منذ بزغ فجر رؤية المملكة 2030 التي يقودها عرابها سمو الأمير محمد بن سلمان ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء حتى أصبحت معالمها السياسية والاقتصادية والاجتماعية حاضرة المشهد وواقعاً معاصراً، يتعايش في كنفها الجميع لما أوجدته من نقلة نوعية غير مسبوقة بمسار القطاعين العام والخاص، في ظل تفعيل استراتيجية التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي والتوجه نحو تقنيات التطبيقات المالية والتجارة الإلكترونية والأمن السيبراني وإنترنت الأشياء، والتوسع في جذب وتشجيع مشاريع الاستثمار الوطني والأجنبي القائمة على الاقتصاد المعرفي مما جعل للرؤية دوراً مهماً وحيوياً بمثابة حافز في بث الشغف والحماس لاستقطاب الكفاءات الوطنية في مختلف المجالات التي تستجيب للمتغيرات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتقنية في المملكة. فالإبداع والريادة وتحليل المعلومات والمهارات الرقمية مع التفكير الابتكاري لحل المشكلات المعقدة وبث روح القيادة المتنامية بمهارة الذكاء العاطفي، والنظر بعين الحسبان إلى أن بزوغ فجر تقنيات الروبوت والذكاء الاصطناعي الذي وإن كان يهدد استمرارية الوظائف التقليدية في مختلف دول العالم إلا أنه سيعمل على إيجاد وظائف عصرية غير تقليدية وبشكل مضاعف في ظل تنامٍ سريع ملحوظ وملموس لأتمتة كثير من الأنشطة والإجراءات لمختلف الخدمات التي يقدمها القطاعان العام والخاص تنشأ وظائف غير تقليدية وفرص عمل اقتصادية تستقطب طموح الأجيال الحاضرة وتستلهم بشغفهم مستقبل زاهر وواعد. وبما أن اختيار الطالب للمهنة أو الوظيفة يسبقه المرور بمرحلة تعليمية تأهيلية تعتبر الأهم في حاضره عند رسم مساره العلمي ومستقبلاً تحتل مكانة رئيسة في تكوينه المهني، ولذا نجد أن الطالب -في هذه المرحلة الجوهرية- التي تعتبر فاصلاً بين مفترق طرق وقد يكون لديه نوع من الضبابية والطموح مغيباً مما يجعله يمر بالعديد من المنعطفات تحت ما يسمى ظاهرة تغيير التخصص الأكاديمي في المرحلة الجامعية أو في الدراسات العليا، وهذا له عدة مبررات من أهمها قد يكون منذ البداية الاختيار الخاطئ للتخصص، وهذا يعزى إلى غياب الإرشاد الأكاديمي في مرحلة ما قبل الالتحاق بالجامعة، وقد يكون عدم إدراك الطالب لقدراته الذاتية التي تحفزه على اختيار المسار العلمي الذي يحقق طموحه ويلبي رغباته. وقد يكون نتيجة رغبة جامحة لدى الطالب في صناعة الفرق في مساره المهني ليواكب متطلبات سوق العمل، وهذا ينعكس إيجاباً على زيادة الدخل ويلبي طموحاته. وبطبيعة الحال لا يمكن تجاهل التأثير الأسري والاجتماعي لتحديد تخصص بعينه دون غيره على الطالب فرضاً وليس اختياراً نتيجة العادات والتقاليد المتبعة في المجتمع، وهذا يعتبر تحدياً قاسياً لرغبة الطالب في اختيار ما يناسبه أو يحلم في تحقيقه وفق قدراته الشخصية والإمكانيات المتاحة له. وفي ظل تنامي سوق العمل السعودي وقدرته على استقطاب الكفاءات المهنية الوطنية، فالأهمية الآنية والفرص السانحة تكمن في استثمار وجود صروح التعليم العالي الوطنية وبرامج الابتعاث الداخلي والخارجي بتذليل العقبات بما في ذلك اشتراطات القبول التي قد تحد من التحاق طالبي العلم والتميز المهني وعلى وجه الخصوص في تخصصات تلبي احتياجات مستقبلية في سوق العمل؛ والاستفادة من التجارب العالمية المرموقة التي من شأنها أن تبث في مواردنا البشرية الوطنية حب التعلم والإبداع والابتكار في مختلف تخصصات التعليم العالي والتقني والمهني لما لذلك من دور كبير في تمكين أفراد المجتمع وتسلحهم بفنون المعرفة وإكسابهم المهارات العصرية وتنمية القدرات الذاتية مما يجعلهم لبنة صالحة ونافعة كمكتسب وطني ذي تكوين مهني يقبل التعايش مع التغير العصري ويشارك بكل إيجابية في مراحل البناء للنهضة التنموية الوطنية غير المسبوقة التي رسمت معالمها رؤية المملكة 2030. *متخصص في قانون الاستثمار