تسير رؤية 2030 في طريقها المرسوم لها، محققةً كل التطلعات والأهداف التي وعدت بها قبل سبع سنوات، بإعادة صياغة المجتمع السعودي، والوصول به إلى أبعد نقطة من التقدم والازدهار النوعي، ولم تفرق الرؤية بين مجال وآخر، وإنما أعطت كل منها، ما يستحقه من الاهتمام والعناية. وبالقدر الذي اهتمت به الرؤية بتطوير المنظومة الاقتصادية والمنظومة الاجتماعية، بالقدر نفسه الذي منحته للقوة الناعمة، في إشارة إلى قطاع الرياضة، الذي يبدو أنه على موعد مع التطوير والتحديث، بعد إعلان سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان تفاصيل مشروع الاستثمار والتخصيص للأندية الرياضية، وهو أكبر دعم حصل عليه القطاع في تاريخه. أستطيع التأكيد على أن الأندية الرياضية بهذا المشروع، كأنها تُوجه بوصلتها من زمن كانت فيه تعتمد كلياً على أموال الدولة وبعض الداعمين من الأمراء ورجال الأعمال، إلى زمن تعتمد فيه على ميزانيات الشركات الكبرى، التي تعتمد آلية الاستثمار في كل المشاريع التي تدخلها. المشروع ليس وليد اللحظة، وإنما هو نتاج عمل دؤوب، ودراسات ميدانية مستفيضة، استمرت نحو عامين، كما أنه كان مطلباً قديماً منذ عقود مضت، وتأجل كثيراً إلى أن أبصر النور اليوم، هذا المطلب كان يستهدف أن تحقق الرياضة السعودية تنمية مستدامة لها، من خلال مبادرات عدة، يتحول معها القطاع إلى صناعة واستثمار، يخدم الرياضيين، ويعلي من مكانة الوطن في المحافل الدولية الرياضية. مشروع تخصيص الأندية اليوم، يذكرني بالدعم الاستثنائي الذي حصل عليه قطاع الرياضة السعودية، عام 2019، عندما تم الإعلان عن استراتيجية دعم الأندية الرياضية، التي فتحت آفاقًا واسعة للقطاع، وأوجدت بيئة خصبة للعمل الاحترافي، والتنظيم المميز، من خلال تطبيق معايير الحوكمة، وتطوير الأندية لضمان استدامتها ماليًا وإداريًا وتشغيلياً. التفكير العلمي الدقيق في مشاريع النهوض بالرياضة السعودية، أثمر عن نجاحات، أقل ما توصف به أنها فريدة من نوعها، فمن يصدق على سبيل المثال أن تصعد إيرادات الأندية السعودية من الرعاة، من 88 مليون ريال في موسم 2019 2020 إلى نحو 328 مليون ريال في موسم 2022 2023، فيما حصل 89 في المئة من الأندية دوري المحترفين على شهادة الكفاءة المالية، بعد أن فرضت اللجنة الأنظمة واللوائح لضمان استدامة العمل المالي وجودته، والتي كان انعكاسها مباشرًا من خلال انخفاض الالتزامات المالية للأندية الرياضية. أردد ما سبق أن ذكرته من قبل، بأن اهتمام المملكة بقوتها الناعمة، أمر يحمل الكثير من الذكاء والرغبة الجادة في تفعيل جوانب لها تأثير على الارتقاء بالنفسية، ويتجلى هذا في قطاعات الترفيه، والفنون والتراث وغيرها.. وصولاً إلى الرياضة التي كانت سبباً في شهرة دول عدة، مثل البرازيل أو الأرجنتين، وأؤكد أن المملكة ليست أقل من هذه الدول، للنهوض بقوتها الناعمة كيفما يحلو لها.