تنظم بريطانيا اليوم مراسم تتويج فخمة هي الأولى منذ 70 عاما مع جلوس الملك تشارلز على العرش في طقوس مسيحية مهيبة وأكثر من ألف عام من التاريخ. ومراسم التتويج الأولى لملك بريطاني منذ 1937، هي تأكيد ديني على اعتلائه العرش خلفا لوالدته الملكة إليزابيث الثانية التي توفيت في سبتمبر 2022. وجزء كبير من المراسم الأنغليكانية التي ستقام في كنيسة ويستمنستر، وستتوج خلالها أيضا زوجته الثانية كاميلا ملكة، متوارث من ألف عام عن أسلاف الملك البالغ 74 عاما. لكن سيكون هناك أيضا خروج واضح عن التقاليد مع مشاركة أساقفة نساء وقادة ديانات أقلية، وقائمة مدعوين أكثر تنوعا وتمثيلا للمجتمع البريطاني. وستكون مسألة البيئة حاضرة أيضا، ومنها مسح الملك بزيت نباتي والملابس الاحتفالية المعاد تدويرها، ما يعكس القضايا التي حمل تشارلز لواءها طيلة حياته وهي الاستدامة والتنوع البيولوجي. ووصف منظم مراسم التتويج دوق نورفولك إدوارد فيتسالان هاود ويحمل رتبة إيرل مارشال، الحدث بأنه "لحظة فخر" في التاريخ البريطاني. وقال للصحافيين في وقت سابق هذا الأسبوع "خلال مراسم التتويج سيؤدي الملك القسم أمام الله والأمة أن يخدم بلدنا كرأس للدولة، ويحافظ على قوانينا والعدالة للجميع". معارضة ورأى الدوق الذي دأبت عائلته على تنظيم مراسم رسمية منذ 1483، أن الحفل يمثل أيضا فرصة لجمع بريطانيا ومجموعة الكومنولث التي تضم 56 دولة يرأسها تشارلز أيضا. لكن ليس الجميع في مزاج احتفالي. فالمعارضون الجمهوريون الذين يطالبون برئيس دولة منتخب، وضعوا خطة للاحتجاج في يوم التتويج مع شعارات تقول "ليس ملكي" (نات ماي كينغ). ويبدو حماس الأشخاص الأصغر سنا لحفل التتويج والملكية عموما فاترا، وفق استطلاعات للرأي. وخارج المملكة المتحدة، يضعف موقع تشارلز كوريث للعرش في 14 من دول الكومنولوث. فقد تجري جامايكا استفتاء حول قطع العلاقات بالتاج العام القادم على أقرب تقدير، بحسب وزيرة الشؤون القانونية والدستورية في الدولة الكاريبية مارلين مالاهو فورت. وقالت لشبكة سكاي نيوز "جامايكا بأياد جامايكية" مضيفة "حان وقت الوداع". وتفكر استراليا في إجراء تعديل دستوري يمنح السكان الأصليين، الذين تعرضوا في الماضي لقمع من التاج البريطاني، "صوتا" مؤسساتيا أكبر في عملية صنع القرار، ما من شأنه أن ينذر بقطيعة في المستقبل. ويواجه تشارلز أيضا دعوات لتقديم اعتذار عن ضلوع أسلافه في الاستعمار وتجارة الرقّ. كما دعت دولة جنوب إفريقيا إلى إعادة أكبر ماسة في العالم، استُخرجت خلال الحكم البريطاني وهي الآن إحدى جواهر التاج الذي سيُستخدم في المراسم الدينية السبت. كلفة بالعودة إلى بريطانيا، يأمل القادة السياسيون في أن تُظهر مراسم التتويج بريطانيا في أفضل أحوالها، وتعمل بطريقة ما لإصلاح موقعها الدولي الذي تضرر بخروجها من الاتحاد الأوروبي. وسيكون الرئيسان الفرنسي والألماني وكبار قادة الاتحاد الأوروبي من بين 2300 مدعو سيحضرون المراسم، إلى جانب أفراد من عائلات ملكية عالمية. لكن العرض الفخم للمجوهرات والتيجان والعربات المطعمة، تثير توترا لدى العديد من البريطانيين الذي يعانون من ارتفاع كلفة المعيشة واضرابات واسعة للمطالبة بتحسين الأجور. وقالت إيدن إيويت (38 عاما) لفرانس برس في شمال لندن "لا نعيش الحياة نفسها. الناس الآن يواجهون صعوبات". وأضافت "أطبخ مرتين فقط في الاسبوع. آكل السندويتشات فقط. بعض الأشخاص لا يأكلون على الإطلاق". وجزء كبير من كلفة المراسم البالغة 100 مليون جنيه (126 مليون دولار) والممولة بشكل كبير من دافعي الضرائب، قد تكون مخصصة على الأرجح للعملية الأمنية الضخمة. وقال متحدث باسم قصر باكنغهام "مناسبة وطنية كهذه، مناسبة رسمية كهذه، تجذب اهتماما عالميا ضخما يعوّض وأكثر عن المدفوعات المترافقة معها". وقالت هيئة تجارية هي "يو كي هوسبيتاليتي" إن المراسم في نهاية الأسبوع والتي تتضمن عطلة رسمية الاثنين، يمكن أن تعود بمبلغ 350 مليون جنيه على قطاع الترفيه. أبهة بُذلت كل الجهود لأكبر عروض الفخامة والأبهة البريطانية منذ عقود، والتي تتخطى المراسم الرسمية لدفن الملكة في سبتمبر الماضي. في المجموع، سيشارك سبعة آلاف عسكري، من خيالة إلى فرق موسيقية، في العرض الذي يتم التدريب عليه بدقة بالغة. وسينتقل تشارلز وكاميلا من باكنغهام في عربة اليوبيل الماسي، ثم يعودان إلى القصر في نفس الطريق على متن العربة الذهبية الأقدم، عقب المراسم التي ستستمر ساعتين في الكنيسة. في القصر ستُقدم لهما التحية من أفراد من القوات المسلحة، ثم يتابعان طلعات جوية احتفالية من شرفة القصر مع أفراد آخرين من العائلة الملكية.