ما يطرح في الوسط الرياضي يخرج بالرياضة إلى حيز هوائي لا يعرف منتهاه في مسافات التحيز والميول الجارفة، تبدأ الحكاية بتداول جماهيري وتطارح إعلامي عبر وسائل ومنصات وفي مجالس تصل بنا إلى متكلمين يكثر بينهم القيل والقال، والجدل والجدال، دون وصول إلى حقائق تبعدنا عن المضائق.. فتنتهي بتشنج الأنفس هنا وهناك، ما يطرح جماهيرياً واتصالياً في الرياضة غالباً يذهب جفاء وليس فيه ما ينفع الناس.. تحاول الاستمرار، لكنه يكون وسطاً مشحوناً فيه أناس متعطشون للإسقاط والشماتة والتخاصم، فيه أناس أخرجوا روح الرياضة عن أصلها وعززوا انتصار الذات. واستشعاراً بالواقع وإرهاصاته طالعتنا هيئة الإعلام المرئي والمسموع الموقرة بتحذير عقلاني يمنع الإساءات والطرح السيئ أو التجاوزات التي تقود إلى إشعال التعصب الرياضي السلبي ويصل إلى تشويه الواقع والمنافسة الرياضية، وهذا التحذير هو توجه مميز وضروري يجب أن يضطلع به المنتسبون والعاملون والمتابعون والجمهور وغيرهم من يشارك بعاطفته الحدث والوسط الرياضي. ولا شك أن الحديث عن التعصب الرياضي والتحذير منه من قبل المرجعية الإعلامية كجهة مسؤولة عن متابعة صناعة وطرح ومراقبة المحتوى الإعلامي ومنه المحتوى الرياضي يستوجب على الجهة الموقرة إعداد دفتر ومدونة سلوك إعلامي يضمّن التوضيحات المنهجية والتعريفات والحدود والمعاني والعبارات والمفاهيم والأفكار والحرية التعبيرية ليتسنى فهم ماهية التعصب السلبي فهماً ملائماً ويستطيع المتابع الوعي بدقائق الأمور وتفاصيلها وعمقها. وتتعلق هذا التوضيحات مثلاً بنوعية المحتوى واللغة وتحرير المصطلحات "تجاوزات، إساءات، إسقاط، اتهام، تجني، تهكم، احتقار، مغالطة، افتراء، كذب.." كما يتضمن وضع تصنيف واضح للفئات المستهدفة من التحذير المسؤول الرياضي والعادي، الشخصيات العامة والاعتبارية، العاملون في المجال الرياضي، الإعلاميون والنقاد، وغيرهم.. حيث ينبغي أن يتضح للكل ماهية التنظيم، ولوائح النظام، ونوع المسؤولية، وحجم الواجبات، وطبيعة الحقوق، وأساليب ومواد المحاسبة. لذلك فمنطلق التعامل مع هذا الملف أجده يبدأ من عمل خارطة طريق تصاغ في عدة أمور: توضيح الحقوق والواجبات والمخالفات والمفاهيم والتعريفات بشكل دقيق لكي تتبعها برامج التوعية والتثقيف بما لنا وعلينا ويفهمها المتلقي. تضمين أطراف التعصب وذكرهم بشكل واع وبيّن خصوصاً أهل التعصب الخفي الذين لا يظهرون للملأ ولكنهم مسؤولون عن صناعة المحتوى وإعداده وتمريره، فمثلاً العاملون في الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمقروءة الذين يقبعون خلف الكواليس حيث لهم دور في التعصب بانتقاء المحتوى الصاخب والتركيز على طرف دون طرف بحسب التحيز. صياغة رسائل فيها استمالات وجدانية وعاطفية مدروسة علّها تدوم فتجد الاستجابات الانفعالية. تبيان مفردات تنظيم السلوك القولي والفعلي ومواد المخالفة ونوعية وكيفية المحاسبة. ومؤكد أن مزيداً من الحوار والنقاش العملي سوف يسهم في وضع وسنّ نظام ملموس ومعقول يقوده وينفذه متخصصون، فالمشروع الرياضي الوطني يتطلب تفاعلاً إيجابياً مع مجريات الأحداث، حيث إن محتوى التعصب والتناكف الشاذ لا يخدم صورتنا الذهنية، فكلنا اليوم مرسل ومستقبل، وهناك من يتابعنا، فليس معقول أن تصرف الأموال وتستنفد الجهود ويقيّمها المتعصبون بطريقة مائلة لأجل نادٍ أو طرف محبب لهم. ويبقى القول: يجب علينا التفاعل بجدية ومصداقية مع ما طرحته هيئة الإعلام المرئي والمسموع، وأن نستشعر مسؤوليتنا تجاه رياضة بلادنا قبل أنديتنا، لأننا في واقع يشاهده العالم كله، فنحتاج إلى مساحات من حرية التعبير المسؤول، وإبراز مهنية المتخصصين، وإظهار ثقافة الجمهور واستيعابه للمشروع الرياضي بتفاعلاته الإيجابية، فالتعصب بميل محمود ورقي لا يؤذي حرية ولا كرامة الآخر هو مفروض، فميول المودة لطرف لا يمكن أن تحجب وتنزع، أما ما هو مرفوض فهو ما يقود إلى تعصب مؤذٍ يضع صاحبه على منصات العقاب والتشويه.. فكونوا للخير والوطن أقرب.