قُتل 14 مقاتلاً موالين لإيران جراء ضربات جوية "دقيقة" أعلن الجيش الأميركي تنفيذها في شرق سورية، ردّاً على هجوم بطائرة مسيّرة أسفر عن مقتل متعاقد أميركي وجرح ستة آخرين. والخميس استهدف هجوم بطائرة مسيّرة، وفق ما أعلنت وزارة الدفاع الأميركية، "منشأة صيانة في قاعدة لقوات التحالف قرب الحسكة في شمال شرق سورية"، ما أدّى الى مقتل "متعاقد أميركي، وإصابة خمسة عسكريين أميركيين ومقاول أميركي آخَر". وأعلن البنتاغون أنّ أجهزة الاستخبارات الأميركية تعتبر الطائرة بدون طيار "إيرانية المنشأ". وقال وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن إنّه بتوجيهات من الرئيس جو بايدن، أذن "لقوات القيادة المركزية الأميركية بشنّ ضربات جوية دقيقة الليلة في شرق سورية ضد منشآت تستخدمها مجموعات تابعة للحرس الثوري الإيراني". وطالت الضربات الأميركية، وفق ما ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان، مواقع عدّة في شرق سورية، أبرزها مستودع أسلحة لمجموعات موالية لإيران داخل مدينة دير الزور، ما أدّى الى تدميره بالكامل ومقتل ستة من عناصرها. كذلك استهدف القصف مواقع في بادية مدينة الميادين وريف البوكمال، ما أدى إلى مقتل ثمانية مقاتلين موالين لطهران، وفق ما أفاد المرصد في حصيلة جديدة. وقال مدير المرصد رامي عبدالرحمن، إنّ "مجموعات موالية لطهران، متمركزة قرب مدينة الميادين، أطلقت ثلاثة صواريخ صباح الجمعة، سقط اثنان منها في حرم حقل العمر، من دون أضرار، فيما سقط الثالث على منزل مدني" قرب الحقل الذي يضم قاعدة للقوات الأميركية، التي تقود التحالف الدولي ضد تنظيم داعش. وأكد متحدث باسم القيادة العسكرية الأميركية للشرق الأوسط (سينتكوم) الهجوم. وصرح الميجور جون مور "يمكننا أن نؤكد وقوع هجوم صاروخي على المنطقة الخضراء (التسمية المستخدمة لحقل العمر) في سورية". ولاحقاً، أفادت الكابتن أبيغيل هاموك، وهي متحدثة أخرى باسم القيادة المركزية الأميركية، أنّ "عشرة صواريخ أطلقت... في نحو الساعة 8,05 صباحاً (06,05 ت غ) في سورية". وأضافت: أنّ الصاروخ الذي أصاب المنزل سقط على بعد خمسة كيلومترات تقريباً من القاعدة "متسببًا بأضرار جسيمة وبإصابة امرأتين وطفلين بجروح طفيفة". من جانبها، أعلنت قوات سورية الديموقراطية، حليفة الولاياتالمتحدة، أنّ مدنيين أصيبا في القصف الصاروخي. ويقدّر المرصد وجود نحو 15 ألف مقاتل من المجموعات العراقية والأفغانية والباكستانية الموالية لإيران، في محافظة دير الزور الغنية بالنفط، وتحديداً في المنطقة الممتدة بين مدينتي البوكمال الحدودية مع العراق، ودير الزور مروراً بالميادين. وتعدّ المنطقة الحدودية طريقاً مهماً للكتائب العراقية ولحزب الله اللبناني، كما المجموعات الأخرى الموالية لإيران، لنقل الأسلحة والمقاتلين. وتستخدم أيضاً لنقل البضائع على أنواعها بين العراق وسورية. وغالباً ما يتم استهدافها بغارات يتبنى التحالف عدداً منها ويُنسب بعضها إلى اسرائيل. رداً على الهجوم وجاءت الضربات الأميركية، وفق أوستن، "رداً على هجوم وسلسلة من الهجمات الأخيرة ضد قوات التحالف في سورية من جانب مجموعات تابعة للحرس الثوري". وأضاف " أوضح الرئيس بايدن، سنتخذ كل الإجراءات اللازمة للدفاع عن شعبنا وسنرد دائمًا في الوقت والمكان اللذين نختارهما". وتم الإعلان الأميركي عن الضربات بينما كان بايدن قد توجه إلى كندا، حيث من المقرر أن يجتمع مع رئيس الوزراء جاستن ترودو ويلقي كلمة أمام البرلمان. وعولج اثنان من العسكريين الأميركيين في الموقع، بينما تم على الفور إجلاء الجنود الثلاثة الآخرين والمقاول الأميركي الآخَر إلى العراق، بحسب البنتاغون. وتقود واشنطن التحالف الدولي ضد تنظيم داعش. وينتشر 900 جندي أميركي ضمن قوات التحالف في مناطق سيطرة المقاتلين الأكراد، ويتواجدون في قواعد عدة في محافظة الحسكة (شمال شرق) والرقة (شمال) ودير الزور (شرق). وتشكل واشنطن الداعم الرئيس لقوات سورية الديموقراطية، وعمودها الفقري الوحدات الكردية، التي قادت معارك على جبهات عدّة ضد التنظيم وأعلنت في مارس 2019 دحره من آخر معاقله. وتتعرّض قواعد للتحالف والقوات الأميركية بشكل دائم لاستهداف عبر طائرات مسيّرة وبصواريخ، تقف خلفها مجموعات موالية لطهران حينا وخلايا تابعة لتنظيم داعش حينا آخر. وسبق للولايات المتحدة أن استهدفت مواقع تابعة لمجموعات موالية لطهران. ففي أغسطس الماضي، أمر بايدن بشن ضربات انتقامية مماثلة في محافظة دير الزور، بعدما استهدفت طائرات مسيّرة عدة موقعًا لقوات التحالف من دون أن تتسبب في أي إصابات. وجاء الهجوم في اليوم نفسه، الذي أعلنت فيه وسائل إعلام رسمية إيرانية مقتل جنرال في الحرس الثوري، قبل أيام "خلال مهمة في سورية بوصفه مستشارا عسكريا". وفي الأعوام الأخيرة، فقد الحرس الكثير من كوادره في المعارك ضد "الإرهاب" في سورية والعراق، حيث أكدت إيران حضورها الميداني بدور "استشاري". وتعدّ إيران داعماً رئيساً لدمشق. وقدمت لها منذ بدء النزاع في العام 2011 دعماً سياسياً واقتصادياً وعسكرياً. وقد بادرت في العام 2011 إلى فتح خط ائتماني لتوفير احتياجات سورية من النفط خصوصا، قبل أن ترسل مستشارين عسكريين ومقاتلين لدعم الجيش السوري في معاركه. وقد ساهم هؤلاء في ترجيح الكفة لصالح القوات الحكومية على جبهات عدة. وتشهد سورية منذ عام 2011 نزاعاً دامياً متشعب الأطراف، تسبّب بمقتل أكثر من نصف مليون شخص، وبدمار هائل في البنى التحتية ونزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.