قد يغير مقطع مصور قصير انتشر أخيرا الموازين في السودان، ففيه يظهر زعماء قبائل عربية في دارفور وهم يدعون أتباعهم إلى الانضمام لقوات الدعم السريع وترك الجيش، ما يؤجج الصراع العرقي في هذا الإقليم الواقع في الغرب بالسودان. في دارفور التي تعني دار قبيلة آل "فور"، وهي أثنية غير عربية، وفي العام 2003 تعرضت الأقليات غير العربية في دارفور لهجمات يتهم بأنها بأوامر من حكومة الرئيس السوداني السابق عمر البشير الذي يحاكم أمام المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب "جرائم حرب" بسبب ذلك. وبعد عشرين سنة على تلك الحرب، يزداد الشرخ توسعا بين الأثنيات العربية وغير العربية ولا سيما منذ اندلاع النزاع المدمر في مطلع الربيع بين قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو والجيش بقيادة الفريق أول عبدالفتاح البرهان. فيتحدث الكثير من سكان غرب دارفور عن قيام ميليشيا من القبائل العربية ب"إعدام" مدنيين لمجرد أنهم ينتمون إلى قبائل غير عربية. ويندد الناشطون بحملة اغتيالات واسعة. وانتقلت المعارك الآن إلى جنوب دارفور وخصوصا في العاصمة نيالا، ثاني أكبر مدن السودان. في تلك الولاية دعا زعماء أكبر سبع قبائل عربية في المنطقة جميع أفراد قبائلهم إلى الانضمام لقوات الدعم السريع مطالبين خصوصا المنخرطين في صفوف الجيش بتركه للانتقال إلى المعسكر الآخر. ويرى عبد المنعم كاديبو وهو صحافي مستقل من دارفور أن هذه الدعوة "ستؤدي إلى تقسيم جنوب دارفور إلى عرب وغير عرب كما حدث في الجنينة". لكن آدم مهدي، المحلل السياسي المتخصص في شؤون دارفور، يشير إلى أن القبائل العربية "هي التي تسيطر على جنوب دارفور لأن غالبية السكان ينتمون إليها". حتى الآن لم يعلن عن أي تمرد لعناصر من الجيش ولكن في جنوب دارفور يشير الجميع إلى أن المسؤول الثاني في عمليات الجيش في نيالا هو جنرال ينتمي إلى قبيلة عربية، وكذلك الرجل الثاني في عمليات الجيش في ولاية شرق دارفور المجاورة. ويقول مهدي لوكالة فرانس برس إن الجيش قد يجد نفسه في مواجهة جبهة واسعة ومتحدة "يمكنها أن تطرده من جنوب دارفور حيث سقطت بالفعل معظم قواعده". ويتابع أن رد الفعل ربما يكون في هذه الحالة "تسليح القبائل المناوئة لتخوض حربا بالوكالة". ويرى مصدر في الجيش أن هذا السيناريو مبالغ فيه. ويقول، طالبا عدم كشف هويته، إن قوات الدعم السريع التي سارعت بالترحيب بفيديو زعماء القبائل "تبحث عن فرقعة إعلامية". ويضيف أن زعماء القبائل يفضلون "مصالحهم الخاصة" وهي في الوقت الراهن، تتلاقى مع مصالح الفريق دقلو. في جنوب وشرق دارفور حيث تشكل القبائل العربية الغالبية، انضم مقاتلون قبليون بالفعل إلى قوات الدعم السريع، بحسب ما قال لوكالة فرانس برس الكثير من سكان هاتين الولايتين. وقبل الحرب، كان الطرفان يحاولان استمالة أهالي دارفور. وكان جهاز المخابرات التابع للجيش ينشط لجذب أعضاء من دارفور، وجاء الفيديو الأخير لزعماء القبائل "من أجل قطع الطريق على الجيش وإعلان الولاء بشكل واضح"، ومن شأن انضمام هؤلاء المتطوعين تدعيم قوات الدعم السريع التي لا تعلن عن خسائر ولكنها تتعرض لقصف جوي متواصل من قبل الجيش. ومساء الاثنين، أفاد سكان بقيام مقاتلين قبليين مدعومين من قوات الدعم السريع بهجوم جديد على بلدة في غرب دارفور.