تنفرد المملكة باتساع مساحاتها وتنوّعها الثريّ في طبيعتها وتضاريسها، فضلاً عن موقعها الجغرافي الذي أكسبها خصوصية مميزة، وهو ما ساهم في تباين نظمها البيئية وزيادة محتوى عناصر التنوع الأحيائي فيها، ومنحها تكويناً جيولوجياً متنوّعاً، وهذا التنوع جعل لكل تكوين مناخه الخاص وبيئته التي تميزه. من هنا جاءت تدابير المحافظة على التنوع الأحيائي في المملكة قوية ومدروسة بهدف المحافظة على عناصره ومكوناته في مواطن الطبيعية والعمل على إنمائه بالصورة التي تضمن استمراره واستدامته للأجيال القادمة. ولم تقف جهود المملكة على النطاق المحلي؛ وإنما كانت رائدة وسبّاقة في التعاون، والمساهمة في المحافظة على البيئة وحماية العالم من التلوث المناخي وكل الأخطار التي ازدادت شراستها وتهديدها للطبيعة، وليس ببعيد عنا إعلان مبادرة «السعودية الخضراء» التي جاءت في سياق الرؤية الطموحة 2030، من خلال أضخم مشروع تشجير عالمي تحت اسم «الشرق الأوسط الأخضر». ولا يخفى على أي متابع ما أسفرت عنه الجهود المهمة التي استهدفت الحفاظ على الغطاء النباتي وزيادة مساحاته في المملكة، وهو ما نتج عنه زيادة هذه الرقعة إلى مساحات كبيرة وواعدة سينعكس أثرها على حماية نظامنا البيئي الطبيعي، وتحسين جودة الحياة لأجيالنا المقبلة. اليوم تتواصل هذه الجهود الكبيرة لحماية البيئة والحياة الفطرية عبر إعلان سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، رئيس مجلس الوزراء رئيس مجلس المحميات الملكية -حفظه الله-، اعتماد مجلس المحميات الملكية المستهدفات الإستراتيجية لعام 2030 للمحميات الملكية. وكما تضمن الإعلان؛ ستدعم هذه المستهدفات الإستراتيجيات الشاملة للمحميات الملكية، وتركز على حماية الحياة الفطرية وأنشطة التشجير وتعزيز السياحة البيئية وتوفير فرص العمل، كما أنها ستسهم في دعم جهود المملكة في الاستدامة والحفاظ على البيئة عبر المساهمة في أهداف مبادرة السعودية الخضراء في حماية 30 % من المناطق البرية والبحرية في المملكة بحلول عام 2030، حيث تشكل المحميات السبع 13.5 % من إجمالي مساحة المملكة العربية السعودية، بالإضافة إلى المساهمة في مستهدفات غرس الأشجار في المملكة بما يزيد على 80 مليون شجرة بحلول 2030. ويعوّل الجميع على هذه الخطوة في تعزيز مكانة المملكة لما تمثله المحميات الملكية باعتبارها وجهات مميزة للسياحة البيئية، كمت أنها سترسخ مكانة المملكة كوجهة سياحية رائدة، حيث تستهدف المحميات استقطاب أكثر من 2.3 مليون زائر سنوياً، بالإضافة إلى إعادة تأهيل وحماية أكثر من 15 موقعاً من المواقع الأثرية والتاريخية بحلول عام 2030؛ ومن المتوقع أن تسهم هذه المستهدفات البيئية والسياحية في توفير العديد من فرص العمل المباشرة وغير المباشرة للمجتمعات المحلية في المحميات الملكية.