بلا شك، غير الذكاء الاصطناعي (AI) العديد من الصناعات، ولم يكن مشهد الإعلام استثناء، من إنشاء المحتوى وخوارزميات التوصيات لمشاهدة الأفلام إلى الإعلان والتفاعل مع المشاهدين. يحول الذكاء الاصطناعي بشكل كبير الطريقة التي نؤثر ونتأثر بها مع الإعلام. في هذا المقال سنتحدث عن تقنية الذكاء الاصطناعي في الإعلام وأهميته كعامل مؤثر في تحديد المحتوى المناسب للجمهور المستهدف حول العالم. تعتبر نتفليكس، عملاق البث الرقمي، ولديها أكثر من 232 مليون مشترك في أكثر من 190 دولة حول العالم، وهو ما يعتبر مثالاً جيداً حول تأثير الذكاء الاصطناعي على مشهد الإعلام اليوم، حيث يعد الذكاء الاصطناعي أداة مميزة للتعرف على اهتمامات الجماهير المستهدفة حول العالم وطريقة إنتاج المحتوى بإستراتيجيات تناسب لتطلعاتهم. يعتبر نظام توصية المحتوى في منصة نتفليكس أحد أهم عوامل المحافظة على عملاء المنصة من خلال قيام الخوارزميات بتحليل سلوك المستخدم، بما في ذلك تاريخ المشاهدات والتقييمات واستعلامات البحث لاقتراح محتوى مصمم خصيصًا لتفضيلات كل مشترك. يحافظ هذا النهج المخصص لتوصيل المحتوى المناسب للمشاهدين ويشجعهم على قضاء المزيد من الوقت على المنصة. ووفقًا لمقابلة أجريت مع نائب رئيس قسم المنتجات في نتفليكس تود يلين، يعتبر محرك التوصية مسؤولاً عن أكثر من 80 % من المحتوى المكتشف على المنصة ويسلط هذا الرقم الكبير الضوء على تأثير الذكاء الاصطناعي على تجميع المحتوى وقيادة التفاعل وهو ما يعزز من نجاح المنصة ويضمن استمرار اشتراكات العملاء ويعظم المداخيل المالية. ومن جانب آخر تستخدم المنصة الذكاء الاصطناعي أيضًا في عملية إنتاج المحتوى، حيث تستخدم التحليلات المستندة إلى البيانات لتحديد الفجوات في مكتبة المحتوى الخاصة بها والتنبؤ بالعروض والأفلام التي ستجذب المشاهدين، حيث يساعد الذكاء الاصطناعي نتفليكس في تحليل عوامل مثل تفضيلات أنواع المحتوى، وشعبية الممثلين، والأذواق المحلية، مما يتيح للمنصة اتخاذ قرارات دقيقة عند الاستثمار في محتوى جديد. وعلى سبيل المثال، تمت الموافقة على إنتاج المسلسل "House of Cards" استنادًا إلى بيانات أظهرت اهتمامًا كبيرًا بالدراما السياسية، وشعبية الممثل المؤدي للدور الرئيس في المسلسل كيفن سبيسي، ونجاح مخرج المسلسل ديفيد فينشر -والذي حصل على 40 ترشيحاً لجائزة الأوسكار-. سمح هذا النهج المستند إلى البيانات في إنتاج المحتوى يلبي احتياجات جمهور المنصة حول العالم وبخاصة في الأجزاء الأول من المسلسل. والحقيقة مع انتشار نتفليكس حول العالم يمكن القول إن خدمات البث الرقمي مثل نتفليكس هي القوة الناعمة الحديثة والتي تنشر من خلالها الأفكار حول العالم، وبالتالي فإن الذكاء الاصطناعي هو المحرك الحديث للقوة الناعمة ما يستدعي أهمية تمويل شركات ناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي لإنتاج ونشر المحتوى حول العالم.