في عالم بات متسارعاً بين وسائل التواصل الاجتماعي وإيقاع الحياة المتنامي، وبين الكثير من أطنان المقاطعات، لن تجد إلا سلوة الكتابة تأخذ منك ذلك الزخم اللامتناهي من التشتت إلى الصفاء الذهني الذي تستطيع فيه تفريغ الاحتشاد بين الأفكار التي لا تستطيع التعبير عنها بأريحية، وبين خطوة الكلمة التي تأخذ منحى رؤيتك للحياة في غمرة اللحظة تنتشي الكلمات التي تعرضت للمقاطعات، فالكتابة هي إعادة تراتيبية الأفكار ورسم منحنيات التقاءات الأحرف حتى يتمخض النص في أبهى حلة ويعبر عن صاحبه، فهي كلمته التي لم يستطع إخراجها من براثن الأفكار التي انحسرت بين ثكنات تقاطعات الحوارات. ومن جمالية الكتابة أنك ستروي فكرتك وفق تناغمية الكلمة التي ارتدت من نظرتك للحياة التي تخطو بها، من أقصى مدى للحرف يكتسي المقال والرواية أو الكتاب حلة الفكرة المتصلة التي لا تنفك عن ديمومة المعنى الذي تريد توضيحه. سوف تتحدث عبر إيقاع الجملة بأريحية النص دون أي مقاطعات أو مهاترات، هكذا الكتابة هيبة لا تعرف التوقف إلا في محطات الوقوف، لتربط الجمل وتضع النقاط. ما بين شرح وتوضيح وربما إسهاب بشرح الفكرة ليبتلعها النص دون أدنى وقفات عشوائية تكبت جماح أفكارك، فهي من لها زمام الأمور في النص، وعليه فإن الكتابة مسؤولية، فما تكتبه يعبر عنك بصورة مباشرة أو غير مباشرة، فأنت تكتب ما تؤمن به. وأي فكرة تتناولها في نصك سوف ترسخ في ذهنك بين الحرف والكلمة والجملة، تتبعثر تلك الأفكار لتسردها بقلم كاتب مقتدر أجاز لنفسه التعبير ولن يقاطعك أحد، تلك هي الكتابة هي الاستغراق في المعاني السامية التي تجسد زخم الفكرة وأصالة الأسلوب. أما التدريب فهو امتداد الخبرة التي تجلت في نصوصك التي تكتبها وبعد أن تكتب في تخصصك الأكاديمي أو خبرتك العملية، يمكنك من العبور عبر الجسر الفاصل بين المكتوب والمنطوق الذي يجسد تلك الأفكار والرؤى والخبرات المتراكمة على أرض الواقع، فالتدريب امتداد لتسلسل الأفكار، يبقى الفارق قليل من المقاطعات للتوضيح فقط. أنت الخبير المحنك الذي يستطيع أن يجيب على الأسئلة في مجاله، لذلك فإن التدريب هو نقل المعارف والخبرات بطريقة مهنية وفق آخر المستجدات في تناغمية عالية الأداء وبالتوازي مع ما كتبته سابقاً، وكأنك تجسد المعرفة وتنقلها بأسلوبك الخاص ليستفيد منه المتدربون. ختاماً بالخطابة، والتي تمتلك حساً عالياً من مهاراتك الناعمة سواء كلمة في مؤتمر أو إلقاء ندوة أو كنت مقدم الحفل؛ إن الخطابة ليست سهلة وليست صعبة، هي نوع من الممارسة التي تأتي من الاستغراق في المعاني ومعرفة نفسك بطريقة واقعية تستطيع أن تدرك أدق التفاصيل. وحتماً لن يقاطعك أحد، إنها إحدى أهم الوسائل التي سوف تتأكد بأنك مستعد لتحمل المخاطر، فأنت تمتلك اللباقة وسرعة البديهة وقوة التعبير بسبب الكتابة التي أعطتك ملكة الحرف وغزارة المعنى، لذلك فإن الذي يجيد الكتابة يستطيع أن يتعدد ويتمدد بين النص والفكرة متجاوزاً الكتابة إلى التدريب والخطابة. فالكتابة هي أولى خطوات النجاح في مسيرة كاتب عشق قلمه وبرز نصه بين الحرف والمعنى، يتألق في مدارات المعاني وتوسعات الطرح. ولا تنسى عزيزي الكاتب كأي مهارة فإن الاستمرارية هي مفتاح الوصول إلى تحسين أي مهارة أكتب دون توقف، وسوف تتطور وتجيد إتقان المهارات الأخرى إذا كانت رغبة الكتابة هي مفتاحك لبوابات أخرى مكملة لها، وإن اكتفيت بالكتابة فهو (علم نافع ينتفع به) وعمل قد يشهد لك يوم القيامة. إن اقتباساً في نص أو نصيحة أو معلومة في مقال قد تغير مصير إنسان وتبدله من حال إلى حال، وكما يقال: (إذا تمكنت من قراءة مادة مكتوبة دون جهد يذكر، فهذا معناه أنه تم بذل جهد كبير عند كتابة هذه المادة). *متخصص في إدارة المشاريع