الشاعر الشعبي الشهير حجاب بن نحيت (1944-2018م) رحمه الله، ولد في مركز الفوارة التابعة لمنطقة القصيم، والتي تبعد عن بريدة حوالي 135كم، وكان -رحمه الله- من الشعراء المبدعين ويمتلك صوتاً رخيماً يعبر عن الأصالة البدوية مما ساعد في نجاحه وشهرته الفنية الشعبية النجدية في بداية الثمانينيات، وكان يلقب ب»رائد الفن» حيث كان يتقاضى أجرا كبيرا مقابل عمله الفني، لذا لا غرابة أن يتسيد الساحة الفنية في ذلك الزمن حيث بلغت تسجيلاته ما يقارب (120) قصيدة فقد أجاد في تراكيب الكلمات واللحن والأداء. ما ريد الا سعوديه بالعبايه مخفيه ما بغى غيره مهما تكون ومهما تحمل جنسيه مثل السعودية مافيش لو قمت بدورة تفتيش حتى لو اجهز جيش ودار الكوره الارضيه وقد بدأ كتابة الشِّعر في سن الشباب وهو في الرابعة عشرة من عمره، وكان يكتب في جميع أبواب الشِّعر إلا أن معظم أشعاره كانت غزلية، وقد تميزت بالعفة والحرص على انتقاء المفردات الجميلة المؤثرة في النفوس، فقد كان يمتلك عاطفة جيّاشة والأسلوب الرائع المشوق الذي يجذب الاستماع إليه. يا مشغل القلب يا ليتك تمر وترى وتشوف حالي عقب فرقاك وش لونها وان كان جرحك برى لا تظن جرحي برى بعض الجروح الاوادم ما يشوفونها اخفي جروحي بروحي تقل ما شي جرى وانا جروحي ادل اللي يداوونها قابلتهم مرةٍ وحده بطلعه كرى مره وطلعت هك المره بطاعونها خلتني ارجع لوقتٍ فات وانظر ورا لأيام فاتت نسيت ايام من دونها ذكرت ذيك الليالي يوم كنا اقصرا يوم الطفوله تغنينا مع لحونها نبني اليا جا المطر بيوتنا من الثرى واهلي قبل ما ينادوني ينادونها لا نفترق غير لا جا الليل وكلٍ سرا والصبح نرجع على العشره وقانونها ياما تذكرت من اشياء وياما طرى اشياء هل الحب ما يقوون ينسونها يطيب مجنون ليلى من الهوى لو درى عما بيحدث لي ليلى ومجنونه وفي عام 1401ه قام الشاعر الكويتي سالم اللميع بتأليف ديوان ورقي بعنوان: «رسائل بلا عنوان» ويعد من نوادر الدواوين فهو أنيق وجميل احتوى على الكثير من القصائد الشهير للراحل حجاب بن نحيت، والتي ردّدها وحفظها معجبيه ومحبيه كثيراً، ونالت شهرة واسعة في المجتمع. حبيبي يا حبيبي وش بيدنا زرعنا الزرع لكن ما حصدنا وهذي حالة اهل الحب دايم من اللي قبلنا واللي بعدنا إلى قالوا استرحنا وانتهينا حسدهم شخص مثل اللي حسدنا وهالحسّاد ما نقدر نجدهم وحنا إلى بغى الحاسد وجدنا فيا ربي تعرقل كل حاسد ولو يا رب ما هم في بلدنا لأجل الناس يرتاحون منهم ويسلم منهم الاقصى والادنى ويا اهل الحسد يوم انتصرتم ويوم إنا عن البعض ابتعدنا انا ودي اعرف اللي كسبتم كسبتم لا رقدتوا ما رقدنا ولكن يا اهل الحسد اطمئنوا تعاهدنا وشهدنا وشهّدنا وفي أولى صفحات هذا الديوان النادر تحدث المؤلف سالم اللميع عن حياة ابن نحيت وشِعره وخدمته للتراث سنين طويلة بقوله: «حياة البادية لا يعرف قيمتها إلا من عاش فيها وعرف أصول حياتها وتقاليدها وقد تغنى كثيرا من الشعراء بحياة البادية وجمالها وهؤلاء الشعراء هم من أحبو حياة البادية وعشقوها، ومن البيئة الأصيلة في الجزيرة العربية نشأ شاعرنا حجاب عبد الله بن نحيت بين أحضان البادية وترعرع بين ربوعها وأخذ ينشد الشعر. يا ليتني بالبادية ما تحضرت ولا عرفت المدن واللي سكنها ليتني مع الادباش ان رحت وان جيت ليت الغنم والبل مارحت عنها وكان يملك الصوت الجميل وادخل على الشعر الشعبي الكلمات والألفاظ الجديدة تغنى بما يحس به من خلال قصائده وكانت سعة خياله وقوة التعبير عنده قوية جداً. من خلال قصائده تجد أنه إنسان رقيق المشاعر والإحساس تثير قصائده من يسمعها أو يقرأها». ومن القصائد التي لاقت الانتشار الواسع للشاعر حجاب بن نحيت «احمل رساله يا طير» منها هذه الأبيات: احمل رساله يا طير الله يجازيك بخير سلمها بأيد المحبوب لا تعطيها لأحد غير غيره لا تعطيها الخط لا تسلمه لأحد قط اما بيده ينحط والا تعيده يا طير ولكون شاعرنا قد عاش حياة اليتم والعوز، وعانى من شظف العيش، وتقاطرت عليه المتاعب مبكراً نظم العديد من الأشعار التي تفوح بالألم والمعاناة وشدّة الفراق والشوق، وكان يتلاعب بالحروف في نظم الأبيات لما يمتلكه من براعة فائقة، وشهد على ذلك تمكنه وقوة شاعريته كقوله: تجري بي الاقدار من دون ما اختار واصبر ولو بانت عليّ الهزيعه ياما صبرت امرار وامرار وامرار خايف على السر من الاعدا لا تذيعه وش صار مدري مير صار الذي صار عصريةٍ مرت علينا فضيعه قيله وقيل وقال واقبال وادبار اموت واحيا بالرجى والقطيعه واخذت لي ايام ما رد الاخبار هاك النهار وباكر ومن تبيعه شفت الجمال اللي تجينا له اذكار يدٍ وقد وخد وعينٍ وسيعه اهل الوجوه الساطعه مثل الانوار سبحان من صوّر جمال الطبيعه ذولا الذي واجب يسمون الاقمار الله يوصلنا درجةٍ رفيعه والجدير بالذكر أن الشاعر حجاب بن نحيت -رحمه الله- قد اعتزل الغناء في منتصف التسعينات، وكانت وفاته بسبب أزمة مرضية عزلته عن محبيه، وكان جمهوره يتابع أخباره حتى بعد وفاته، غفر الله له وأسكنه فسيح جناته.. وقد قام ابنه اللواء الدكتور أيوب في عام 202م بإصدار كتاب ورقي بعنوان: «مواقف شخصية مع والدي حجاب بن نحيت.. قساوة الطفولة، كفاح الشباب، وقار الشيخوخة»، وجاء الإصدار بطباعة فاخرة، وبأسلوب روائي جميل، وتضمن العديد من الصور التي لم يسبق لها النشر، وحمل الغلاف الأخير من الكتاب أبيات مؤثرة: اشتقت لك يا بوي لو كنت ميّت ودّي بشوفك مير ما عاد به شوف لا قلت يا عيني تناسيت عيّت وليا أدمعت تشكي على القلب قال: أوف ولا تزال أشعار الراحل تردد، وقبل وفاته -رحمه الله- أنشد ‹›شيلة›› باكية بصوته الجميل الذي لم يتغير رغم طول السنين، وقد وجهها لإحدى بناته يرثي فيها نفسه، ويوصيها بأن تمتنع عن اللطم والحزن عند نبأ نعيه إليها؛ كما يوصي فيها الطريقة التي يريد أن يدفن بها، منها قوله: ضعوني على جنبي الأيمني إذا رفض الجسم أن ينحني بقبر عميق قضيف نظيف قصير جديد ولم يسكني وخُطّوا على القبر»عبدالغفور» و إن كنت بالأمس «عبد الغني» فلست بشوقٍ لما تجمعون ولاللثمين .. ولا الأثمنِي وإن كنت مليت طول البقاء فلربما أنه ملني تحيرت بين الحيا والرجا وكان الحيا والرجا ديدني فيا بنتي إن حان وقت الرحيل إذا وجهوني إلى مدفني فإياكي إياكي لطم الخدود إياكي يا بنتي أن تحزني فإني ذهبت لرب عظيم رحيمٍ حليمٍ كريمٍ غني سالم اللميع د. أيوب بن نحيت غلاف ديوان «رسائل بلا عنوان» غلاف الكتاب