رواية امرأة في النافذة، للكاتب إيه.جي.فين، تعيش فيها أجواءً من الغموض والترقب والفضول، والحالة النفسية التي تعتري الإنسان بعد فقده لأحبابه. تدور أحداث الرواية حول الأخصائية النفسية للأطفال «آنا فوكس»، التي تعاني من رهاب الأماكن المفتوحة، وتقيم إقامة إجبارية في بيتها في مدينة نيويورك، ترفض خلالها الخروج من المنزل، واستقبال الضيوف، تمضي أيامها في العزلة ومشاهدة الأفلام القديمة، واستعادة الذكريات السعيدة التي عاشتها، والتلصص على جيرانها. وتقديم الاستشارات النفسية عبر الإنترنت، وتأتي هذه الأجواء النفسية الصعبة لآنا فوكس بعدما فقدت زوجها وابنتها في حادث مروع، (بعد سقوطهما من قمة مرتفع جبلي أثناء قيادتها لسيارتها الخاصة)، ولم تستقبل آنا فوكس خلال هذه العزلة سوى طبيبها النفسي، الذي يكتب لها الأدوية التي تساهم في تخطي محنتها، «لم أعد أنتظر شيئا، لقد انتظرت أسرتي فلم تعد، وانتظرت زوال اكتئابي، لكنه لن يزول من غير عون مني». أما الحدث الأساسي الذي ساهم في انتقال السرد إلى السياق الدرامي والإثارة، فأثناء تلصص آنا فوكس من خلال نافذتها على عائلة راسل المكونة من أب وأم وابنهما المراهق، شاهد جريمة قتل الزوجة «جين راسل»، كما وجدت صورة لها وهي نائمة، لكن آنا فوكس مدمنة تتعاطى أدوية نفسية، وتعاني من رهاب الأماكن المفتوحة. أي أنها لا تستطيع أن تغادر منزلها. هل فعلًا شاهدت جريمة القتل؟ أم خُيّل إليها نتيجة تفاعل الأدوية مع الكحول ومع الرُّهاب الذي تُعاني منه؟ وهنا يبدأ عالمها بالتخبط، ما الواقعي؟ وما المتخيل؟ ومن في خطر؟ ومن المسؤول؟ لذلك أقنعوها بأنها صورت نفسها، وهذا مما جعل لسانها مكبلاً ومثقلاً جداً في النطق: «ستستغرق هذه الكلمات دهراً كاملاً تتلوى كل واحدة منها في فمي قبل أن أتمكن من إخراجِه بالتأكيد كنتُ أنحتُ كل كلمة نحتاً كأنها واحدة من الزخارِف اليابانية الورقية». رواية لا تستطيع التخلص منها، تفكر فيها حتى عندما تكف عن القراءة. إنها أحد تلك الأعمال التي يبلغ فيها التشويق مداه، لأن الكاتب أبدع في كشف شخصية آنا فوكس، وصراعها الداخلي، والانكسار الذي تحياه امرأة فقدت طفلها وزوجها، بالإضافة إلى الممارسات اليومية التي تقوم بها في منزلها، والتي ساهمت في معايشة القارئ لأجواء الرواية.