تحسنت وتيرة إسناد المشاريع الخليجية خلال الربع الأول من العام 2023 على الرغم من التحديات الاقتصادية العالمية مثل الاضطرابات التي شهدها القطاع المالي العالمي، وارتفاع معدلات التضخم، واستمرار الصراع الأوكراني الروسي. إذ ارتفعت القيمة الاجمالية للعقود التي تمت ترسيتها في دول مجلس التعاون الخليجي بنسبة 54.7 في المائة على أساس سنوي خلال الربع الأول من العام 2023 لتصل إلى 29.9 مليار دولار أمريكي مقابل 19.3 مليار دولار أمريكي في الربع الأول من العام 2022. ووفقاً ل"ميد وبحوث كامكو إنفست" فقد شهدت جميع أسواق المشاريع في دول مجلس التعاون الخليجي نمواً سنوياً لقيمة المشاريع التي تمت ترسيتها خلال الربع الأول من العام 2023 باستثناء البحرين التي ظلت مرة أخرى أصغر سوق للمشاريع على مستوى المنطقة. في المقابل، احتفظت السعودية بمركز الريادة كأكبر سوق للمشاريع في دول مجلس التعاون الخليجي خلال الربع الأول من العام 2023. حيث نمت وتيرة ترسية المشاريع في المملكة بنسبة 17.9 في المائة خلال هذا الربع لتصل قيمتها إلى 13.3 مليار دولار أمريكي مقابل 11.3 مليار دولار أمريكي في الربع الأول من العام 2022. وبالمقارنة، تضاعفت قيمة المشاريع التي تمت ترسيتها في الإمارات لتصل إلى 10.0 مليارات دولار أمريكي خلال هذا الربع، بينما بلغت قيمة العقود التي تمت ترسيتها في الكويت 1.8 مليار دولار أمريكي خلال الربع الأول من العام 2023 مقابل 407 مليون دولار أمريكي في الربع الأول من العام 2022، مسجلة أعلى نسبة زيادة للعقود السنوية التي تمت ترسيتها على مستوى المنطقة خلال هذا الربع. أما على صعيد التصنيف القطاعي، شهد قطاع الكيماويات أعلى معدل نمو لقيمة المشاريع التي تمت ترسيتها خلال العام بزيادة قدرها 4.7 مليارات دولار أمريكي على أساس سنوي، حيث بلغ إجمالي قيمة العقود الجديدة التي تمت ترسيتها 5.7 مليارات دولار أمريكي خلال الربع الأول من العام 2023. واستحوذت السعودية وحدها على نسبة 44.6 في المئة من إجمالي قيمة العقود التي تمت ترسيتها على مستوى منطقة دول مجلس التعاون الخليجي خلال الربع الأول من العام 2023، بينما مثلت السعودية والإماراتوقطر مجتمعين نسبة 84.1 في المئة من إجمالي قيمة سوق المشاريع في دول مجلس التعاون الخليجي. ويعزى نمو قيمة العقود المسندة في السعودية خلال هذا الربع بصفة رئيسية إلى زيادة أرباح أرامكو السعودية خلال السنة المالية 2022 والتي بلغت 161.1 مليار دولار أمريكي. ومن المتوقع أن تنمو النفقات الرأسمالية لأرامكو بنسبة 20 في المئة خلال العام 2023 وذلك في ظل قيام عملاق الطاقة بتطوير وتعزيز إمكاناتها لزيادة إنتاج النفط والغاز على المدى الطويل. كما كان النمو الذي شهدته وتيرة اسناد المشاريع في دول مجلس التعاون الخليجي خلال هذا الربع مدفوعاً جزئياً بعزم دول مجلس التعاون الخليجي على تنويع اقتصاداتها بعيدًا عن قطاع الهيدروكربون. حيث قامت الدول الأعضاء بدعم مشاريع القطاع الصناعي والاستثمار بالعديد منها مثل مشاريع الألمنيوم والصلب وغيرها من مشاريع تصنيع المعدات الصناعية. وعلى سبيل المثال، تخطط السعودية لاستثمار 453.2 مليار دولار أمريكي في برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية بحلول العام 2030، في حين أطلقت الإمارات 11 مبادرة ضمن استراتيجيتها الصناعية التي تغطي 11 قطاعاً وتتوقع أن تصل مساهمة الناتج المحلي الإجمالي لقطاعها الصناعي إلى 81.7 مليار دولار أمريكي بحلول العام 2030. أما في الكويت، وضعت الحكومة خطة لتنفيذ 164 برنامجاً ومشروعاً ضمن الاستراتيجية الصناعية الوطنية والتي تتضمن تخصيص 100 مليار دولار أمريكي لتنمية القطاع من خلال مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص. واستحوذت السعودية على نحو نصف العقود التي تمت ترسيتها في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي خلال الربع الأول من العام 2023. حيث ساهم ارتفاع أسعار النفط وتزايد الطلب على الطاقة في تعزيز المركز المالي للحكومة مما جعلها قادرة على الإنفاق على عقود المشاريع الجديدة وكذلك الحفاظ على تمويل المشاريع القائمة في المملكة. وتسترشد عملية ترسية عقود المشاريع في السعودية بصفة عامة برؤية 2030 التي تخطط من خلالها الحكومة السعودية لتحديث اقتصادها وتنويع مصادر الإيرادات التي تعتمد عليها بخلاف صادرات قطاع الهيدروكربون، واستحوذت المشاريع الضخمة مثل مدينة نيوم وذا لاين ومشروع حديقة الملك سلمان بالإضافة إلى مشاريع التوسعة والصيانة لمرافق شركة أرامكو على النصيب الأكبر من قيمة المشاريع التي تم ترسيتها في المملكة خلال هذا الربع، وبصفة عامة، تحسنت القيمة الإجمالية للمشاريع التي تمت ترسيتها في المملكة بنسبة 17.9 في المئة لتصل إلى 13.3 مليار دولار أمريكي. أما من حيث القطاعات، احتفظ قطاع التشييد والبناء بمركزه الريادي كأكبر القطاعات من حيث قيمة المشاريع المسندة على مستوى المملكة بنسبة 36.5 في المئة (4.9 مليار دولار أمريكي) من إجمالي قيمة المشاريع المسندة في السعودية خلال الربع الأول من العام 2023 مقابل نسبة 24.8 في المئة خلال الربع الأول من العام 2022. ومن المتوقع أن يكتسب قطاع البناء والتشييد في المملكة المزيد من الزخم في العام 2023 على خلفية خطط التنويع الاقتصادي المستمرة لمشروعات الجيجا، وفقاً للتقارير. ومن المتوقع أن ينمو قطاع البناء والتشييد في المملكة بنسبة 4.7 في المئة خلال العام 2023، ليشهد بذلك تحسناً هامشياً مقابل 4.6 في المئة في العام الماضي. ومن ضمن أبرز المشاريع الكبرى التي تم الإعلان عنها في المملكة خلال هذا الربع مشروع المربع الجديد والذي تقدر قيمته بنحو 100 مليار دولار أمريكي ويهدف إلى إقامة وتطوير أكبر مشروع لمدينة عالمية يغطي مساحة 19 كيلومتر مربع حيث تم إطلاق ما بين 8 و9 كيلومتر مربع رسمياً. ومن المقرر أن يكتمل مشروع المربع بحلول العام 2030. هذا وجاء قطاع النقل السعودي ثانيا بعد قطاع البناء والتشييد من حيث أكبر القطاعات التي شهدت ترسية مشاريع خلال هذا الربع، إذ بلغت قيمة العقود الإجمالية التي تمت ترسيتها 3.4 مليار دولار أمريكي خلال هذا الربع، وتبعه قطاع المياه في المرتبة الثالثة ببلوغ قيمة المشاريع المسندة ضمن القطاع 2.1 مليار دولار أمريكي. وضمن أبرز المشاريع التي تمت ترسيتها خلال الربع الأول من العام ضمن قطاع المياه بالمملكة كان لمشروع رابغ 4 المستقل لإنتاج المياه المحلاة بقيمة 677 مليون دولار أمريكي. ومن المتوقع أن تبلغ الطاقة الإنتاجية للمشروع 600 ألف متر مكعب يومياً، ويقع في المنطقة الساحلية على البحر الأحمر بالمملكة. ووفقاً لمجلة ميد، يتضمن مشروع رابغ 4 إنشاء خزان مياه بسعة 1.2 مليون متر مكعب، وستكون مدينتا مكةالمكرمة والمدينة المنورة في صدارة المدن المستفيدة من مشروع معالجة المياه، وارتفعت القيمة الإجمالية للمشاريع المسندة ضمن قطاع النفط السعودي بأكثر من تسع مرات لتصل إلى 948 مليون دولار أمريكي خلال الربع الأول من العام 2023 مقابل 98 مليار دولار أمريكي خلال الربع الأول من العام 2022. واحتفظ سوق المشاريع في دولة الإمارات بمركزه كثاني أكبر أسواق المشاريع، بعد السعودية، على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي خلال الربع الأول من العام 2023 بقيمة وصلت إلى 10.0 مليار دولار أمريكي. إذ ارتفعت حصة الإمارات من إجمالي قيمة المشاريع المسندة في دول مجلس التعاون الخليجي من 23.4 في المئة خلال الربع الأول من العام 2022 إلى 33.6 في المائة في الربع الأول من العام 2023. العقود المسندة في قطر ارتفعت القيمة الإجمالية للعقود المسندة في قطر خلال الربع الأول من العام 2023 بنسبة 69.2 في المئة على أساس سنوي لتصل إلى 3.6 مليارات دولار أمريكي مقابل 2.2 مليار دولار أمريكي في الربع الأول من العام 2022 مسجلة نموًا قويًا بعد الاستضافة الناجحة لفعاليات كأس العالم لكرة القدم في العام 2022. ويعزى نمو وتيرة اسناد عقود المشاريع بصفة رئيسية إلى حرص الدولة للحفاظ على الأداء الاقتصادي القوي للبلاد. ووفقاً لمجلة ميد، من المتوقع أن ينخفض نمو الناتج المحلي الإجمالي لقطر من 3.4 في المئة في العام 2022 إلى 2.4 في المئة في العام 2023، إلا ان ذلك سيترتب عليه تأثير ضئيل على الوضع المالي لقطر وقدرتها على مواصلة تمويل وإسناد المشاريع. أما على صعيد التصنيف القطاعي، انتزع قطاع الكيماويات مركز الصدارة من قطاع الغاز كأكبر القطاعات من حيث قيمة المشاريع التي تمت ترسيتها في قطر مسجلاً ما قيمته 2.8 مليار دولار أمريكي من العقود المسندة خلال الربع الأول من العام 2023. واستحوذ قطاع الكيماويات القطري على ما نسبته 76.9 في المئة من إجمالي قيمة المشاريع المسندة في الدولة خلال هذا الربع. وبالمقارنة، بلغت قيمة العقود التي تمت ترسيتها ضمن قطاع البناء والتشييد 116 مليون دولار أمريكي في الربع الأول من العام، بتراجع بلغت نسبته 63.1 في المائة على أساس سنوي. وعلى الرغم من انخفاض قيمة العقود المسندة على أساس سنوي ضمن هذا القطاع، من المتوقع أن ينمو قطاع البناء والتشييد القطري بمعدل نمو سنوي مركب بنسبة 9.5 في المائة خلال الفترة الممتدة ما بين العام 2023 إلى العام 2030 ليصل إلى 123.1 مليار دولار أمريكي، فيما يعزى بصفة رئيسة إلى خطط الإنفاق الحكومي لتطوير البنية التحتية ومشاريع البناء الأخرى. حيث خصصت الحكومة القطرية نحو 14.8 مليار دولار أمريكي للمشاريع الجديدة بين عامي 2021 و 2023. بالإضافة إلى ذلك، بلغت القيمة الإجمالية للمشاريع المسندة ضمن قطاع الطاقة 328 مليون دولار أمريكي خلال هذا الربع، بينما بلغت القيمة الإجمالية للعقود المسندة ضمن قطاع النقل 278 مليون دولار أمريكي. وبلغ إجمالي قيمة المشاريع المسندة في الكويت 1.8 مليار دولار أمريكي خلال الربع الأول من العام 2023 مقابل 407 مليون دولار أمريكي في الربع الأول من العام 2022. وبلغت القيمة الإجمالية للعقود المسندة ثاني أعلى مستوياتها في عشرة أرباع خلال الربع الأول من العام 2023، وذلك على خلفية الاستثمار في البنية التحتية التي أصبحت إحدى الركائز الأساسية لخطة رؤية الكويت 2035. وفي الوقت الحالي، حددت الكويت خطة واضحة وقوية لمشاريع البنية التحتية قيد التنفيذ بقيمة تقديرية تصل إلى 27.6 مليار دولار أمريكي وفقاً لتقرير صادر عن شركة كي بي ام جي. مشروع نيوم يستحوذ على نسبة كبيرة من مشروعات المنطقة