ذات مرة وفي أحد الممرات داخل أحد الأحياء السكنية والتي اعتاد فيها الصغار اللهو واللعب، بعد أن يقرر آباؤهم السماح لهم بالخروج لوقت قصير على أن يعودوا في مدة وجيزة إلى منازلهم، فيبدأ حينها الصغار وببراءتهم التي تقبض القلوب، الركض والقفز والتنافس فيما بينهم، متسائلين ومتحدين أنفسهم، من سينتصر عصر اليوم في سباق السرعة، فينطلقون بكل ما أوتوا من قوة إلى العلامة التي وضعوها في آخر الطريق، وما إن ينغمسوا في تحديهم إلا والوقت المسموح لهم بالخروج من المنزل قد انتهى، فيعود هؤلاء الصغار إلى منازلهم وكلهم شغف وإصرار على أن يأتي اليوم التالي ليكرروا تلك التجربة الكبيرة التي يتمنون أن لا تنتهي، وفي أحد الأيام صادف أن يمر ذلك الرجل هذا الحي السكني، هذا الرجل كرس نفسه وجهوده في اكتشاف وصقل المواهب الفريدة ولعله هذه المرة تفاجأ غير كل المرات بأن عددًا ليس بالقليل من أطفال هذا الحي متميزون وبارعون، فقرر أن يجلس مع أهاليهم ويشرح لهم الفوائد التي لا تحصى عندما يستثمرون في أبنائهم الذين سيكونون منارة تنير الدروب في المستقبل، والأهم أن يفرغوا طاقاتهم الفريدة داخل الأماكن الصحيحة بعيدًا عن الشارع، وهو ما حدث فأخذ هذا الرجل بأيدي هؤلاء الصغار إلى ذلك المركز الذي يعنى بصقل المواهب والمهارات، فأصبح الأطفال بعد حين أبطالًا وسفراء ناجحين ومثالًا يحتذى لأقرانهم. في المملكة وعند الحديث عن الأكاديميات، يبرز الدور الكبير الذي تقوم بها أكاديمية مهد للرياضة، والمعنية بصقل وتخريج الأبطال السعوديين في مختلف الألعاب الرياضية والذين سيكونون فيما بعد أسماء لامعة وخير سفراء رياضيين لبلادهم، وهذا ما يؤكد أننا في المملكة نعيش عصرًا رياضيًا زاهرًا، واهتمامًا كبيرًا من القيادة الرشيدة بالقطاع الرياضي، الذي أصبح وبفضل هذا الدعم حديث العالم ومصدر جذب لبلادنا المليئة بالفرص والمكتسبات الكبيرة للكوادر الوطنية في مختلف القطاعات، وخير معين للمواهب والطامحين في أن يحققوا أحلامهم المستقبلية وفق أعلى الإمكانات التي توفرها هذه الصروح الوطنية. إن الاستثمار في العقول والأفكار والمبدعين عمل نبيل ويستشرف المستقبل، ويدفع بالمجتمعات إلى الأمام بوعي وإلمام بأهمية هذا الفعل العظيم الذي من شأنه أن يصل بالإنسان إلى عوالم جديدة وفجر جديد له، وستكون خير معين لمستقبل الأجيال الجديدة اللاتي ستصبح فيما بعد خبراء ومختصين في مجالاتهم، ناقلين تجاربهم الفريدة إلى أجيال أخرى. فيصل الجنيدل - اللرياض