تعتبر تحديات الأسواق الراهنة بمثابة جرس إنذار لكل شركات القطاع الخاص حول العالم، فالتضخم المتنامي بالضرورة سيقود حتماً إلى ركود عالمي، ومع تناقص القدرة الشرائية لدى قطاع واسع من الأفراد حول العالم، ستراوح الكثير من الشركات الخاصة مكانها بمرور الوقت من دون تحسّن في الأداء أو نمو في المبيعات، ففي النهاية البشر هم من ينفقون وهم من يشترون، والتضخم الذي لا يتوقف في كثير من بلدان العالم لن يمحو فقط المليارات من المدخرات لدى الأفراد ولكن أيضاً سيجعل أفراد الطبقة المتوسطة مضطرين للتراجع إلى الوراء ليلامسوا المعيار الحياتي للفقراء حتى لو لم يدخلوا رسمياً تحت مسمى الطبقة الفقيرة بسبب تصنيف رواتبهم أو تصنيف مهنهم، إضافة إلى خطر تحول الذكاء الاصطناعي إلى نقمة على الملايين في القطاع الخاص، الذين يفقدون وظائفهم حول العالم يوماً بعد آخر، ما سيتطلب من تجار التجزئة والصناعيين أن يبحثوا في إنشاء صناعة تنتج منتجات تستهلكها الروبوتات ليبيعوا لهم، وأن يبحثوا في تأمين مصانعهم وإنتاجهم ومكاتبهم حول العالم من غضب العاطلين عن العمل الذين سيتم استبعادهم بسبب الذكاء الاصطناعي. قد تنهار الكثير من الشركات الملتزمة بأخلاقيات العمل، ورغم التزامها برؤية الحكومات، ورغم تعاونها مع الحكومات في تعزيز قوة الاقتصاد المحلي، لأن أطرافاً أخرى في السوق خارجية وداخلية قد تأخذ قرارات غير مسؤولة تقود إلى زيادة حجم التضخم واستمراره من دون توقف حتى تتآكل الأموال في أيدي الناس، ويتم تشكيل ضغط على المجتمع، مع تسريح أفراد في المجتمع بوضع روبوتات بدلاً عنهم، وهذا بدوره سيلقي بتحدٍ وجودي على عاتق شركات كثيرة ملتزمة بمعايير العمل الأخلاقي، لأن القوة الشرائية لدى الأفراد حين تضعف أو عندما تنهار فإن الجميع في السوق المحلي يدفعون الثمن. أخلاقيات العمل وأخلاقيات الحياة هي الحل الوحيد لمنع انهيار الكثير من الشركات التي لا ذنب لها في هذه النتيجة. الشركات صاحبة الرؤية الأخلاقية على اختلاف أحجامها تحتاج إلى تكاتف على مستوى نشر الوعي الأخلاقي المؤسسي في السوق، وعلى مستوى إبراز الممارسات الأخلاقية في سوق العمل للتأكيد على أهمية الفرد كمحرك رئيسي لاقتصاد القطاع الخاص، فمن دون هذا الفرد الذي يتكون منه المجتمع لا يمكن للقطاع الخاص أن يستمر، وهذا يعني أن عدوي القطاع الخاص الأكبر اليوم - وهما التضخم والتوظيف السلبي للذكاء الاصطناعي - باتا يستحقان المواجهة الإيجابية. * دكتوراه علم نفس إداري