يسابق رجال الإنقاذ المغاربة الزمن بدعم من فرق أجنبية، للعثور على ناجين وتقديم المساعدة لمئات المشردين الذين فقدوا منازلهم بعد أكثر من 48 ساعة على الزلزال المدمر الذي خلف 2497 قتيلا على الأقل. وأعلن المغرب أنه استجاب لأربعة عروض مساعدة قدمتها عدة دول، لمواجهة تداعيات الزلزال. وذكرت وزارة الداخلية في بيان أن "السلطات المغربية استجابت في هذه المرحلة بالذات، لعروض الدعم التي قدمتها الدول الصديقة، والتي اقترحت تعبئة مجموعة من فرق البحث والإنقاذ". وأكدت أن هذه الفرق بدأت التواصل مع نظيراتها المغربية لتنسيق جهودها. وقالت إسبانيا، إنها أرسلت 86 عاملا إنقاذ إلى المغرب مع كلاب متخصصة في البحث عن ضحايا، في حين وصلت طائرات الى مراكش محمّلة بفريق ومعدات إغاثة. وأشارت وزارة الداخلية المغربية إلى إمكان "اللجوء لعروض الدعم المقدمة من دول أخرى صديقة" إذا اقتضت الحاجة، مؤكدا ترحيب المملكة "بكل المبادرات التضامنية من مختلف مناطق العالم". وأعلنت دول عدة بينها فرنسا والولايات المتحدة استعدادها لتقديم المساعدة للمغرب، وعبرت عن تضامنها معه بعد الزلزال الأعنف الذي شهدته المملكة وأسفر عن 2122 قتيلا و2421 جريحا، وفقا لأحدث حصيلة للضحايا نشرتها وزارة الداخلية الأحد. وأعلنت وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا، تقديم مساعدة بقيمة خمسة ملايين يورو للمنظمات غير الحكومية المشاركة حاليا في عمليات الإغاثة في المغرب بعد الزلزال. وفي انتظار انتشار فرق الإنقاذ الأجنبية على الأرض، بدأت السلطات في نصب الخيام في الأطلس الكبير حيث دمرت قرى بكاملها جراء الزلزال. انتهت الحياة ويعمل مسعفون ومتطوعون وأفراد من القوات المسلحة من أجل العثور على ناجين وانتشال جثث من تحت الأنقاض، خصوصا في قرى إقليم الحوز، مركز الزلزال جنوب مدينة مراكش السياحية في وسط المملكة. وفي قرية تيخت الصغيرة القريبة من بلدة أداسيل، بقيت مئذنة وبعض المنازل من الحجارة صامدة وسط دمار شبه تام لحق بكل ما حولها، وفق ما شاهد صحافيون في وكالة فرانس برس. وقال أحد سكانها محسن أكسوم (33 عاما) "انتهت الحياة هنا... ماتت القرية". والزلزال الذي وقع ليل السبت، بقوة 7 درجات بحسب المركز المغربي للبحث العلمي والتقني (6,8 وفق هيئة المسح الجيولوجي الأميركية)، هو الأقوى يتمّ قياسه في المغرب على الإطلاق. وسجلت أكبر حصيلة للضحايا في إقليم الحوز (1351). ويمتد هذا الإقليم في معظمه على جبال الأطلس الكبير محتضنا العديد من القرى النائية في الغالب، وسط تضاريس وعرة، ومعظم بيوتها تقليدية لا تحترم شروط مقاومة الزلازل. وفي مواجهة حجم الدمار، تشهد مدينة مراكش حملات تضامن مع المتضررين والجرحى، خصوصا لجهة التبرع بالدم، إذ أقبل العديد من سكان المدينة الى المستشفيات للمساعدة، بينما قام آخرون بجمع مساعدات غذائية. وقال إبراهيم نشيط من منظمة "دراو سمايل" ("ارسم بسمة") "نحن بصدد جمع المواد الغذائية لمساعدة المناطق المتضررة من الزلزال"، مشيرا الى أن الجمعية تعتزم كذلك إرسال "قافلة طبية" الى المناطق الأكثر تضررا من الكارثة. وقال نائب رئيس الجمعية عبداللطيف رزوقي "أعتقد أن الحصص الغذائية التي تم جمعها كافية لدعم 100 عائلة على الأقل على مدى أسبوع". ساعات حرجة وصرف الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر، ومقرّه جنيف، مليون فرنك سويسري (1,1 مليون دولار) من صندوق الاستجابة لحالات الطوارئ للكوارث التابع له، لدعم عمل الهلال الأحمر المغربي الميداني. ونبّهت اللجنة الدولية للصليب الأحمر السبت إلى أهمّية حاجات المغرب المستقبلية، مع "24 إلى 48 ساعة حرجة" وحاجات "لأشهر أو حتى سنوات". وتقرّر تعليق الدراسة في 42 جامعة (دائرة) في الأقاليم التي ضربها الزلزال اعتبارا من الاثنين، وفق ما أعلنت وزارة التربية الوطنية. وتبنت الحكومة مشروعا لإحداث "الصندوق الخاص بتدبير الآثار المترتبة على الزلزال الذي عرفته المملكة المغربية"، سيفتح لتلقي التبرعات. ويهدف المشروع الى تغطية نفقات تشمل خصوصا "إعادة بناء المنازل المدمرة"، و"التكفل بالأشخاص في وضعية صعبة، خصوصا اليتامى والأشخاص الضعفاء"، وأيضا "التكفّل الفوري بالأشخاص بدون مأوى جراء الزلزال، لا سيما في ما يرتبط بالإيواء والتغذية وكافة الاحتياجات الأساسية". وإضافة الى الحصيلة البشرية والدمار، أثار الزلزال خشية على مصير مواقع تاريخية خصوصا في مراكش، حيث تعرضت المدينة القديمة ومواقعها المدرجة على قائمة اليونسكو للتراث العالمي الى أضرار بسبب الزلزال.