تحدثنا في المقال السابق على صفحات جريدة «الرياض» الغراء عن المناهج التعليمية ودورها في صناعة مناعة عقلية لدى الطلبة، ورأينا أهمية أن تكون هذه المناهج وطنية تنطلق من الوطن وقيادته نحو العالم الفسيح، وليس العكس، فقد مرت بمناهجنا التعليمية فترات كان التركيز فيها على بعض الدول والإمبراطوريات وفترات التاريخ أكبر من التركيز على الوطن منذ تأسيسه عام 1137ه، وهذا خلق جيلا من الشباب انتماؤه وارتباطه العاطفي لهذه الدول والإمبراطوريات والفترات التاريخية أكبر من انتمائه لوطنه. ويبقى دور المعلم هو الأكبر في هذا النطاق فلا قيمة لهذه المناهج إن لم يقدمها المعلم المؤهل، وأول أدوار المعلم هنا هو تقديم هذه المناهج بمستهدفاتها وتعزيز ما فيها من جوانب وطنية وفكرية لأبنائه الطلاب، ثم يأتي دوره الأكبر كقدوة لطلابه، وكما نعلم فإن التربية بالقدوة من أهم فروع التربية. ولقد تعاظمت في وقتنا الحالي مسؤولية المعلم تجاه طلابه فلم تعد محصورة في إيصال المعلومات والمعارف التي تحتويها المناهج التعليمية، بل تغيرت نتيجة للتطورات المختلفة التي منها الثورة في مجال المعلومات والاتصالات، وظهور وسائل التواصل الاجتماعي التي جعلت من الكون قرية صغيرة لم يعد المعلم ولا المنهج المصدر الوحيد للمعلومة والمعرفة فيها. وكثيراً ما يتعرض الطالب في هذه القرية الكونية لما يؤثر عليه سلباً إن كان من الناحية الدينية أو الوطنية، حيث تكتظ هذه القرية الكونية بالتطرف، والإرهاب، والطعن في الأوطان، والدعوة للثورات.. إلخ. وهنا يأتي دور المعلم ليكون حائط الصد الأهم بما يحق الأمن الفكري لدى طلابه، ويكون ذلك بتعزيز قيمة الوكن وقيادته - حفظها الله - لديهم، وغرس القيم الدينية والوطنية، وتنمية السلوك الإيجابي في نفوسهم، مما يعزز لديهم الوازع الديني، وتصبح هذه القيم قولاً وعملاً، وينغرس لديهم حب الوطن والانتماء إليه، وبذلك يبتعدون عن كل ما يضرهم، ويعملون على رفعته وتنميته والدفاع عنه. وأخيراً، يجب على المعلم تعزيز مبدأ الحوار والشفافية مع طلابه، وتوجيههم نحو مستقبل وطنهم المتمثل في رؤية المملكة 2030 وتحقيق مستهدفاتها.. فالعملية التعليمية برمتها تهدف إلى تخريج جيل الرؤية الذي سيكون قادراً على التناغم مع مستقبل هذا الوطن الغالي؛ لتكون المملكة العربية السعودية الدولة الرائدة على مستوى العالم.