تقوم «هيئة الزكاة والضريبة والجمارك» بدور أساسي في جهود دعم الاقتصاد الوطني وبناء اقتصاد متنوع ومتطور، خاصة وأن الضرائب تشكل المورد الرئيس للدخل العام بالمفاهيم الحديثة المعتمدة أساساً على تنامي دور الاقتصاد الخدمي وتحول شركات التقنية وعمالقة وادي السيليكون إلى أكبر الكيانات في دنيا المال والأعمال. ومن هذا المنطلق يمكننا فهم أهمية الدور المنوط بالهيئة وقيمته للاقتصاد الوطني، كونه يتجاوز تحصيل الزكوات والضرائب ليشمل المقاييس والمعايير العصرية التي يتم من خلالها تقييم الأسواق حول العالم، مثل مؤشر سهولة ممارسة الأعمال وكذلك مقدار الوقت الذي يحتاجه المستثمر لإكمال الإجراءات أو استخراج التصاريح اللازمة. وتأتي المبادرة التي أعلنت عنها الهيئة بقرار تمديد الإعفاء من الغرامات والعقوبات المالية للمرة الرابعة لتستمر حتى نهاية العام الحالي 2023، في إطار هذه الجهود التي تدعم مسار التنمية الاقتصادية في المملكة وتهيئ المجال المناسب لفتح صفحة جديدة للعديد من الشركات والأفراد على النحو الذي يضمن عملهم في الإطار القانوني النظامي والتمتع مستقبلاً بما تقدمه الهيئة من سهولة وتيسير في أداء الخدمات والإجراءات. وتشمل المبادرة إعفاء الأفراد والشركات من غرامات التأخر في التسجيل بالأنظمة الضريبية والتأخر في تقديم الإقرارات الضريبية وسداد الضرائب، وغرامات تصحيح إقرارات ضريبة القيمة المضافة وتطبيق أحكام نظام الفوترة الإلكترونية الجديد. في تقديري أن هذه المبادرة تخفف الأعباء المالية على المكلفين وتقدم حافزاً حقيقياً ملموساً للبدء في الالتزام بالنظام الضريبي، كما سيكون لها تأثيرها الإيجابي في دعم نمو قطاع الأعمال خلال الفترة المقبلة تحت مظلة الاقتصاد الرسمي. ولذا فإنني أثمن دعوة هيئة الزكاة والضريبة والجمارك للمكلفين إلى الاستفادة من مبادرة الإعفاء من الغرامات والعقوبات المالية قبل نهايتها في شهر ديسمبر المقبل، لكونها دعوة مسؤولة تستحق الإشادة، والأهم أنها تستحق أن يتفاعل معها الأفراد والشركات خاصة وأن الهيئة تتيح كافة المعلومات عبر الموقع الإلكتروني، بما يزيد من سهولة ويسر الإجراءات اللازمة ولا يترك مجالاً للتسويف أو تعطيل العمل للاستفادة من هذه المبادرة الوطنية المهمة. وفي هذا السياق، فإنه لابد من الإشارة إلى دقة وسرعة الخدمات الإلكترونية التي تقدمها هيئة الزكاة والضريبة والجمارك عبر موقعها الإلكتروني وتطبيق الهاتف، على نحو يلائم سرعة إيقاع الأسواق ويساهم في تذليل العقبات وتبسيط الإجراءات في ضوء رقمنة وتحديث التعاملات الحكومية والسير نحو اقتصاد رقمي حديث يواكب التطور العالمي ويخلق فرص العمل في مختلف المجالات الجديدة. وختاماً؛ فإنه من الإنصاف الإشادة بالدور الكبير والمهني والفعال لهيئة الزكاة والضريبة والجمارك في دعم الاقتصاد الوطني، وتعزيز مسيرته ليكون أحد أفضل البيئات الجاذبة للاستثمارات في العالم، وبما يتلاءم مع مكانة المملكة كواحدة من دول العشرين ورؤية وطننا الطموح 2030.