«اللغة التقنية» يجب أن تصاغ بحروفنا حتى لا تُطمس لغتنا في العلوم الحديثة صليبا: أصول العديد من حضارات الشعوب مستقاة من أمجاد وتراث العرب الضبيب: بداية محفزة لوضع استراتيجية تبرز دور العرب في الحضارة الإنسانية انطلقت في الرياض مساء أول من أمس، أمسية ثقافية تعنى بحفظ "المروية العربية"، ومواجهة التناسي والتغافل عن دور الحضارة الإسلامية والعربية في صناعة ثقافة الأمم وتوثيق المصادر التي تعزز وجود إرث ثقافي واجتماعي لهذه الأمة التي رسمت في التاريخ الماضي أسس العديد من العلوم التي أثرت الإنسان وخدمت الإنسانية. وشهدت هذه الأمسية التي نظمها مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، حضوراً رسمياً بتدشين انطلاقتها من لدن صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض، وتحدث في افتتاحها صاحب السمو الملكي الأمير تركي الفيصل رئيس مجلس إدارة مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، مرحباً بسمو أمير الرياض وبالحضور من مثقفين وأدباء ومؤرخين وأكاديميين، ومبيناً أن هذا المساء يشهد فيه إطلاق مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية فعاليات أيام المروية العربية. وأردف قائلاً، قَدْ يتساءلُ البعضُ عَنِ المرويَّةِ العربيَّةِ؟ وعمَّنْ يحْكِيها؟ المرويَّةُ العربيَّةُ فكرةٌ حانَ أوانُها... ونحنُ رُواتُها.، ويمكنُ لنا التَّعرُّفُ عليْها بأنَّها ليستْ ما يُحكَى عنّا اليومَ. قِصَّتُنا أمْسَتْ يتيمةً. فلا بُدَّ للأَصلِ أنْ يُؤَصَّلَ، كيْ يُعْرَفَ. وللنَّسَبِ أنْ يُعادَ إلى مَنشأهِ كيْ يُصانَ. الاستحقاقُ الحضاريُّ للعربِ جميعًا... مِنْ هُنا. ومِنْ هُنا تبدأُ الروايةُ وتَنْتَهِيَ. وأضاف، "إشكالاتُ السَّرْدِياتِ السَّائِدَةِ أنَّها تَحْمِلُ جزءًا مِنَ الحقيقةِ، وَلِذلكَ سادَتْ. ولا ضَيْرَ في أَنَّ غَيْرَنا صاغَ قِصَّةً لنا بعنايةٍ وجُهْدٍ، ثُمَّ أقامَ عليْها كَمًّا هائِلًا مِنَ البُحُوثِ والدِّراساتِ، فَلَهُمْ مِّنَّا خالصُ الشُّكرِ والتَّقديرِ. ما يُهِمُّنا هي القِصَّةُ الَّتي نَرْويها نحنُ لأَنْفُسِنا، ومِنْ ثَمَّ لأَبنائِنا، فنحنُ لسْنا خَلَفًا لِسَلَفٍ جُهّالٍ خامِلينَ، حاشانا وحاشاهُمْ. نحنُ خَلَفٌ لِسَلَفٍ أقامُوا الدُّنيا بنَبِيٍّ عربِيٍّ، وكتابٍ عربِيٍّ، وأخلاقٍ عربيةٍ. ونحنُ مَنْشَأُهُ العِرْقُ الذي ننتَسِبُ إليهِ، واللغةُ التي نتحدثُ بها، والدِّينُ الذي ندينُ بهِ، جميعًا، مَنْشَأُهُمْ هُنا، حيثُ نحنُ. فأيُّ فضلٍ هَذا! والعَجَبُ العَجَبُ في البحثِ عنْ "هُويَّةٍ"! والعَجَبُ العَجَبُ في عُجْمَةِ أبنائِنا بعدَ طُولِ إِفصاحٍ! وَلَوْ نَظَرَ أغلبُ الحُضُورِ في نَسَبِهِ لَوَجَدَ أنَّ لهُ جَدًّا شاركَ النبيَّ العربيَّ صُحْبَتَهُ أوْ هِجْرَتَهُ، أو سارَ مَعَ الصحابةِ والتابعينَ تحتَ لِواءِ الفَتْحِ، أو أنَّهُ كان ضِمْنَ مَنْ شيَّدُوا دولةً عربيةً هِي الأكبرُ في التاريخِ، ثُمَّ كانتْ أُخْرَى، ناجَى فيها مَلِكٌ عظيمٌ سَحابَةً يأْمُرُها أنْ تَجِدَ أرضًا لا يَعُودُ إليْهِ خَراجُها. ومِنَّا كانتْ أُمَّهاتُ المؤمنينَ، رضِيَ اللهُ عَنْهُنَّ، ومِنَّا مَنْ كانتْ جَدَّتَهُ الخنساءُ، أوْ زرقاءُ اليمامةِ، أوْ تلكَ الجليلةُ هِنْدُ بنتُ النُّعمانَ... أوْ لَيْلَى مُلْهِمَةُ الشُّعراءِ. الاستحقاق الحضاري العربي وأضاف الفيصل في كلمته، "إنَّ في تَدَبُّرِ الرُّؤْيَةِ السائدةِ الآنَ أهميةً لإبرازِ الميْلِ إلى غَمْطِ جزيرةِ العَربِ وأَهْلِها اسْتِحْقاقَهُم الحضاريَّ، إذْ هي، فيما يبدُو، تَسْتَصْغِرُ إسْهامَ العَربِ في الحضارةِ العربيةِ-الإسلاميةِ، مقارَنةً بإسهاماتِ غَيْرِ العَربِ. هذا، عَلى فَرْضِ أنَّ بلادَ العَربِ لمْ تَكُنْ سِوَى جُذْوَةٍ أَضاءتْ ما يزيدُ بكثيرٍ على أَلْفِ عامٍ مِنْ مَجْدٍ، ثُمَّ انطفأتْ إلى الأَبَدِ، دُونَ أن يبقَى بِداخِلِ هذهِ الحضارةِ أدْنَى بصيصٍ مِنْ أَصْلِها الأَوَّلِ، أوْ أنْ يُعْتَرَفَ لها بأيِّ فَضْلٍ أو مَكانَةٍ في مَسِيرةِ الحضارةِ العربيةِ الإسلاميةِ الطويلةِ. وكانَ مِنْ نَتائجِ ذَلكَ، إقصاءُ العربِ بِرُمَّتِهِمْ عنْ ذَلكَ الاستحقاقِ الحضاريِّ الذي تَلَقَّفَتْهُ أُمَمٌ غَيْرُ عَربيةٍ كشاراتِ عِزٍّ لأَعْراقِهِمْ. إنَّ الفَهْمَ الدارِجَ في الأَوساطِ الأكاديميةِ لنشأةِ العلومِ العربيةِ لَهُوَ أكبرُ مُعَبِّرٍ عنْ هذا التَّحَيُّزِ، الذي قام بِنَقْدِه الدكتُور جُورجْ صَليبا؛ بِما لا يَدَعُ مجالًا للشَّكِّ في أنَّ نشأَةَ العلومِ في دولةِ العربِ بدأتْ مِنَ العَربِ وبالعربِ الَّذينَ جالُوا البلادَ بحثًا عَمّا أطلقُوا عَليهِ "عُلومَ الأَوَّلِينَ"؛ هذهِ العلومُ التي كانتْ إمّا مُهْمَلَةً أوْ مُحارَبَةً لمئاتِ السنينَ قَبْلَ أنْ يُخْرِجَها العربُ إلى الدُّنيا عَلى وَقْعِ رَنِيمِ كلماتٍ عربيةٍ مُبينةٍ. فَلَمْ يَكُنْ أَسْلافُكُمْ قَطُّ على هامِشِ ذلكَ الحَراكِ العلميِّ العظيمِ، ولم يَقْتَصِرْ عَطاءُ العَربِ الحضاريُّ والعلميُّ على القُرونِ الأُولَى، بلِ امْتَدَّ زَمنًا طويلًا، كما يذكُرُ أستاذُنا الدكتُور صَليبا. والعربُ، قَبْلَ الإسلامِ، لمْ تَكُنْ عُلُومُهُمُ تَقِلُّ بِكثيرٍ عَمَّنْ أحاطَ بِهِمْ مِّنْ مَمالكَ، هذا أيضًا ذكرهُ عالمُنا الفاضلُ الدكتور صَليبا. وتساءل الفيصل، فَمَتَى إذاً أُسْقِطَ مُسَمَّى عَرَبِيٍّ عنْ هذهِ الحضارةِ وعنْ تِلكَ العُلومِ؟ ومَتى أَصْبَحَتِ العَربُ أُمَّةً مُخْتَلَقَةً؟ ومَتى كانتِ العَربيةُ لُغَةَ أَقَلِّيَّةٍ في جَزيرَتِنا العربيةِ؟ هذا بَعْضٌ مِمّا يُتَداوَلُ في الدراساتِ الأكاديميةِ الحديثةِ.أينَ هِي المدرسةُ السعوديةُ لتاريخِ الجزيرةِ العربيةِ والحضارةِ العربيةِ الإسلاميةِ الواسعةِ؟ وكيفَ يبقَى بينَ مُهْمَلٍ ومُبْتَذَلٍ ما يَقْرُبُ مِنْ ثمانِيَةِ مَلايينَ مخطوطٍ عربيٍّ دُونَ تحقيقٍ؟ فَلَمْ يُحَقَّقْ سِوى 5 ٪ مِنْ تُراثِنا الفكريِّ. أيُّ أُمَّةٍ تفعلُ ذلكَ بِإرْثِها؟ إنَّ التاريخَ يُمثلُ بُعداً مُهِمًّا مِنْ أبعادِ قراءةِ "نَقْلِ العلومِ إلى العَربِ ومِنَ العربِ"... وبُعْدٌ آخرُ لا يَقِلُّ أهميّةً، هو البُعْدُ التِّقْنِيُّ المَعْنِيُّ بالحاضرِ والمستقبلِ؛ فَحُضُورُ اللغةِ العربيةِ بحُرُوفِها في العالمِ الرقْمِيِّ لَهُوَ شَرْطُ التواصلِ الحضاريِّ والثقافيِّ مَع ماضِينا وحاضِرنا ومُستقبلِنا. والأستاذُ طوماسْ مِيلُو - المشغوفُ باللغةِ العربيةِ وجمالياتِ حُرُوفها - سيُشارِكُنا خلالَ أيّامِ المرويةِ رُؤْيَتَهُ لتعزيزِ مَكانةِ الحرفِ العربيِّ في عالمِ التايبوغِرافيا الرَّقْمِيةِ وضَرورةِ الحضورِ العربيِّ في مَجْمَعِ يونيكود الذي يقومُ بتحديدِ طرائِقَ ترميزِ الحرفِ العربيِّ رَقْميًّا، ومِنْ ثَمَّ، تُحَدَّدُ كيفيَّةُ حضورِ فكرِنا وثقافتِنا في المنَصّاتِ الرَّقْمِيَّةِ كافَّةً. وهذهِ قضيةٌ تتجاوزُ المسألَةَ الجماليَّةَ، بلْ هي قضيةٌ حضاريةٌ وُجُوديةٌ تتصلُ بوجودِ ثقافَتِنا العربيةِ في العالمِ الرَّقْمِيِّ، والاتصالِ الحضاريِّ بيننا وبينَ تُراثِنا. فالخطُّ العربيُّ مرآةُ الحضارةِ العربيةِ، والنّاقلُ لِرُوحِها، إضافةً لِكَوْنِهِ الحامِلَ لثقافَتِها وفِكرِها. واستطرد الفيصل في حديثه مركزاً على انصبَّاب الاهتمامُ الأكاديميُّ في العالم على التِّقْنِيَةِ بما فيها مِنْ تِقْنياتِ الإدارةِ والاجتماعِ، والعلومِ عامةً، خاصةً في حَدِّها التطبيقيِّ، وهَذا بلا شكٍّ أمرٌ مُهِمٌّ. إلَّا أَنَّ هذهِ المعارفَ جميعَها يُمْكِنُ تَسْمِيَتُها بالمعارفِ الكيفيةِ، أيْ إنها تهتمُّ بالسؤالِ: كيفَ؟ ولكنْ، على أَهمِّيَّتِها، لا بُدَّ لنا مِنْ تأكيدِ أهميَّةِ تلكَ التي خَفَتَ بريقُها، وهِي عُلومُ الإنسانِ، وتنحصرُ في كُلٍّ مِنَ التاريخِ واللغةِ بِتَفَرُّعاتِهِمْ، والدينُ -بطبيعةِ الحالِ- على رَأْسِهِمْ. هذهِ العلومُ تهتمُّ بالسؤالِ: لماذا؟ أيِ البحثُ في جَوْهَرِ وكُنْهِ الإنسانِ والكونِ. هذا الهمُّ الوجوديُّ إِنْ أُهْمِلَ سادتْ بربريَّةٌ تِقْنِيَّةٌ ذاتُ صياغةٍ مدنيةٍ وحشيةٍ حديثةٍ،لم يَعْهَدْها البشرُ مِنْ قَبْلُ. كما ويجب علينا أن نصيغ اللغة التقنية بحروفنا وكلماتنا العربية حتى لا تُطمس لغتنا في هذه العلوم. وخِتامًا، فَكُلٌّ مِنّا راوٍ: الملكُ، والأميرُ، والعالمُ، والعالمةُ، والجنديُّ، والجنديةُ، والصانعُ، والصانعةُ، والمعلمُ، والمعلمةُ، يروي بقدرِ ما يرتوي، فَهَلُمَّ إلى إحياءِ ما يكادُ يموتُ في ضمائِرنا مِنْ بَهْجَةِ الوفاءِ لأسلافِنا والعطاءِ لأبنائِنا. ولِيَكُنْ سبيلُنا مضاءً بما سَنَّةُ مولايَ خادمُ الحرمينِ الشريفينِ الملكُ سلمانُ بنُ عَبدِالعزيزِ، حَفِظَهُ اللهُ، وسارَ عَلَيْهِ وليُّ العهدِ صاحبُ السُّموِ الملكيِّ الأميرُ محمدُ بنُ سلمانَ، أيَّدَهُ اللهُ. الحقائق مقلوبة وعقب كلمة الفيصل حاور مقدم الأمسية الدكتور عبدالله حميد الدين مساعد الأمين العام للشؤون العلمية بمركز الملك فيصل للبحوث والدارسات الإسلامية أول المتحدثين في فعالية "لمروية العربية" چورچ صليبا المفكر اللبناني الأصل أستاذ للعلوم العربية والإسلامية في جامعة كولومبيا وفي الجامعة الأمريكية في بيروت"، الذي قال في مطلع حديثه، "رأيت من المفيد أكثر كخدمة للحضارة العربية، أن أعود إلى التاريخ العربي، وأتوقف عند المعطيات التي أفرزت حيثياته، من خلال الاستفادة من خلفيتي التي تأسست على علم الرياضيات، لفك طلاسم العبارات التي أصبحت من مسلمات العديد من مجتمعات العالم، بان اليونانيين هم أصل الحضارة والتراث العالمي، وعلم الفلك والكوزمولوجيا (علم الكونيات) وهو العلم الذي يدرس الكون بمجمله بكل ما فيه من مادة وطاقة ومكان يعيش فيه الإنسان ويتفاعل معه". وجزم صليبا بأن الحقائق مقلوبة، مبيناً أن الحقيقة المحضة تقتضي بأن يكون الأصل الذي استقت منه الكثير من الشعوب والحضارات عناصرها تعود لأمجاد وتراث العرب الفلكي والرياضي والعلمي والطبي، مستفيداً من تحوله من علم الرياضيات إلى علم الفلك الرياض، للتوصل وإيجاد معلومات حقيقية ذات صلة بهذا المجال حتى يصل إلى حقيقة النسبة والانتساب إلى العلوم والفلك وعلاقتها بتاريخ وعلوم العرب. وبين أن بعض الشباب العربي عندما يسمع عن تاريخ وتراث أجداده بطريقة صحيحة يكادوا يصابوا بالانهيار والذهول من هول ما سمعوا حول تراث وتاريخ وعلوم اجدادهم وفضلها على حضارة وعلوم العديد من الحضارات القديمة بما فيها اليونانية والرومانية وغيرها، مشددا على ضرورة الاطلاع على التاريخ والتراث العربي بشكل صحيح والقراءة للكتب والمؤلفات المعروفة في كثير من مكتبات العالم يقفوا على الحقائق. وشدد صليبا على ضرورة الاطلاع على المؤلفات التاريخية الأصلية الحقيقة لكبار المؤلفين العرب سيجد الكثير مما هو غائب عن ذاكرتهم الآن، كما سيجد في كثير من مؤلفات ومراجع وعلما العالم في كثير من دول العالم صاحبة الحضارات المزعومة، سيجد أنهم يذكرون بشكل أو بآخر جذور الحقائق التي توصلوا بها ويؤكدون نبتها إلى العرب وحضارتهم وعلومهم وتراثهم وتاريخهم ولفت إلى أن المخطوطات التي ما زالت قابعة في مكتبات العالم من اسكتلاندا إلى جنوبالهند ومن أسبانيا إلى أدغال إندونيسيا توصلت من خلالها إلى قانون سميته"قانون صليبا للحضارة العربية"، وهو حيثما كان هناك مسلم فهناك جامعة وحيثما كان هناك جامعة كانت هناك مكتبة مرفقة بها، بمعنى أينما كان وجود إسلامي على أي مستوى ستجد التاريخ والحضارة والتراث العربي قابع في المكتبات التي تكتنز بها جامعات تلك البلدان بعيدة كانت أو قريبة. ونصح صليبا الأجيال الجديدة بضرورة الوقوف على حقائق تراثهم وتاريخهم وحضارتهم بأنفسهم من أمهات الكتب والمؤلفات الصحيحة وحذرهم من اجترار ما يقول بها بعض الآخرين من شعوب الدنيا وعلمائهم وكتابهم الذي يحاولون انتساب كل الفضائل التراثية والعلمية والفلكية والتاريخية زورا إلى حضاراتهم وتراثهم، مستفيدين من غياب الحقائق في ظل الانكفاء بعيدا عن الاطلاع والقراءة المتعمقة، مشيرا إلى أنه ليس هناك مستقبل لأي حضارة ما لم تقف وتنظر وتعود لجذور تاريخها وتراثها وحضارتها، وإلا أنها ستنتهي وستموت أو تصبح حضارة منسية. ولفت صليبا إلى ما فعلت أوروبا في القرن السادس عشر عندما نشأة حضارة العصر الحديث، حيث أنهم التهموا ما وقع بين ايدهم من حضارة وتراث وتبنوها وقالوا انها تاريخهم وحضارتهم، شارحاً مشكلات السردية التاريخية، حيث يعتقد بأن هناك أعجوبة لم تحصل في الحضارات العالم وهي أعجوبة الحضارة اليونانية، مفندا هذه الأسانيد، مبينا أن اشاعة محاولة اللصاق حادثة محاربة عالم الفلك الايطالي جاليليو بأنها كانت من قبل الكنيسة الكاثوليكية مجرد افتراء. ونوه صليبا بمثال نظرية فيثاغورث التي أتكا عليها علماء اليونان واعتبروها من صنعهم وأنها أعجوبة علوم اليونان للعالم، بينما الحقيقة المحضة أن هذه النظيرة بحذافيرها موجودة أصلا في العلوم العربية والتاريخ يؤكد ذلك، مستغربا محاولة انتساب نقل هذه العلوم من اليونان إلى العرب في العصر العباسي؟ متسائلا لما تم ذكر نقلها في العصر العباسي بالتحديد؟ واوضح أن الذين يدعون إلى هذه الفرضية اليونانية، كانوا يؤمنون بأن الحضارة العباسية لم تكن حضارة عربية قحة كما كانت الحضارة الأموية، مبينا أن الحضارة العباسية هي التي أدخلت العنصر الفارسي في المكون الحضاري وقتها، غير أن العصر الأموي ازدهرت فيه العلوم والحضارة العربية وأصبحت هي امتداد لجذورها العربية في قلب أوروبا والعالم من حولها. دور العرب في الحضارة الإنسانية من جانبه ثمّن معالي الدكتور أحمد الضبيب مدير جامعة الملك سعود سابقاً، تنظيم مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية أيام "المروية العربية" خلال الفترة من 7 إلى 9 شعبان 1444ه وقال الضبيب ل"الرياض" إن هذه الفعالية تعد بداية مهمة وجيدة لوضع إستراتيجية عربية واضحة المعالم ترتكز على إعادة الحق إلى أصحابه بالنسبة إلى الإسهامات العربية ودورها في الحضارة الإنسانية. وتابع :"سعدت الليلة بتدشين مثل هذه المؤتمرات حول العلوم العربية والمروية العربية، ولا شك أن تنظيم مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية لها، يهدف إلى إعادة النظر والبحث في العديد من القضايا المتعلقة بالمروية العربية والحقوق العربية والتاريخ العربي". وأكد د. الضبيب أن "هذه خطوة جيدة جداً ونرجو أن تؤتي ثمارا طيبة تسهم في رقي الفكر العربي والأمة العربية"، مضيفا: لا شك أن الأجيال الحالية وأجيال المستقبل بحاجة إلى معرفة تاريخها تعزيزا لهويتها وشخصيتها العربية وحتى تكون على علم بما قدم الأسلاف من جهود وإسهامات كبيرة في الحضارة بشكل عام وأننا كنا فاعلين منذ ذلك الوقت". من جهته، أكد عبدالرحيم بن مطلق الأحمدي رئيس دار المفردات للنشر والتوزيع والدراسات وكاتب وأديب أن مشروع"المروية العربية"، ذات أهمية ودلالة كبيرة جدا بكم أنها تركز على التراث العربي الصحيح، ولذلك فإن هذا المشروع الذي يتبناه مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، لها فضل في كثير من النشاطات والدراسات المتعلقة بالتراث والأدب والفكر والثقافة والحضارة. وشدد الأحمدي على ضرورة العمل على بذل الجهود التي تمكن مشروع المروية العربية إلى الخروج إلى حيز الوجود، حتى يكون متاحا للجيل الحالي والأجيال القادمة، لأنه يعيد للمجتمع العربي برمته الكثير من الحقائق ومفردات التراث المتعلقة بحياة وحضارة العرب، متوقعا أن يعمل هذا المشروع إثراء المكتبات العربية، بمؤلفات ودراسات حيوية ترتبط بتاريخ وتراث العرب ويعتقد الأحمدي أن مشروع المروية العربي، بجانب أهميته الكبيرة جدا، إلا أن أتى في الوقت المناسب، يتلافى ما أضاعه الزمن الغابر من حفظ وتوصيف صحيح للتراث العربي، متوقعا بأن يعزز هذا المشروع الذاكرة التاريخية للعرب والتعرف على ماضيهم وتراثهم. وأهاب، بأن يمضي مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية قدما إلى إكمال هذا المشروع الذي وصفه بالضخم، بجانب مشاريع كبيرة أخرى تتصدى لها، تتحمل عبء إعادة التاريخ والأمجاد إلى وضعها الطبيعي الحقيقي، مشيراً إلى أن المكتبات العربية في حاجة ماسة لمخرجات مثل هذه الانشطة الرفيعة على حدّ تعبيره. وتأتي هذه الفعالية - أيام المروية العربية نقل العلوم من العرب وإلى العرب: إشكالات المروية الكلاسيكية-احتفاء بيوم التأسيس للمملكة العربية السعودية، الذي ينظمه المركز بشكل سنوي بالتزامن مع يوم التأسيس، كمبادرة من مبادرات "المروية العربية". ويتم خلال هذه الاحتفالية -التي تستمر ثلاثة أيام- استضافة نخبة من الباحثين العالميين، لإلقاء محاضرات، وعقد ورش نقاش مكثفة، بهدف إقامة حوارات وبناء صلات فكرية وبحثية، وتشجيع التبادل الثقافي والفكري، والتأصيل المعرفي للعمق التاريخي والحضاري والثقافي للجزيرة العربية. الأمير فيصل بن بندر خلال حضوره (عدسة/ بندر بخش) جانب من الحضور الأمير تركي الفيصل خلال حديثه في الأمسية د. عبدالله حميد الدين يحاور الباحث جورج صليبا