اندلعت الحرب في السودان بين فصائل محلية على خلفية نزاع عسكري على السلطة وهو بين الجيش والدعم السريع، وهي حرب تعتبر الثالثة في عددها منذ الاستقلال، ومنذ وقوعها وعين السياسيين والمراقبين والمحللين تتجه إلى السودان، ومع وجود دعوات إلى تهدئة الأوضاع في ظل هذه الأحداث ومحاولة إيجاد حل سلمي للنزاع جاءت التوجيهات من القيادة الرشيدة -أيدها الله- بالإجلاء الإنساني والذي لم يكن سياسيا أو دبلوماسيا، ولكن ككل جهود المملكة العربية السعودية والتي ترى أن (الإنسان أولاً) في كل المواقف والأزمات والمشكلات التي تمر وتحاول المملكة بكل ما لديها من جهات وطاقات وإمكانيات في أن تجد مخرجاً آمناً للإنسان وهذا ما حدث في بالفعل في الأزمة الحالية السودانية. بدأت الجهود التي تبذلها المملكة بتوجيهات من القيادة الرشيدة -أيدها الله- في عمليات الإجلاء من دون النظر إلى أي فروق بين البشر، وقد تم التنسيق على أعلى مستوى لمواطني الدول الشقيقة والصديقة مع دولهم، وبدأت الأفواج بالخروج من السودان والوصول إلى المملكة العربية السعودية بكل أمن وأمان بتفرد ورعاية سعودية كاملة، وقد حرصت المملكة على توفير كامل الاحتياجات الأساسية لرعايا الدول الشقيقة والصديقة تمهيداً لتسهيل مغادرتهم إلى أوطانهم. قدر عدد من تم إجلاؤهم من السودان منذ اندلاع النزاع فيها، ومنذ بدء عمليات الإجلاء من قبل المملكة نحو 6073 شخصاً حتى كتابة هذه المقال (246 مواطنا سعوديا ونحو 5827 شخصاً ينتمون إلى 104 جنسيات)، ويتضح من الرقم عدد السعوديين القليل قياساً إلى رقم الجنسيات الأخرى وهذا يفسر ما تقوم به المملكة من إجلاء إنساني لكافة الجنسيات من دون تفرقة ومن دون تحيز، وهذا ينبع من جهود المملكة الرامية إلى حفظ النفس البشرية من مواقع النزاع والأراضي التي قد يتواجدون فيها وقد تكون خطراً عليهم. إن الصور التي تداولتها الصحف المحلية والإقليمية والعالمية ومقاطع الفيديو أثبتت للعالم ما تقوم به المملكة من جهود كبيرة ومهمة في ظل الأوضاع الراهنة في السودان، وهذه الجهود هي جهود مادية ومعنوية تعاون فيها عدد من الجهات في المملكة، وقد تكللت جميعها بالنجاح كعادة الجهود الإنسانية التي تقوم بها المملكة. نفتخر ونعتز بمملكة الإنسانية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وولي عهده الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله- على الجهود المبذولة في حفظ النفس البشرية واختيار الإنسان أولاً على اختلاف جنسه وجنسيته ولونه وعقيدته وقارته وأرضه. بارك الله لنا بوطن نتعلم منه قيم الأخوة والسلام والتسامح والعطاء وأحد هذه الدروس الإجلاء الإنساني من السودان.