عاصرت المملكة تحولات كثيرة في «أدب اليافعين»، والتي برزت طوال المشهد القديم راسمةً من خلاله تفاصيل متنوعة من بيئة المجتمعات، أسماءٌ عديدة أعطت وهجًا في تاريخ الأدب والسير، إذ إن أقدمية هذا النوع الفكري الأدبي، ساهم في تقديم أنموذج حديث في الخارطة الثقافية. هذا ما حاولت إبرازه الكاتبة والباحثة في أدب الطفل شوقية الأنصاري في حوارها مع «الرياض»، حيث تحدثت من خلاله عن مبادرة «الدراسات البحثية في أدب الأطفال واليافعين» والتي قدمتها هيئة الأدب والنشر والترجمة، بينت شوقية أن المبادرة تسهم في إثراء المكتبات السعودية بأبحاث أدب الأطفال واليافعين، فإلى الحوار: * كيف تقيّمين مبادرة «الدراسات البحثية في أدب الأطفال واليافعين»؟ * إن بصمة حضور الطفل كباحث وشاعر وأديب ومبدع باتت ظاهرةً نتج عنها مشاركته في المسابقات الثقافية الأدبية والعلمية والفنية بأرقام تتجاوز المليون مشارك، برهن الطفل فيها عن إبداع إنتاجه الأدبي مما يستدعي استحضار مبادرة الدراسات البحثية في أدب الطفل واليافعين، ليكون محط أنظار الباحثين والباحثات من الجهات الأكاديمية ومن المهتمين بحركة النقد؛ ليتدارسوا لغة الطفل الأدبية وتطور إبداعها مع الانفتاح المعرفي الضخم، فالحاجة للمبادرة مهم للغاية، فجاء توجّه هيئة الأدب والنشر لردم فجوة عزوف المثقفين والأدباء والباحثين عن خوض تجربة التأليف والبحث والنقد في أدب الطفل من جهة، ومن جهة أخرى أن مَن يحتك بالطفل مِن فئة التربويين لا تتيسّر لهم العناية بعمل الأبحاث على إنتاج الأطفال المبدعين، فتقتصر مهمتهم بالتدريب على الكتابة والبحث والرسم، إضافة لغياب التشارك بين المهتمين بأدب الطفل من التعليم العام والجامعي لتهدف المبادرة لجمع الجهود ورفع مستوى جودة العمل. * برأيك، ما مدى الحاجة إلى مثل هذه المبادرات البحثية النقدية؟ * كثيراً ما تختص الملتقيات الثقافية بمشاركة فئة الأساتذة الجامعيين والأكاديميين، وأغلب ما يطرح هو في قالب أبحاث تنظيرية قائمة على الإحصاءات والتحليل على ما نشر بالمجلات والقصص قدّمها الرعيل الأول من كُتاب أدب الطفل، ولم يقفوا على الإنتاج الجديد المبتكر الذي قدّمه الطفل لنفسه ولأقرانه لتكون هناك تجربة بحثية ابتكارية تقيس التحول والتطور لأدب الطفل، إضافة إلى أن هؤلاء الأكاديميين لم يشرفوا مباشرة على تعليم الأطفال مثل ما يقف التربوي منغمساً في مهاراتهم ويلاحظ حالات تطورهم، فيصقل إنتاجهم الذي بات منافساً لحراك أدب الكبار تأليفاً وبحثاً وابتكاراً. * بماذا تتميز الدراسات البحثية ليتم الاعتماد عليها في هذه المبادرة؟ * حسنٌ، الكل يدرك أن حضور لغة الطفل مازالت تلازم كتابات الأدباء، وهنا المحك للالتفات لتجارب حيّة أنتجها الأطفال من خبرتهم كتجربة لجين الحازمي أصغر روائية في العالم تستحق البحث بتوظيف الأدب المقارن مع تجارب دولية أو عربية للوصول إلى نتائج تخدم حراك أدب الطفل في السعودية، كذلك خوض أكثر من مليون طالب وطالبة تجربة تحدي القراءة العربي، فقراءة أكثر من خمسين كتاباً في السنة نتج عنها ملخصات ومؤلفات حفزت الطفل بعدها أيضاً لخوض مسابقة المهارات الثقافية التي أقامتها وزارة الثقافة مع وزارة التعليم، فهذه الإنتاجية تُعد باباً للدراسات البحثية كون إنتاج الطفل فيها يمثل ركيزة من ركائز أدب الطفل، بالإضافة إلى قراءة إنتاج الأطفال الأدبي مع جائحة كورونا والأزمات بصفة عامة لمتابعة الحالة النفسية للأطفال ومدى تحسّنها عند توظيف الكتابة كعلاج. * ماذا قدمتِ بحكم تخصصك في مجال الكتابة للطفل؟ * عملت في وقت سابق على مبادرة تطوعية بعنوان (مملكة التأليف) قُدّم خلالها أكثر من عشرة مؤلفات أنتجها الطفل وهي محك للبحث، قُدّمت فيها دراستان بحثيتان تتعلق الأولى بإبداع الطفل الأديب في القرن الحادي والعشرين وسنشارك بها في مهرجان اللغة العربية نوفمبر 2023م، والأخرى تتعلق بمهارات التفكير وتطورها مع الكتابة الإبداعية للطفل وقد تم المشاركة بها في مؤتمرٍ للغة العربية عام 2022م. * تُوفر المبادرة عشر مِنح للباحثين.. ما انعكاسها على المشهد الثقافي؟ * ستحقق الشراكة بين الباحثين التربويين والباحثين الأكاديميين نتائج محفزة للغة الإبداع الجمعي وبالتالي الثراء المعرفي المتبادل بينهم لتطوير حراك أدب الطفل مما يؤول إلى تصدُّر المشهد في التأليف والبحث والنقد. جعلتني هذه المبادرة كباحثة أيضاً أقلّب عناوين مؤلفات الأطفال التي أشرفت عليها في مشروع (مملكة التأليف) لتتوالد الأفكار البحثية في عدة مسارات منها: توظيف الطفل للهجته الفصيحة أثناء الكتابة، وكتابة الطفل ليومياته وتدوين سيرته وخوض تجربة أدب الرحلات، ودراسة الأسلوب السردي المستخدم من قبل الطفل في كتابة قصصه، وهي نتائج حتماً ستكون ذات أثر على حراك أدب الطفل وتحسّن مخرجاته. * من وجهة نظرك، هل سيتأثر أدب الأطفال واليافعين بنتائج الأبحاث؟ * حتماً ستكون المبادرة محفزة للعناية بمواهب الطفل الأديب وابتكار فعاليات تخدم هذا التوجه كإقامة معرض كتاب للطفل الأديب، وكذلك النظر لإنتاج الطفل وتحولاته من المكتوب والرقمي إلى العرض المرئي، لتسهم هذه المبادرة في ظهور الطفل الريادي.