مضت أيام رمضان سريعا كطيف الخيال، وها نحن نستقبل تباشير الفرح بقدوم العيد السعيد فلنحمد الله تعالى أن أتم علينا صيام شهر رمضان وقيامه، ولنكثر من الدعاء بأن يتقبل الله منا الصيام والقيام، وأن يغفر لنا الزلل والتقصير، وأخيرا، ولئن انقضت أيام صيام رمضان فإن الصيام لا يزال مشروعاً ولله الحمد في كل وقت، ومن ذلك ما رغب فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم من صيام أيام ست من شوال، فإنها من جملة شكر العبد لربه على توفيقه لصيام رمضان وقيامه، قال صلى الله عليه وسلم: « من صام رمضان ثم اتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر»، واعلم أن من علامة قبول الحسنة فعل الحسنة بعدها، ومن علامة السيئة السيئة بعدها، كما وأننا نستقبل فرحة العيد ونودع شهر رمضان المبارك لابد لنا لكي تكتمل فرحتنا بالعيد من زيارة المرضى في المستشفيات ودور رعاية الأيتام وتقديم الهدايا لهم وإدخال السرور عليهم، كما يجب علينا أن نتفقد حال اليتامى والأرامل والضعفاء والمكروبين، وندخل السعادة والسرور على قلوبهم، ونعمل على قضاء حاجاتهم، كما لابد لنا من نصر المظلومين، وتنفيس كرب المكروبين ، وإطعام الجائعين، والعمل على إعانة المنكوبين، فعوائد الإسعاد للناس لا يعرفها إلا من عمرت قلوبهم بالبر والإحسان، حيث يجدون ثمرته في نفوسهم انشراحاً وانبساطاً وراحة وهدوءاً وسكينة كما يجب علينا العمل في الإصلاح بين الناس وزيادة التواصل قال صلى الله عليه وسلم: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه»، وقال: «من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه»، كما لا يسعنا ونحن نحتفل بالعيد إلا الدعوة للعمل جميعا في القضاء على بعض منغصات العيد أو بعض الظواهر السلبية للفرح بالعيد ومنها: انتشار ظاهرة الألعاب النارية التي يتفنن صانعوها باختراع أشكال وأنواع مختلفة تكون مغرية حتى للكبار فيقبل الأطفال على شرائها ويقدمون على استخدامها, مما قد يؤدي لتعرضهم للأذى لهم وللآخرين لخطورة هذه الألعاب فيتعرضون للحروق والتشوهات والعاهات الدائمة, ولا يقتصر ضرر الألعاب النارية على الأذى الجسدي بل يصل الأمر إلى تأثيرات نفسية للأهل حيث تتحول الفرحة بالعيد إلى أسى وألم, بالإضافة إلى الأضرار المادية التي يسببها استخدام الألعاب النارية لاستنزافها جيوب الأطفال وأسرهم، كما أن من الظواهر السلبية التي يجب الحد منها الجلوس في الشوارع للاحتفال بالعيد، حيث يغلق بعض الإخوة الشارع تماماً عن الجيران بحجة الاحتفال بالعيد وتناول طعام العيد بحيث لا يستطيع الشخص أن يصل إلى بيته إلا بعد أن يمر بأكثر من طريق وهذا مما لا شك فيه إيذاء للجار وإيذاء للمارة الذين سيمرون من هذا الطريق كما أن تلك التجمعات تشكل عائقا خطرا في حال نشوب حريق أو وجود مريض بحاجه عاجلة لإسعافه لا سمح الله، كذلك من الظواهر السلبية إقامة الولائم المبالغ فيها والتبذير والإسراف في الأطعمة والمأكولات مما يدل على عدم شكر النعمة، كما أن من شكر النعمة حسن التصرف في بقايا الأطعمة والمأكولات وإيصالها إلى الجمعيات الخيرية التي تقوم بإيصالها لمستحقيها، في الختام دعوه للجميع بان نرتقي ونسمو بأخلاقنا فمن أراد معرفة أخلاق الأمة فليراقبها في أعيادها، إذ تنطلق فيه السجايا على فطرتها، وتبرز العواطف والميول والعادات على حقيقتها، والمجتمع السعيد الصالح هو الذي تسمو أخلاقه في العيد، وتمتد فيه مشاعر الإخاء والتواصل للجميع، بحيث يكون مجتمعا متماسكا متعاونا متراحما تخفق فيه القلوب بالحب والود والرحمة والعطاء، تقبل الله صيامنا وقيامنا وأنار بالفرح والسعادة أعيادنا.