من بين جهود عديدة ولافتة لوزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية لتعزيز العمل التطوعي عبر مسارات مختلفة، تحمل مبادرة «تطوع بخبرتك» أهمية خاصة، فهي مبادرة نوعية بكل المقاييس، إذ تعمل على تفعيل دور المتطوعين من أصحاب المعالي والخبراء والمختصين لتقديم الحلول المتخصصة للتحديات التي تواجه مختلف فئات المجتمع، كما أنها تُعزّز التطوع الاحترافي لدعم المنظمات غير الربحية والجمعيات الأهلية ورواد الأعمال من الشباب والفتيات عن طريق الاستفادة من خبرات من يتطوع بإعطائهم خلاصة خبرة السنين للتغلب على التحديات التي تواجههم لتحقيق أهدافهم. وليس غريباً في هذا الصدد أن تُقام فعاليات النسخة الثالثة من مبادرة «تطوع بخبرتك» في مركز الرياض للمؤتمرات والمعارض، ضمن فعاليات ملتقى «بيبان 23» لرواد الأعمال. كما تؤكد هذه المبادرة بشكل حقيقي وعلى أرض الواقع، أهمية التكاتف بين مختلف فئات المجتمع من مسؤولين وأفراد، باجتماعهم في مكان واحد، يقدم فيه المسؤولون والخبراء عصارة خبراتهم للأفراد الباحثين عن إجابات تشغلهم للاستفادة منها في حياتهم العملية، إذ تُتيح لهم المبادرة واللقاء مع أصحاب الخبرات التعرف على المهارات الحياتية اللازمة لتحقيق الإنجازات في المجالات المختلفة، ولا شيء في رأيي يؤكد دينامية المجتمع وحجم حيويته، بمثل ما تفعل مثل هذه المبادرة وجلساتها الحوارية الجماعية وورش العمل التي تشهدها فضلاً عن الاستشارات الفردية التي يقدمها المتطوعون للأفراد، وتزخر بحوار بين الأجيال المختلفة في المملكة، ونقل المعارف من جيلٍ إلى جيل، فليس أجمل من أن تشاهد أصحاب المسؤوليات والخبرات الكبيرة وهو يحاورون ضيوفهم الشبان القادمين من مختلف مناطق المملكة بحثاً عن الفائدة واختصار سنوات الخبرة. قدم المتطوعون في المبادرة خبراتهم في التخطيط الاستراتيجي والقانون والمحاماة والإدارة والقيادة والمالية والمحاسبة وابتكار وتطوير الأعمال وإدارة المشاريع، وغيرها من المجالات، لذلك تمثل المشاركة في هذه المبادرة فرصة ثمينة، لكل أبناء المملكة، كما أنها تستحق الفخر وتوجيه الشكر لكل القائمين عليها في وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، والشكر موصول كذلك لكل أصحاب المعالي والخبراء والمختصين الذين شاركوا بوقتهم وخبراتهم، ليأخذوا بأيدي الشباب نحو تحقيق طموحاتهم. ختاماً، تُجسّد مبادرة «تطوع بخبرتك» خير مثال للتعرف على ثقافة مجتمعنا ومدى التلاحم بين أفراده في حل قضاياه، إذ تبرز مدى الاهتمام بالعمل التطوعي، وتمثل جانباً احترافياً يعمل على تعزيز ثقافة التطوع، وهو ما يتجلى في كل نسخة من نسخ المبادرة التي تؤكد نسختها الثالثة الاحترافية وتعززها، وتؤكد أن الجهود المبذولة من الجهات المختصة بترسيخ العمل التطوعي هي جهود استثنائية ونوعية، تحمل أثراً عظيماً على المجتمع وأفراده، كما أنها تساهم بشكل فعال في تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030 بالوصول إلى مليون متطوع في عام 2030، علماً بأن عدد المتطوعين وصل إلى 658,036 متطوعاً ومتطوعة بلا تكرار، فيما بلغ عدد المتطوعين 5,413,821 بالتكرار، في عام 2022، أي أننا ومع استمرار هذه الجهود والمبادرات اللافتة، سنحقق الهدف الأسمى بالوصول إلى مليون متطوع، يخدمون المجتمع بشكل احترافي قبل 2030 بعدة سنوات.