اللحمةُ الوطنية للمملكة العربية السعودية جعلت من شعبها نسيجاً واحداً في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له باقي الجسد. هذا ما نُشّئ عليه أبناؤها منذُ توحيدها على يدِ المغفور له -بإذن الله- الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود؛ حيثُ أصبحَ هذا المبدأ وهذه القيمة أركاناً أساسية، أكّد ذلك أبناءُ الموحّد -غفرَ الله لميّتهم وأطالَ الله بعمر حيّهم-، يقول خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز: «إنّ تلاحمُ أبناء الوطن فخرُ واعتزاز الجميع، وقيمةٌ يُشكرُ الله عليها». ليس التعاطف والتواد والتراحم قاصر على أبناء الوطنِ داخله؛ بل يزدادُ خارجه ويعظم ويُستبان، ويكثرُ العطاءُ والودُ والتراحم، وهذا ما لاحظته وشاهدته بأمِّ العين في نادي الطلبة السعوديين في مدينة ليدز بالمملكة المتّحدة، إذ أُقيمَ لقاءٌ تعريفيّ للطلبة المستجدين من طلبة البكالوريوس والماجستير والدكتوراة للعامِ 2023م؛ الذين ابتعثوا لنيلِ هذه الدرجات من قبل حكومةِ خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين -يحفظهما الله-. ففي ذلك النادي اجتمعَ أولئك الطلاب في اجتماعٍ أخويٍّ صادق، وكانَ لرئيسهِ الدكتور عبد العزيز العثمان -المُبتعث لنيل درجة الدكتوراة في الطب التعليميّ- وزملائه أثرٌ بالغ، وجهدٌ يُذكر فيُشكر؛ إذ قدّم عرضًا شمل كل ما يحتاجه المبتعث المستجد، إذ تناول اللقاء تعريفاً بمدينة ليدز والتنقلات داخلها والسكن فيها وموقع سفير (البوابة الإلكترونيّة للمبتعثين السعوديين)، وفي ذلك اللقاء طُرِحَت نماذج من تجارب طلبة من المراحل النهائية للبكالوريوس والماجستير والدكتوراة؛ ليسهل على إخوانهم المستجدين، وينهلوا من هذه التجارب الثريّة، وهذا ولا شك يختصر الكثير والكثير من المتاعب، وتلكم من أهداف النادي، حيثُ يرنو إلى تعزيز أواصر التواصل الاجتماعيّ بين الطلبة السعوديين ومساعدتهم في التأقّلم مع المجتمع المدنيّ والمجتمع الطلابيّ، ومن أهدافه إحياء شعيرة عيديّ الفطر والأضحى، وتكريم الخريجين، وكذا الاحتفاء بيومهم الوطنيّ وإبانة التآخي والتآلف فيما بينهم في ذلك اليوم المجيد. كانَ اللقاء التعريفيّ للطلبة أنموذجًا في التواد والتعاطف والتراحم، كان رئيسه وزملاؤه بشعور الأب وإحساس الأخ الكبير وصدق الصديق، وتمثّلَ في ذلك اللقاء قول الأول «سافر ففي الأسفار خمس فوائد: تفريجُ همٍ، واكتساب معيشةٍ، وعلمٌ، وآدابٌ، وصحبةُ ماجد». النادي السعوديّ في مدينة ليدز ذراعُ من أذرع الملحقية الثقافية السعودية في المملكة المتحدة وإيرلندا، ويتّضح الجهد المبارك والمميّز من الملحق الثقافيّ سعادة الأستاذة الدكتورة أمل فطاني والعاملين معها، وما تنشده سفارة خادم الحرمين الشريفين ووليّ عهده الأمين، وما يقوم به سفير خادم الحرمين الشريفين صاحب السمو الملكيّ الأمير خالد بن بندر بن سلطان بن عبدالعزيز من متابعةٍ وحرصٍ شديدين؛ ليكونَ أولئك الأبناء في حرزٍ أمين؛ ليعودوا لخدمةِ دينهم وملكهم ووطنهم. ومن هذا المبدأ وعلى هذا الأساس ومن هذا المنطلق؛ كُوّنت الأندية الطلابية السعودية في الخارج؛ لتشكّل الأسرة السعودية في الخارج بكلِّ مبادئها وقيمها وتراثها وتلاحمها وتراحمها وتوادها وتعاونها وتواصلها؛ فهيَ البيوت السعودية للطلبة وأسرهم؛ تعينهم وتيسّر ما تستطيع من أمورهم الخاصة والعامة، وتساعدهم فيما قد يعترضهم من عقبات في أوّل عتباتهم وخطواتهم، كما أنّ العامل النفسيّ الذي توفره تلكم الأندية السعودية له الأثر الكبير في نفوس الطلاب؛ إذ الكثير منهم لا يعرفونَ عن جامعاتهم ولا مدنها ومجتمعها إلا اليسير، وقد ينتابهم شيءٌ من الخوفِ والوجلِ في بداية خطواتهم الأولى، تلكم الأندية تعالج الكثير مما يلزم أولئك الطلاب والطالبات، وقد لمستُ ذلك حينُ أُتيحت ليَ فرصة لحضور ذلك الاجتماع واللقاء التعريفيّ الأول الذي عقده النادي السعودي في مدينة ليدز في الثامن من أكتوبر للعام 2023م. بُورِكَ بعطاءِ مملكةٍ وحرصِ ولاةِ أمرٍ؛ أثمرَ قيماً وتكافلاً بينَ أبنائها. أدامَ الله عز بلادنا، وحفظ الله ولاة أمرنا، وسدد الله خُطى أبنائها.