المؤمل من هيئة الغذاء والدواء السعودية أن تتعامل مع الأمر بجدية، وبحسب صلاحياتها في نظام الغذاء السعودي، فهو يعطيها الحق في حماية المستهلك من الأغذية الضارة والمغشوشة ولمجرد الشك، وإذا لم يتوفر دليل قاطع فمن واجبها اتخاذ إجراءات احترازية.. يوم غدٍ الجمعة 14 يوليو الجاري سيقدم تقرير أممي مهم عن مادة الاسبرتام، والتي انتظمت لجنة مشتركة من منظمة الغذاء والدواء ومنظمة الصحة العامة لتقييمها، وذلك على خلفية تصريح وكالة الأبحاث السرطانية التابعة للمنظمة الثانية بأنها مادة مسرطنة محتملة، وهذه المادة تعتبر من المحليات الكيمائية وتمت إجازتها للاستخدام التجاري عام 1981، وتدخل في صناعة المشروبات الغازية المعروفة، وفي اللبان وأدوية السعال وبعض منتجات معجون الأسنان والسكاكر وغيرها، وفي أميركا وحدها يوجد قرابة ستة آلاف منتج يستخدمها، وقد ضج الإعلام العربي والعالمي بها في الأسبوعين الأخيرين، وحولاها إلى قضية رأي عام دولي. أجريت دراسة فرنسية على الاسبرتام في 2022، وتوصلت إلى أن استخدامها المتكرر بكميات مرتفعة يؤدي إلى الإصابة بالسرطان، وبنسبة 18 % للسرطانات إجمالا، و22 % لسرطان الثدي، وهناك دراسة تقول إنه حتى يحصل سرطان نتيجة الاسبرتام، فإن الشخص لا بد أن يتناول ما بين 24 إلى 36 عبوة مشروب غازي (دايت) يوميا، إذا تم التسليم بالفرضية التي تحدد ما بين 40 إلى 120 ميلغرام من الاسبرتام لكل كيلوغرام من جسم الإنسان، وأن العبوة المفردة تحتوي فعليا على 250 ميلغرام لا أكثر. بالإضافة إلى أن من لديهم تاريخ عائلي أو جيني مع أمراض السرطان، وفق الأدلة العلمية المنشورة، هم أكثر وأسرع تعرضا لأخطار الاسبرتام السرطانية وبنسبة 80 %، ومعهم المرضى المصابون بالداء الجيني المعروف باسم (الفينيل كيتونوريا) فقد يحدث لهم مضاعفات كالتخلف العقلي أو يضر بأنسجتهم الدماغية، بجانب خفضه لإفراز الدوبامين والسيروتونين، وكلاهما هرمونات عصبية مسؤولة عن الحالة المزاجية، ونقصهما يقود الشخص إلى الاكتئاب والقلق وربما التفكير في الانتحار، ويؤثر كذلك على البكتيريا النافعة الموجودة في الأمعاء، والتي تنظم عمل الكبد. الإشكالية في الاسبرتام أنه عند هضمه تخرج منه مادتا الميثانول والفورمالدهيد، والثابت في الأوساط الطبية أن الفورمالدهيد من مسببات السرطان، والاسبرتام ليس خاليا من السعرات الحرارية ويوجد في كل غرام منه أربعة سعرات، وتفضيل كلمة محتملة في وصف خطورة الاسبرتام جاء لأسباب واضحة، ولأن نتائجه كانت من دراسات معملية على الحيوانات، وليس عن طريق مزارع للخلايا البشرية، أو بعد متابعة أشخاص مصابين بالسرطان لفترات طويلة، ومعرفة تاريخهم المرضي بالكامل، وبما يساعد في الوقوف على الأشياء التي تعرضوا لها في حياتها وعلاقتها بالسرطان. المسرطنات تؤثر في الشفرة الوراثية للخلايا الإنسانية وفي طريقة عملها، كسموم الافلاتوكسين في الفول السوداني وفي المكسرات ودورها في الإصابة بسرطان الكبد، والنيكوتين والقطران في السجائر وسرطان الرئة، ونترات الصوديوم في اللحوم المصنعة وسرطان القولون، والأشعة فوق البنفسجية وسرطان الجلد، ومادة أكسيد الايثيلين المسرطنة في الإندومي، ومادة الإسبستوس المسرطنة في بودرة الأطفال والمكياج، واللحم الأحمر وإن كان طازجا يزيد منه مخاطر السرطان، إذا زادت معدلات تناوله عن نصف كيلوغرام في الأسبوع، والشاي والقهوة عندما تزيد حرارتها عن 65 درجة وقت تناولها، والسرطان في الحالة السابقة ينشط بفعل الحرارة لا المادة نفسها، والارتجاع المزمن قد يصيب الشخص بسرطان المريء، واستخدام أكواب الفلين للمشروبات الساخنة، والأنسب استبدالها بأكواب الورق والسراميك، ومادة الأكريلاميد في البطاطس والخبز، وتأثيرها المسرطن نتيجة الاحتراق بسبب القلي أو التسخين العالي، وغاز الرادون الذي يعتبر أكبر مسبب لسرطان الرئة بعد التدخين، ويتواجد في الغالب على الرخام والسجاد المنزلي، وتشير الإحصاءات إلى أن الرادون كان سبباً مباشراً في 84 ألف حالة وفاة حدثت عام 2019، ولطرده يمكن تهوية المنازل لساعة في اليوم، وتوجد مجموعة من الدول تفرض شهادة خلو من الإشعاع على مستوردي الرخام والسجاد. معظم الشركات المتضررة من القرار الأممي موجودة في أميركا، وهذه الدولة صاحبة سوابق في عدم الالتزام بالتوصيات الأممية، ومن الأمثلة، حظر استخدام بروميد البوتاسيوم، باعتباره من المواد المسرطنة والمحفزة للأورام السرطانية، والذي تم وقفه في المملكة منذ 2012، وفي أوروبا والصين والهند والعالم بأكمله باستثناء الولاياتالمتحدة، التي ما زالت، حتى هذه الأيام، تسمح باستخدامه في المخبوزات وفي أكثر من مئة منتج، وسلامة الغذاء في أميركا تحكمها معادلات اقتصادية ومصالح معقدة، وبالتالي فاحتمالية إصابة الأشخاص بالسرطان فيها أعلى من بقية الدول. والمؤمل من هيئة الغذاء والدواء السعودية أن تتعامل مع الأمر بجدية، وبحسب صلاحياتها في نظام الغذاء السعودي، فهو يعطيها الحق في حماية المستهلك من الأغذية الضارة والمغشوشة ولمجرد الشك، وإذا لم يتوفر دليل قاطع فمن واجبها اتخاذ إجراءات احترازية، وبالأخص مع وجود خيارات آمنة وطبيعية، كسكر الفواكة والعسل، وسكر فاكهة الراهب (مونك فروت)، صفرية السعرات الحرارية، والمتوفرة كمسحوق أو قطرة وبمعدل ثلاثة إلى خمسة قطرات في كل مشروب، وهذه الفاكهة تزرع في الصين، والناس في مناطق زراعتها من المعمرين، ومنافعها الصحية كثيرة.