"سقارة لم تَبُحْ بكل أسرارها بعد".. يبدو أن تلك المقولة التي أكدها الدكتور مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار المصرية، في تصريحات سابقة لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) لا تزال تتحقق على أرض الواقع، حيث تواصل منطقة سقارة الأثرية البوح ببعض أسرارها لأعضاء البعثة الأثرية المصرية التي تعمل في المنطقة منذ عام 2018 وحتى اليوم. وبحسب وزارة السياحة والآثار المصرية، فإن المنطقة سوف تشهد اليوم السبت ، إعلان تفاصيل الكشف عن أكبر ورشة تحنيط آدمية وحيوانية بجبانة البوباسطيون في سقارة، وهو الكشف الذي توصلت إليه البعثة الأثرية المصرية خلال موسم الحفائر الجاري. وقال وزيري، ل "د. ب. أ "، إن البعثة التي تعمل برئاسته تواصل حفائرها بالمنطقة للموسم السادس على التوالي، لافتاً إلى العديد من الاكتشافات السابقة التي حققتها البعثة على مدار المواسم الماضية من الحفائر الأثرية. ونوّه وزيري إلى أن المنطقة التي تضم مقابر للملوك والحكام والنبلاء والوزراء والكهنة وشخصيات من الطبقتين المتوسطة والفقيرة أيضا، كانت قد شهدت في العام 2020 كشفاً أثرياً أدرجته مجلة الآثار الأمريكية، ضمن قائمة أفضل 10 اكتشافات أثرية شهدها العالم في تلك السنة. وأشار وزيرا إلى أن ذلك الاكتشاف، الذي وصف بأنه الأكثر جذبا، تضمن العثور على أكثر من 100 تابوت خشبي مغلق بحالتهم الأولى من العصر المتأخر داخل آبار للدفن، و40 تمثالا لإله جبانة سقارة بتاح سوكر بأجزاء مذهبة و20 صندوقا خشبيا للإله حورس. ووفق وزارة السياحة والآثار المصرية، كان أعضاء البعثة الأثرية العاملة في المنطقة برئاسة وزيري، على موعد مع مجموعة من الاكتشافات الأثرية المهمة التي بدأت مع الموسم الأول من عمل البعثة، وذلك في عام 2018، حيث تمكنت البعثة من الكشف عن المقبرة الفريدة لكاهن الأسرة الخامسة "واحتى"، بالإضافة إلى سبع مقابر صخرية منها ثلاث مقابر من الدولة الحديثة وأربع مقابر من الدولة القديمة، وواجهة مقبرة من الدولة القديمة. ونجحت البعثة عام 2019 في الكشف عن خبيئة الحيوانات المقدسة والتي تحتوي على أكثر من ألف تميمة من الفيانس وعشرات من تماثيل القطط الخشبية ومومياوات قطط وتماثيل خشبية ومومياوات لحيوانات. وعثرت البعثة عام 2020 على أكثر من 100 تابوت خشبي مغلق بحالتهم الأولى من العصر المتأخر داخل آبار للدفن، و40 تمثالا لإله جبانة سقارة بتاح سوكر بأجزاء مذهبة و20 صندوقا خشبيا للإله حورس، وقد تم تصنيف هذا الكشف كواحد ضمن أهم 10 اكتشافات أثرية بالعام لسنة 2020. وفي موسم آخر من الحفائر عام 2022، وتحديدا في شهر مايو، تمكنت البعثة من الكشف عن أول وأكبر خبيئة تماثيل برونزية بجبانة البوباسطيون بسقارة، تحوي 150 تمثالا برونزيا لآلهة مصرية قديمة، بالإضافة إلى 250 تابوتا خشبيا ملونا مغلقا يحتوي على مومياوات. وأعلنت البعثة، في سبتمبر 2020، عثورها على مجموعة من الآواني الفخارية عليها كتابات باللغة المصرية القديمة في صورة خطوط ديموطيقية، وقد عُثر بداخل هذه الأواني على مجموعة من قوالب من الجبن الأبيض، والتي من المرجح أن ترجع إلى العصر المتأخر في الفترة الزمنية للأسرة 26 و27. وبحسب وزيري، فإن سقارة منطقة غنية بمعالمها الأثرية التي تم الكشف عنها، وتلك التي لم يكشف عنها بعد ولا تزال تغطيها الرمال. وتدل المؤلفات الأثرية وكتب علماء المصريات، على أن منطقة سقارة تحوي جبانة منف القديمة، وقد عثر فيها على مقابر لملوك الأسرتين الأولى والثانية بمصر القديمة، بجانب أهرامات الأسرة الثالثة، والخامسة والسادسة، وكذلك الكثير من مقابر النبلاء. ومما يروى من التفاصيل الكثيرة عن تاريخ سقارة، أنها احتفظت باسمها القديم (سكر) وهو اسم لأحد آلهة مصر القديمة وكان يُعرف بإله الجبانة، وهناك قرية مجاورة لمنطقة سقارة الأثرية تحمل نفس الاسم. وتقع على مقربة من هضبة الجيزة، وبحسب كتب المصريات، فإن سقارة تنقسم إلى منطقتين، هما سقارة الجنوبية، وسقارة الشمالية، وقد شهدت سقارة قديما نهضة معمارية وصفها الأثريون ب"القفزة" وتتمثل تلك النهضة أو القفزة المعمارية، في مجموعة الملك زوسر التي تم تشييدها باستخدام الأحجار، وذلك للمرة الأولى في تاريخ مصر، كما شهدت سقارة تطويرا كبيرا ولافتا في تصميم المقابر الملكية المصرية القديمة. ووصف علماء المصريات منطقة سقارة بأنها بمثابة كتاب مفتوح، تروي صفحاته قصة الحضارة المصرية عبر عصورها المختلفة، وأنها المنطقة الأثرية الوحيدة التي تحتوي على مقابر ومعالم ترجع لمختلف العصور القديمة، وذلك منذ بداية التاريخ المصري القديم وحتى نهايته، بجانب العثور بها على آثار يونانية ورومانية. .