تشكل جرائم الاختراق الإلكترونية نوعا من القلق المتزايد نتيجة الاعتماد الكبير على الوسائل الإلكترونية في الحياة المعاصرة بشكل عام سواء في مواقع التواصل الاجتماعي أو غيرها من مختلف المجالات التجارية والأعمال والخدمات، وتعد جرائم الاختراق الالكترونية للمواقع والحسابات والملفات والمعلومات السرية من أخطر الجرائم التي تهدد الأمن الدولي والاقتصادي والاجتماعي والشخصي والمالي وانتهاك حق الخصوصية، وتعتبر من الجرائم الصعبة العابرة للقارات، فلا تعترف بالحدود الجغرافية فضلا عن سرعة اختفاء الجريمة والأدلة وصعوبة الوصول للجناة. والمواقع والحسابات الإلكترونية والوسائط الرقمية عرضة للاختراق والسطو والتهكير والتعديل وبإمكان أي شخص أن يقوم باختراقها والوصول إليها والإرسال منها وهذا أمر معلوم للكافة، لذلك أكد القرار الصادر من الهيئة العامة للمحكمة العليا رقم (34) وتاريخ 24 / 04/ 1439ه المتضمن (أن الدليل الرقمي حجة معتبرة في الاثبات متى سلم من العوارض) والدليل الرقمي يختلف قوةً وضعفاً بالنظر إلى قوة أو سهولة اختراقه أو تزويره، وقد سن المنظم نظاما خاصا للجرائم المعلوماتية التي تقع عن طريق الشبكة الإلكترونية والحسابات الرقمية، وذلك لأن اختراق الحساب يخرجه عن ملك صاحبه ويدخله في ملك المخترق!. والدليل الرقمي الرسمي يعتبر حجة (نظاما) ومن يطعن بعدم صحته فيلزمه إثبات عدم الصحة، والدليل الرقمي غير الرسمي العادي يجوز الطعن فيه ومن يتمسك بصحة الدليل الرقمي العادي فيلزمه إثبات صحته، لذلك يجب ثبوت الإدانة بالوصف الجرمي للفعل الموجب للعقوبة بكافة وسائل الاثبات استنادا للمادة (3) من نظام الإجراءات الجزائية على أنه (لا يجوز توقيع عقوبة جزائية على أي شخص، إلا بعد ثبوت إدانته بأمر محظور شرعًا أو نظامًا بعد محاكمة تُجْرى وفقًا للمقتضى الشرعي)، مقروء مع نص المادة (14) من نظام مكافحة جرائم المعلوماتية (تتولى هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات وفقاً لاختصاصها تقديم الدعم والمساندة الفنية للجهات الأمنية المختصة خلال مراحل ضبط هذه الجرائم والتحقيق فيها وأثناء المحاكمة). ونظرا للتطورات التقنية المتسارعة والتعقيدات البرمجية العالية لا تزال هنالك نسبة كبيرة من الاختراقات الالكترونية لم تكتشف بعد، وهذه الجرائم عادة يقوم بها أشخاص محترفون متخصصون في نظم المعلومات والبرمجيات، أو مخربون وتكون الدوافع شخصية أو تجارية أو عسكرية أو سياسية، ويستخدم أولئك المخترقون وسائل مختلفة للسيطرة على جدران الحماية أو مهاجمة خادمات الملفات العامة، للحصول على معلومات أو ملفات سرية، ويتطلب القانون لإثبات الإدانة بجرائم الاختراقات الإلكترونية المتجددة توفر إمكانيات تقنية متطورة وكفاءات فنية عالية وخبرات قانونية مؤهلة وذلك تبعا لتطور الجرائم المعلوماتية والأدلة الرقمية الإلكترونية، وسهولة اختراق الحماية الخاصة بالاتصالات وأمن البيانات والاعتداء على عمليات الحماية. ونخلص إلى الصعوبات التي تعترض إثبات جريمة الاختراق تبدأ من صعوبة الجريمة وتطورها وتعذر تتبع الأدلة المادية العابرة للحدود الجغرافية وسرعة اختفائها، وحداثة التجربة القانونية في ملاحقة تطور الجريمة ووسائلها وعدم كفاية الأدلة من جهة أخرى، ويبقى تغليظ العقوبات التي قد تصل إلى السجن (10) عشر سنوات والغرامة إلى (5) ملايين ريال، وزيادة الوعي بخطورة هذه الجريمة وضرورة حماية الأشخاص والشركات الصغيرة والمتوسطة لبياناتهم ومعلوماتهم وخصوصياتهم، وإقامة دورات تدريبية مجانية، وتوفير برامج حماية وطنية، مطلبا استراتيجيا لتقليل المخاطرة وحماية الوطن والمواطن.