اليوم هناك أناس من السهل عليهم نقد الآخرين، إنهم دائمًا على استعداد للحكم على الآخرين، ولهم كلمة لاذعة على طرف ألسنتهم، وغالبًا ما يشعرون بأنهم متفوقون على الآخرين، هؤلاء الناس لا يتركون أي شيء يمر بدون نقد.. ويستغلون كل فرصة لانتقاد ما نقوله أو نفعله وسينتقدوننا أيضًا إذا بقينا صامتين أو وقفنا مكتوفي الأيدي، لأن هدفهم ليس مساعدتنا في تحسين أو تصحيح أخطائنا، ولكن لتأكيد رأيهم وإسقاط معاناتهم فقط. اليوم النقد يعطي انطباعاً سلبياً بأنك في وضع أعلى من الشخص الذي يتم انتقاده وهذا ما يجعل الناس يشعرون وكأنهم يفقدون الحرية، حيث يشير النقد إلى أنه من خلال الإيحاء بأنك صاحب سلطة أو متسلط على هذا الشخص ما يجعلهم يتفاعلون عاطفيًا وسلبيًا، لذا فإن النقد هو نشاط خطير للغاية في العلاقات، لأنه يؤدي إلى الدفاعية والمقاومة. اليوم كثير من الناس تعودوا إشغال أنفسهم والآخرين بألوان مختلفة من النصيحة والنقد والوعظ وبالمقابل نسوا أنفسهم وما يفعلون، وأصبحت تلك السلوكيات مصدر رزق وأخرى مصادر للكسب المادي والتذاكي الاجتماعي، بينما هم على مستوى الواقع فارغون من المحتوى الفكري والعلمي وإسهاماتهم على مستوى تطور ونمو المجتمع لا تذكر، وغالبًا ما يكون النقد تعبيرًا عن الهشاشة العاطفية وعن الأنا التي تشعر بالتهديد المستمر وتتفاعل مع نفسها من خلال النقد، وكما قال ألفونس دي لا مارتين "النقد هو قوة العاجز"، من خلال التنزيل من القيمة للآخر. ولنتذكر أن الأشخاص الذين يبدون أنهم أقوى غالبًا ما يكونون أكثر هشاشة لأنهم اضطروا إلى حماية أنفسهم خلف درع سميك، وفي الواقع نشأ العديد من هؤلاء الأشخاص في بيئات حيث كانوا دائمًا هدفًا للنقد السلبي والمدمّر والحكم عليهم مما جعلهم يشعرون بأنهم غير لائقين وغير كفؤين، وكبروا وهم يحمون أنفسهم خلف الدرع الواقي الذي يوفره النقد. اليوم ومن الأساليب السلوكية التي يتخذها الناقدون التركيز على الجزيئات مقابل تجاهل الكليات فنجدهم يضخمون سلبيات الجزيئات إلى الدرجة الكارثية ويمرون مر الكرام من عموم الإيجابيات، ويحاولون المفاتحة بالعبارات التي تبدو للناس أنها الحق ولكن في حقيقة الأمر يراد بها باطل. اليوم يفشل النقد لأنه يجسد شيئين من أكثر الأشياء التي يكرهها البشر، الأول أنها تدعو إلى الخضوع، ونحن نكره الخضوع. والثاني أنها تقلل من قيمتنا، ونحن نكره أن نشعر بالتقليل من قيمتنا. وبينما يكره الناس الخضوع، إلا أنهم يحبون التعاون.. إلا أن الأشخاص الناقدون غافلين عن هذه النقطة الأساسية حول الطبيعة البشرية، فالناس يريدون التقدير والاحترام لأنهم يحترمون ذاتهم، وإذا كنا نريد تغيير السلوك لشريك أو طفل أو قريب أو صديق، فعلينا أولاً إظهار القيمة والاحترام لذلك لشخص.