض إليه متى ما ثبت عدم التزام صاحبه بما تعهد به على نفسه وعودته لشرب الدخان، وهو ما لم يحصل إذ استمر بالتزام ما تعهد به وانشغل منذ ذلك الحين بزراعة وعمارة أرضه.