وفر برنامج رؤية السعودية 2030 حافزاً للنمو لدى البنوك السعودية الذي سيستمر في المساهمة في زيادة العائد على الأصول، بالمقارنة مع نظيراتها الخليجية، حيث متوقع أن تحقق البنوك السعودية عائداً على الأصول بنسبة 2.2% في عام 2023، مقارنة بمتوسط نظيراتها الخليجية البالغ 1.8%. في حين أن ارتفاع أسعار الفائدة سيقلل من إجمالي نمو الإقراض لدى البنوك السعودية، إلا أن المشاريع المرتبطة برؤية المملكة 2030 ستبقي نمو الائتمان أعلى بكثير من متوسط نظيراتها الخليجية البالغ 4% في عام 2023. من المرجح أن تؤدي زيادة الإقراض للشركات، وارتفاع أسعار الفائدة، وتقلبات المحفظة، إلى زيادة طفيفة في القروض المتعثرة وتكاليف الائتمان. مع ذلك، ستظل مقاييس جودة أصول البنوك السعودية أفضل من المتوسط لدى نظيراتها؛ نظراً لانكشافها الكبير على إقراض الرهن العقاري المدعوم من الحكومة، ومتوقع أن تبلغ نسبة القروض المتعثرة 2.1% وتكاليف الائتمان 60 نقطة أساس لدى البنوك السعودية في عام 2023، مقارنة ب3.5% و90 نقطة أساس على التوالي لدى نظيراتها الخليجية. كما أن ظروف السيولة ستصبح أكثر تشدداً، بالنسبة للبنوك السعودية، وبحسب محللي وكالة «إس آند بي جلوبال للتصنيفات الائتمانية» في نشرة بعنوان "البنوك في الاقتصادات الخليجية الرئيسية قادرة على الصمود في مواجهة الظروف التشغيلية الأقل دعماً" فهم يتوقعون أن يؤدي تشديد ظروف السيولة إلى تقليل الاستفادة من ارتفاع عوائد الأصول؛ وذلك لأن البنوك ستضطر إلى اتباع خيارات تمويل أكثر تكلفة، في حين ستستمر الودائع في الانتقال إلى الأدوات التي تدر فائدة. وتجدر الإشارة إلى قطر أيضاً، حيث تعمل البنوك تدريجياً على تقليل لجوئها إلى التمويل الخارجي واستبدال جزء منه بمصادر أكثر تقلباً، على سبيل المثال، من خلال استبدال ودائع العملاء غير المقيمين بودائع بين البنوك لغير المقيمين، وسيواجه المشترون في الكويتوقطر ضغوطاً على السيولة على شكل ارتفاع في تكاليف التمويل، مما قد يفاقم المخاطر على الطلب على العقارات وأسعارها. مصدر قوة البنوك الخليجية تظل الرسملة مصدر قوة للبنوك الخليجية، حيث تمتع البنوك الخليجية دائماً بهوامش رأس مال مريحة، ولا نتوقع أن يتغير ذلك. نعتقد أن تباطؤ نمو الائتمان وارتفاع الأرباح يعني بأن المقاييس الرأسمالية لدى البنوك الخليجية ستظل مستقرة. سجلت الأنظمة المصرفية في كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدةوقطروالكويت نسبة رأس مال تنظيمي من الشريحة الأولى بلغت 15% وأكثر في عام 2022. وسيتباطأ نمو الأرباح لدى البنوك السعودية في عام 2023؛ لسببين رئيسيين هما تباطؤ نمو الائتمان وارتفاع رسوم انخفاض القيمة، ومتوقع أن تظل الأساسيات المصرفية في المملكة العربية السعودية قوية. ومع زيادة تشبع سوق الرهن العقاري، نتوقع أن ينخفض الطلب ذي الصلة وأن يؤدي إقراض الشركات إلى زيادة نمو الائتمان خلال بقية عام 2023 وفي المدى المتوسط. ستخالف البنوك الأصغر حجماً توجهات إقراض الرهن العقاري، في المدى المتوسط، في حين أن نمو قروض الرهن العقاري لدى البنوك الأكبر حجماً سيتباطأ. سيؤدي ارتفاع أسعار الفائدة إلى تراجع إجمالي نمو الإقراض إلى 10%، التي تبقى نسبة قوية، في عام 2023، من 14% في عام 2022. من ناحية إيجابية، نتوقع أن تتحسن الهوامش، على الرغم من أن البنوك ذات التركيز الأقوى على خدمات الأفراد ستشهد بعض الضغوط على هوامشها. ومن شأن المزيد من الانتقال إلى الودائع طويلة الأجل أن يوازن جزئياً الفوائد المستمدة من العائدات المرتفعة من قروض الشركات. سيؤدي تحول البنوك المتزايد إلى قروض الشركات غير المدعومة كجزء من برنامج رؤية المملكة 2030 إلى زيادة القروض المتعثرة وتكاليف الائتمان، لكن ارتفاع صافي الدخل سيدعم هوامش رأس المال. يتناقض هذا التطور تماماً مع عام 2022، عندما كانت رسوم انخفاض القيمة منخفضة وتمكنت البنوك من التعافي بعد أن قامت بتحميلها في بداية الفترة في عامي 2021 و2020. نتوقع أن ترتفع رسوم انخفاض القيمة في عام 2023. مع ذلك، نتوقع أن تعلن البنوك عن نمو أعلى في صافي الأرباح مقارنة بعام 2022؛ نظراً لارتفاع الهوامش والنمو القوي للائتمان. بالإضافة إلى ذلك، فإن العائد القوي على حقوق الملكية سيدعم هوامش رأس المال. ستواصل البنوك تسجيل مقاييس جودة أصول قوية. شكلت قروض المرحلة الثانية 5.2% من إجمالي القروض في عام 2022، فيما ساهمت قروض المرحلة الثالثة بنسبة 1.8%. ونتوقع أن ترتفع نسبة قروض المرحلة الثالثة إلى 2.1% في عام 2023، وهو أفضل من متوسط نسبة قروض المرحلة الثالثة في دول الخليج. وستكون مخاطر التمويل أحد التحديات الرئيسية التي ستواجه القطاع المصرفي السعودي، حيث واصلت الحكومة السعودية ضخ الودائع في النظام المصرفي لمساعدة البنوك على تمويل نموها. ولكن بسبب انخفاض أسعار النفط، انخفضت الودائع الحكومية لدى البنك المركزي السعودي. بالرغم من أن ذلك ليس جزءاً من السيناريو الأساسي لدينا، قد تبدأ الحكومة السعودية والكيانات المرتبطة بها في سحب ودائعها في مرحلة معينة، مما قد يؤدي إلى تجدد ظروف السيولة المشددة، على غرار تلك التي شهدناها العام الماضي، نلاحظ أيضاً بأن النظام المصرفي السعودي ما يزال يتمتع بمركز أصول خارجية صافي، لكن المزيد من التراكم الكبير للديون الخارجية يمكن أن يشير إلى زيادة الانكشاف على ظروف السيولة العالمية. سيقلل ارتفاع أسعار الفائدة من النمو الائتماني لدى البنوك الخليجية، ولكن أداء البنوك السعودية والإماراتية سيكون أكثر مرونة. نتوقع أن يؤدي ارتفاع أسعار الفائدة إلى انخفاض نمو الائتمان لدى البنوك الكويتية إلى نحو 3% من نحو 8% في عام 2022، وتراجع إجمالي نمو الإقراض لدى البنوك السعودية إلى نحو 10% في 2023، من 14% في 2022. من ناحية أخرى، ستستفيد البنوك الإماراتية من استمرار النمو القوي للناتج المحلي الإجمالي غير النفطي، مما سيخفف إلى حد ما من التأثير السلبي لارتفاع أسعار الفائدة على نمو الائتمان. نتوقع أن يتحسن نمو الائتمان لدى البنوك الإماراتية إلى نحو 7% في عام 2023، مقارنة ب5% في عام 2022. ولكن ارتفاع أسعار الفائدة لفترة طويلة وتباطؤ الاقتصاد النفطي قد يفرض تحديات. ستواصل البنوك القطرية، على عكس نظيراتها في الدول الخليجية، مواجهة انخفاض حاد في نمو الائتمان؛ وذلك لأن مشاريع البنية التحتية الرئيسة في البلاد، والتي تعد المحرك الرئيسي للطلب على الائتمان من خلال المقاولين، قد أُنجزت قبل استضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم فيفا 2022. نتوقع تراجع طفيف في مقاييس جودة الأصول، ولكننا نعتقد أن التأثير السلبي على عوائد البنوك سيكون محدوداً. أدى ارتفاع أسعار الفائدة إلى ارتفاع حاد في تكاليف الاقتراض. نعتقد أن تباطؤ الطلب الناتج عن ذلك في سوق تأجير العقارات سيُضعف مقاييس جودة الأصول لدى البنوك القطريةوالكويتية، بالإضافة إلى ذلك، سيسهم انخفاض انكشافات البنوك القطرية على الإقراض الأجنبي في تكاليف خسائر القروض. مع ذلك، فإن الانكشاف القوي للبنوك القطرية على القطاع العام والهوامش العالية لمخصصات البنوك الكويتية سيخففان من الآثار السلبية ويحدان من الزيادة في نسب القروض المتعثرة. ونتوقع أن تسجل الإمارات نمواً قوياً في الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي بنسبة 6% في عام 2023. سيؤدي هذا، إلى جانب المبالغ المستردة من المخصصات المحجوزة في العامين الماضيين، إلى خفض تكاليف الائتمان لدى البنوك الإماراتية في عام 2023 مقارنة بعام 2022. على الرغم أن تكاليف الائتمان في منطقة الخليج سترتفع، باستثناء دولة الإمارات، إلا أننا ما نزال نتوقع تحسن العائد على الأصول لدى البنوك الخليجية في عام 2023، الناتج أساساً عن ارتفاع الهوامش ونمو الإقراض الذي ما يزال مقبولاً، ولو أنه بوتيرة أقل، في بعض الدول الخليجية.