في هذه الأيام نشاهد حراكاً يُغيّر المفهوم التقليدي للبريد، حيث يعقد المؤتمر الاستثنائي البريدي بنسخته الرابعة، تطلع فيه على واقع ومستقبل البريد والخدمات اللوجستية، هذا المؤتمر العالمي الذي يجمع قادة الاتحاد البريدي العالمي وكبار المسؤولين من وزراء ورؤساء شركات رائدة وممثلي 192 دولة حول العالم، فالمملكة العربية السعودية تتبوأ موقعاً استراتيجياً يربط القارات الثلاث ببعضها، وتسعى لاستغلال هذه الميزة لأن تكون مركزاً لوجستياً رئيساً تمر من خلاله مختلف البضائع والسلع، فعقدت العديد من الاتفاقيات بهذا الشأن أبرزها كان مبادرة الحزام والطريق مع جمهورية الصين الشعبية، والممر الاقتصادي الجديد مع الهند والإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة الأميركية وأوروبا، ولأن للمملكة مكانةً رصينة بين دول أعضاء الاتحاد البريدي العالمي؛ كان لاستضافتها المؤتمر الاستثنائي البريدي بنسخته الرابعة انعكاس لمكانتها البارزة على الساحة العالمية، وما تتمتع به من ثقل كبير في المنظمات الدولية لتطوير معايير تقديم الخدمات البريدية ودعم التجارة الإلكترونية وتحفيز الاقتصاد الرقمي، حيث حصلت المملكة على حق استضافة المؤتمر بعد فوزها بتصويت الدول الأعضاء في الاتحاد البريدي العالمي خلال اجتماع اللجنة العامة لمجلس إدارة الاتحاد الذي انعقد في أكتوبر 2022م. ولأهمية هذا المؤتمر ومخرجاته، جاءت الرعاية الكريمة من مولاي خادم الحرمين الشريفين، لتستضيفه العاصمة الرياض خلال الفترة من 1-5 أكتوبر الجاري، لبحث تطوير أعمال الخدمات البريدية وتعزيز دورها التنموي في ترسيخ معايير الاستدامة في مختلف القطاعات الاقتصادية والإنتاجية والخدمية، هذا المؤتمر الاستثنائي يأتي في مرحلةٍ محورية للاتحاد البريدي العالمي، حيث تُبنى فيها جسور شراكات جديدة مع مختلف شرائح القطاع البريدي. تسعى الرياض إلى تبنّي أفضل التقنيات المبتكرة في خدمات القطاع البريدي واللوجستي وتوظيف الذكاء الاصطناعي، لتطوير الخدمات المقدّمة للمستفيدين وترسيخ مكانة المملكة كمركز لوجستي عالمي ومحور يربط بين قارات العالم وأنموذجًا لمنظومة النقل المتكاملة. للبريد طابعٌ مختلف، ومشهدٌ ثقافي ملهم، تلتقي الشعوب لتتبادل الحلول المبتكرة والأفكار الإبداعية لتنمية القطاع البريدي وضمان استدامته، وهذا هو الدور الذي تتميز به المملكة، حيث تجمع بين البنية التحتية المتفوقة، والموقع الاستراتيجي المميز، والأنظمة والتشريعات المرنة، والخطة واضحة المعالم، والثقة الكبيرة من قِب المجتمع الدولي. استضافة مثل هذه المؤتمرات الاستثنائية هو انعكاس للجهود المستمرّة في تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030 في تطوير القطاع البريدي وتنميته، وما يوليه المسؤولون من اهتمام خاص للقطاع والعاملين فيه، مما يساهم في تعزيز الاقتصاد السعودي من خلال تنويع مصادره وشموليته نحو مستقبلٍ واعد ومستدام، في ظل قيادة حكيمة من مولاي خادم الحرمين الشريفين وسمو سيدي ولي العهد -حفظهما الله-.